جائزة «غونكور» الأدبية... للكاتب الجزائري كمال داود

نشر في 07-05-2015 | 00:01
آخر تحديث 07-05-2015 | 00:01
No Image Caption
«مورسو: تحقيق مضاد»... حكاية الضحية في رواية ألبير كامو
بعد 71 عاماً من رواية "الغريب" لألبير كامو، بنى كمال داود روايته على "خطاب مضاد" من خلال "هارون" شقيق "العربي" الذي قتله مورسو.

نال الكاتب الجزائري كمال داود جائزة "غونكور" للرواية الأولى عن "مورسو كونتر أنكيت" أو "مورسو: تحقيق مضاد"، حسب ما أعلنت اللجنة الخاصة بهذه الجائزة الأدبية، وفق الوكالة الفرنسية للأنباء.

وللروائي البالغ من العمر 44 عاماً مجموعتان قصصيتان Ô Pharaon وMinotaure 504، وكان قد أعرب علناً عن خيبة أمله بعدم نيله جائزة "غونكور" الخريف الماضي، حتى نالت الرواية جائزة فرانسوا مورياك للأكاديمية الفرنسية سنة 2014، وجائزة القارات الخمس التي تسلمها المنظمة الدولية للفرانكوفونية، وجائزة إيسكال الأدبية للجزائر العاصمة التي يسلمها كتاب وصحافيون جزائريون وفرنسيون قبل جائزة "الغونكور" أخيراً.

وستصدر الترجمة باللغة الإنكليزية لرواية "مورسو... تحقيق مضاد" في يونيو القادم بنيويورك عن دار النشر "أوذر برس"، وتم إنجاز هذه الترجمة التي تحمل عنوان "ذو مورسو إنفستيغايشن" من قبل جون كولين مترجم الفرنسي فيليب كلودل، والذي تحصل سنة 2010 على جائزة "إنديبندت فورين فيكشن برايس" التي تمنحها سنوياً الجريدة البريطانية المشهورة "ذي إنديبندت".

وصرح كمال داود خلال تسلمه الجائزة في باريس "لست كاتباً تحصر مسيرته في كتاب واحد، خلافاً للأفكار السائدة، لأن ذلك يؤدي في نظري إلى آفتين، إما الغرور أو حرب الديانات".

العربي المغيب في «الغريب»

وبنى داود روايته كلها على "خطاب مضاد" لرواية ألبير كامو "الغريب"، الذي قتل فيها البطل شخصا جزائريا لم يزد على وصفه بـ"العربي"، ليسرد "التحقيق المضاد"، حكاية القتل على لسان أخ الضحية، ويتطرق بذلك إلى كثير من القضايا المتعلقة بالاستعمار الفرنسي والسياسة الجزائرية الداخلية ونقد ظواهر اجتماعية.

 وقال الكاتب والناشر سفيان حجاج: "إنها المرة الأولى التي ينشر فيها كاتب جزائري في الجزائر أولاً ثم يرشح لأهم جائزتين أدبيتين في فرنسا"،  معتبراً أن أهم ما في هذا الترشيح شجاعة داود في فتح جراح الذاكرة الجزائرية الفرنسية بالعودة إلى مناخ رواية ألبير كامو "الغريب"، من زاوية ترسم ملامح شخصية الإنسان العربي الذي غيبته الرواية، حيث يستحضر داود من خلال عمل متخيل شخصية هارون شقيق "العربي" ليحكي روايته للجريمة من وجهة نظر جزائرية، ليضمنها معاني متمردة جديدة.

وجاءت فكرة الرواية كما صرح داود لإحدى الصحف عند نشرها العام الماضي: لقد وُلدت تلك الفكرة نتيجةَ التضايق من سماع السؤال نفسه من قبل الفرنسيين: "هل كامو لكم أم لنا؟ وهذا ما دفعني إلى أن أحاول، في مادة نشرت في زاوية صحافية، أن أتخيل الشخصية الأخرى، في المكان الممتنع عن الرؤية في "الغريب".

وشرح داود الفكرة أكثر في ذلك النص حين كتب "كيف يارب يمكن لأحدٍ أن يقتل شخصاً وأن يسلبه حتى موته؟ إنه أخي الذي تلقى الرصاصة"، إضافة إلى: إنه موسى، وليس مورسو... إنه أخي. هذا ما كنت أريد أن أصل إليه. أن أحكي لك ما لم يتمكن موسى قط من أن يحكيه لك، حيا أو قتيلا".

رواية متمردة على الموت

 وأثارت رواية كمال داود -التي طبعت أولا في الجزائر بمنشورات البرزخ (2013) ثم منشورات "آكت سود" الفرنسية (2014)- جدلا كبيرا في الجزائر، بسبب تعرضها لتابوهات ألهبت الصراع حول الهوية الجزائرية في بعدها العربي الإسلامي، ما وصل إلى مطالبات بإعدامه، بتهمة التطاول على "الثوابت الدينية"، وذلك عبر فتوى لمسؤول تنظيم جبهة الصحوة السلفية بالجزائر (غير معتمد من طرف الحكومة) عبدالفتاح زيراوي حمداش بتكفير الروائي الجزائري كمال داود والمطالبة بإعدامه علناً، فضلا عن ردود فعل مستنكرة وغاضبة من المثقفين، ودعا بعضهم إلى التضامن مع الكاتب حماية لحرية الرأي والإبداع.

وأثارت فتوى حمداش عاصفة من الانتقادات الغاضبة بين أوساط المثقفين، واعتبروها إيقاظا لـ"جراح اغتيال الكثير من الكتاب والمبدعين الجزائريين سنوات التسعينيات" وعودة إلى الوصاية باسم الدين.

إسلام النور... لا إسلام الذبح

ولم تخرج المواقف المستنكرة أولا من النقد الأدبي والأكاديمي لجوانب الرواية، وبعض النقد الثقافي باعتبار الرواية "متجاوزة للخطوط الحمراء وقفزا على الهوية الجزائرية بثالوثها المقدس: الدين والتاريخ واللغة".

إلا أن التصريحات التلفزيونية لكمال داود لفتت أنظار المتشددين الذين أخضعوا الرواية لمجهر الدين ووضعوها في ميزان الكفر والإيمان، حيث اشتعلت الأحداث بعد عرض برنامج على التلفزيون الفرنسي، حل فيه الكاتب الجزائري كمال داود ضيفاً على برنامج "لم ننم بعد" وتحدث عن مواقفه من قضايا الدين واللغة والانتماء نهاية العام الماضي.

 ورداً على سؤال لمقدم الحلقة بشأن اعتقاده بوجود هوية عربية أجاب "لم أشعر بنفسي يوما عربيا"، وكشف أن "هذا الحديث عادة ما يسبب له هجمات تمس شخصه"، ليؤكد أنه "جزائري وليس عربيا"، لأن العروبة ليست جنسية، واعتبر أن "العروبة احتلال وسيطرة".

وبخصوص موقفه من الدين اعترف داود بأنه كان إسلاميا في بداية شبابه بسبب غياب بدائل ايديولوجية أو فلسفية لدى الجزائريين، وأضاف أن "الشاب الجزائري يجد نفسه مجبولا على الإسلاموية منذ صغره باعتباره فكرا شموليا".

وقد رفع الكاتب الصحافي الجزائري كمال داود شكوى ضد الداعية السلفي الذي أطلق فتوى ضده بتهمة التطاول على الإسلام، وصرح في حوار حصري أجراه مع فرانس 24 أنه "متدين"، وقال إن "الدين أخذ 90 في المئة من تكويني الفلسفي والفكري"، لكنه حذر من أن "إسلام النور والعلم" غير ما أسماه "إسلام القنابل والذبح".

«غونكور» للأعمال الأولى

تمنح جائزة "غونكور الرواية الأولى" للروائيين الواعدين، وتنافس فيها جنبا إلى جنب مع الكاتب الجزائري كل من ميغال بونفوا عن رواية "رحلة أوكتافيو"، وكيكو هيريرو عن رواية "الهرب لمن استطاع يا مدريد"، وجان نويل أورينغو عن روايته "زهرة رأس المال".

وسلمت هيئة التحكيم الخاصة بجائزة "غونكور" العريقة جائزة الأقصوصة إلى باتريس فرانشيسكي (60 عاما) عن "بروميير بيرسون دو سانغولييه"، فضلا عن جائزة الشعر إلى وليام كليف.

back to top