في وداع والدي أحمد الحوطي

نشر في 12-01-2015 | 00:01
آخر تحديث 12-01-2015 | 00:01
انتقل إلى رحمة الله تعالى والدي أحمد عبداللطيف الحوطي في 12 سبتمبر 2014م

لقد كان رجل دولة في المجال الأمني الكويتي، سطر بحروف من نور أداء متميزا منذ عام 1952م وحتى منتصف الثمانينيات. تدرج في المناصب الأمنية بإخلاص وتفان، وتميز بالخبرة الغزيرة والتجربة العميقة والأداء الإنساني.

يذكره جبل عريض عمل معه، وتبعه جبل آخر من منتسبي وزارة الداخلية من مدنيين وعسكريين. ورغم مآثره الواسعة، هناك إضافة الى ما لا يعرفه إلا قليل من الناس، ذلك أن والدي كان ضليعا باللغة العربية، فقد كان أول من قرأ أشعاري وصححها، حيث وصل ببلاغته وسعة قراءاته وحفظه للشعر العربي الفصيح مبلغا يكاد يكون فيه مراجعا لغويا للغة العربية.

أنت الوفاء

شجر جنيت الموت من ثمراته

وجمعت ما جمّعت من حسراته

لا عود أحمد منك إلا ذاهب

ما قربها الأقدار من أنفاسه

مَن هلّ يقرأ في سطور كتابه

ظن الكلام كما الجمال بآيه

تلك القلوب الصابرات على النوى

لا تملك الأعذار عن آجاله

فحملت ما للفقد من أقواته

أتجرع الزفرات وقت حصاده

أبكي فصرت لما سكبت بمدمعي

أثر حفرت أمرّ من عبراته

أنت الوفاء وجامع صناعه

أنت الوداع وتابع رحّاله

أحمد: هو اسم والدي، رحمه الله وغفر له

وكلما عنت الذاكرة وحنت أوتار القلب متذكرة شيئا جميلا وفعلا خيرا قام به والدي، الذي ترك الدنيا ببصمات ليديه ظلت محفورة في رأسي، وجعلتني أحمل قيمة الأشياء النبيلة بين أضلعي. مازلت أذكر كلمات الحب وذكريات الود التي كبرت معي وتوالت على مراحل عمري وأنا معه. فمكانك في القلب يا والدي، ولك الدعوات كثيرا وأبدا.

لم أجن من فرح عليك فلا تمت

روحي فداك، ذهبت أم لم تذهب

عطفا على وجعي وما أبقيت لي

ثمر الأسى، عارضت نزع المولد

وبما جرى من موقف الخسران من

ألم الردى، عانيت هول المشهد

لم أسع فيه أسى وقلبي من يعي

يا وحشة المسعى إذا لم يُسعد

ما لي سوى حزني ومالك جفنه

يا سار في روح المنام وشاهدي

إثمي وكيف يلام من لم ينطق

ما لي سوى صبري ووجدي المجهد

رحم الله أبا لي علّمني كيف أحبو وكيف أخطو. رحم الله أبا لي علمني كيف أنطق وأنفق وأتصدق.

رحم الله أبا لي علمني كيف آكل وأتوكل. وعلمني كيف أقرأ وأبرأ. وكيف أسجد وأتهجد، رحم الله أبي أحمد.

اللهم أسألك لوالدي رحمة لكل بر أصاب به موقع. وأسألك تعالى ألا تجعل له سبيلا إلى نورك إلا وشملته فيه بين كرام خلقك.

المجد في رجل

يا صاحب اللحد كم للروح من أسف

أمرّ من حسرات الشاعر الوجل

لاح الممات وما أدركت من أجل

وكم تمثّل روح المجد في رجل

سعى إليك به التوديع فاحتسبي

جوامع الدار من فارقت فامتثلي

يا معقد اليوم والأمس الذي عرفوا

رمزا من الحب أو ذكرى من الأمل

أغنى الشمائل من ميراث جوهره

لا ينتهي ذكره يوما إلى مثل

باقٍ جميل النهى واللب والسّير

جلال ملتحف الأكفان مرتجل

هذا نزيلك للّحد الذي سلكت

مواكب السّحُب البيضاء في النزل

ذكراك في القلب أحناء مضرَّمة

لا يعصم الحزن منه معصم الأجل

(شعر: عواطف أحمد الحوطي)

back to top