سقطت غرناطة... ويبقى قصر الحمراء

نشر في 16-05-2015
آخر تحديث 16-05-2015 | 00:01
 د. أفراح ملا علي تحديداً في مدينة غرناطة الإسبانية، وعند التنزه في جنة العريف التابعة لقصر الحمراء، تعود بنا الذاكرة إلى قرون مضت، ففي عام 711م فتح الأمويون مدينة يسميها اليهود ايبيريا، والمسيح الفيرا، ويطلقون عليها اسم غرناطة، والتي تعني الرمانة باللاتينية، والتي أصبحت في ما بعد عاصمة للخلافة الإسلامية، مما جعل اليهود يؤسسون مجتمعهم الخاص على أطراف المدينة، ولقبوها بغرناطة اليهود، ثم اكتمل فتح غرناطة سنة 713م، أي بعد دخول طارق بن زياد مع الجيوش الإسلامية بسنتين فقط!

صراعات داخلية عديدة عصفت بالخلافة الإسلامية داخل غرناطة أدت إلى تدمير المدينة سنة 1010م، ولكن تم إعادة بنائها، وفي سنة 1013م تولى بنو زيري حكم غرناطة فأصبحت إمارة مستقلة، وعند الاستيلاء على قرطبة سنة 1238م أصبح أمراء بني الأحمر مستقلين بإمارة غرناطة ليؤسسوا أطول خلافة إسلامية في الأندلس.

وفي الثاني من يناير عام 1492م يقوم أبو عبدالله محمد الثاني عشر بتسليم مفاتيح مدينة غرناطة إلى الملوك الكاثوليك وينتهي حكم المسلمين للأندلس منذ تلك اللحظة بعد سن شروط معاهدة الاستسلام، والتي أطلق عليها "مرسوم الحمراء"، وتنص على أن يستمر المسلمون في ممارسة دينهم وعاداتهم والحفاظ على الدين، ولكن في 1501م ألغي هذا المرسوم، وتم إجبار اليهود والمسلمين على الرحيل أو التحول إلى المسيحية.

بعد انتهاء حكم المسلمين في الأندلس، بمدينة شعارها الرمانة، والتي جمعت بين الثقافات المسيحية واليهودية والإسلامية بتعايش سلمي غير معهود، بقي قصر الحمراء شامخاً، ليندرج ضمن مواقع التراث العالمي من قبل اليونيسكو.

بين جنة العريف وبهو الأسود ونقوش "لا غالب إلا الله"، التي تزين جدران القصر، نصل إلى صالة "بني سراج"! ولكن من هم بنو سراج؟ ولماذا سميت تلك الصالة على اسمهم؟

تروي لنا الحكاية أن بني سراج كانوا من عائلة نبيلة، ولهم مناصب في دولة بني الأحمر، ولكنهم قُتِلوا جميعاً في تلك الصالة، ويقدر عدد رجالهم بـ37 شخصاً، قطعت رؤوسهم فيها، لهذا سميت بصالة "بني سراج".

كان السبب أن أحدهم أحب فتاة من بني أحمر، وحاول تسلق النافذة التي تطل منها الأميرة، بينما يقول البعض إنها كانت خطة لقتلهم وإشعال الفتنة بينهم وبين الملقب بالمستعين من بني الأحمر، ولا يعرف التاريخ والمؤرخون الكثير عن بني سراج، ولم يتم تدوين ما حصل لهم، لهذا فإن تلك الحادثة لا تعتبر حدثاً تاريخياً من أحداث هذا القصر الرائع، بل حكاية من الحكايات العديدة التي تسرد.

يقول شاعر المرأة نزار قباني:

قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا

فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي

 أمجادها؟! ومسحتُ جرحاً نـازفاً

 ومسحت جرحاً ثانيـاً بفـؤادي

 يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـت

أن الـذين عـنتـهمُ أجـدادي

ودمتم بحب وعشق غرناطي.

back to top