السعودية: مستعدون لقبول 80 دولاراً للبرميل مدة عامين

نشر في 15-10-2014 | 00:01
آخر تحديث 15-10-2014 | 00:01
No Image Caption
تعمل السعودية بهدوء على إبلاغ المتعاملين في أسواق النفط بأن الرياض لا تنزعج من استمرار الانخفاض الملحوظ في أسعار الخام لفترة طويلة، ما يمثل تحولا صارخا في سياسة المملكة قد يكون الهدف منه إبطاء وتيرة توسع منافسين من بينهم منتجو الخام الصخري في الولايات المتحدة.

ويدعو بعض أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، من بينهم فنزويلا إلى خفض عاجل للإنتاج، من أجل دفع الأسعار العالمية للصعود مجددا فوق 100 دولار للبرميل.

لكن المسؤولين السعوديين بعثوا رسالة مختلفة خلال لقاءات خاصة مع مستثمري ومحللي أسواق النفط في الآونة الأخيرة، مفادها أن المملكة، وهي أكبر منتج للنفط في «أوبك»، مستعدة لقبول سعر يقل عن 90 دولارا وربما يصل إلى 80 دولارا لفترة قد تمتد إلى عام أو عامين، بحسب مصادر اطلعت على المناقشات الأخيرة.

استراتيجية قديمة

وتعكس المناقشات، التي أجري جانب منها في نيويورك خلال الأسبوع الأخير، أكثر المؤشرات وضوحا حتى الآن على أن المملكة تنحي جانبا استراتيجيتها القديمة التي تعمل بموجبها على إبقاء سعر خام برنت قرب 100 دولار للبرميل، سعيا للحفاظ على حصتها بالسوق في السنوات المقبلة.

وقالت المصادر، التي طلبت عدم ذكر أسمائها نظرا لسرية المناقشات، إن السعوديين باتوا يراهنون في ما يبدو على أن انخفاض الأسعار لفترة -بما قد يؤثر سلبا على ماليات بعص أعضاء اوبك- سيكون ضروريا لتمهيد السبيل لجني إيرادات أعلى في الأمد المتوسط من خلال تقليص الاستثمارات الجديدة والحد من الزيادة في الإمدادات من مصادر أخرى مثل النفط الصخري في الولايات المتحدة أو المياه العميقة.

ولم يطرح المسؤولون السعوديون خلال المناقشات الخاصة تصورا عما إذا كانت المملكة ستوافق على خفض الإنتاج أو حجم هذا الخفض، وهي خطوة يتوقع كثير من المحللين أن تدعم السوق العالمي الذي ينتج كميات أكبر بكثير من حجم طاقته الاستهلاكية. وتضخ السعودية نحو ثلث إنتاج «أوبك» من النفط، ويقدر إنتاجها بنحو 9.7 ملايين برميل يوميا. وقال أحد المصادر إن مسؤولا سعوديا سئل عن خفض إنتاج المملكة في المستقبل فأجاب: «أي خفض؟».

ولم يتضح إن كان ما أبلغت به السعودية مراقبي سوق النقط يمثل نهجا جديدا تلتزم به أو محاولة لإقناع أعضاء آخرين في أوبك للانضمام للرياض في تقليص الإمدادات مستقبلا.

وذكر مصدر لم يشارك في المناقشات مباشرة ان المملكة لا تريد بالضرورة أن تواصل الأسعار انخفاضها، لكنها لا ترغب في تحمل عبء خفض الإنتاج وحدها، وهي مستعدة لقبول انخفاض الأسعار حتى يتعهد أعضاء آخرون في أوبك بالتحرك.

قلق «أوبك»

ومن المتوقع أن يكون الاجتماع المقبل لأوبك في 27 نوفمبر هو الأصعب منذ سنوات، نظرا لعدم قدرة معظم الأعضاء الآخرين على خفض الإنتاج أو لعدم رغبتهم في خفضه.

ولم تقر «أوبك» خفض الإنتاج إلا بضع مرات في العقد الأخير، آخرها في أعقاب الأزمة المالية عام 2008. ويوم الجمعة أضحت فنزويلا -وهي من أكثر أعضاء أوبك تأثرا بالأسعار- أول دولة تطالب علنا بتحرك عاجل حتى قبل الاجتماع الدوري. وقال وزير الخارجية رفاييل راميريز: «لن يستفيد أحد من حرب الأسعار أو هبوطها عن 100 دولار للبرميل».

ويبدو ان وزير النفط الكويتي علي العمير كان أول من يوضح التوجه الجديد للسعودية أكثر الأعضاء نفوذا في أوبك، إذ قال يوم الأحد إن خفض الإنتاج لن يسهم كثيرا في تعزيز الأسعار في مواجهة زيادة الإنتاج من روسيا والولايات المتحدة.

ونقلت «كونا» عن العمير قوله إنه لا يعتقد أن هناك مجالا في الوقت الحالي لأن تخفض دول أوبك إنتاجها، مضيفا ان الأسعار قد تنحدر إلى 76 أو 77 دولارا للبرميل، وهي تكلفة الإنتاج في دول من بينها الولايات المتحدة، حيث أدت طفرة النفط الصخري لبلوغ الإنتاج أعلى مستوياته منذ الثمانينيات.

ولم يدل مسؤولون سعوديون بتصريحات علنية عن انحدار الأسعار، ولم يجب مسؤولون سعوديون عن تساؤلات «رويترز» بشأن اللقاءات الأخيرة.

لا مفاجأة في 90 دولاراً

انخفض مزيج برنت في العقود الآجلة بشكل مطرد على مدار أربعة أشهر تقريبا، ونزل 23 في المئة عن مستوى مرتفع فوق 115 دولارا في يونيو مع انحسار المخاوف من تعطل إمدادات الشرق الأوسط وفي ظل طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة وبوادر على تراجع الطلب من أوروبا والصين.

وحتى وقت قريب دأبت الدول الخليجية الأعضاء في أوبك على وصف هبوط الأسعار بأنه ظاهرة مؤقتة، مراهنة على أن الطلب الموسمي في الشتاء سيعزز الأسعار. لكن عددا متزايدا من المحللين باتوا ينظرون إلى الهبوط الأخير على أنه أكثر من كونه تراجعا موسميا، ويقول البعض إنه بداية تحول مهم إلى فترة طويلة من الوفرة النسبية في المعروض. ويبدو أن السعودية تهيئ المتعاملين لتحول كبير في الأسعار بدلا من محاربة هبوط الأسعار وتخليها عن حصتها في السوق في مواجهة منافسة متزايدة. وقال أحد المصادر إن السعوديين يريدون من العالم أن يدرك أنه «يجب ألا يندهش أحد» من انخفاض الأسعار عن 90 دولارا. ولمح مصدر آخر إلى أن مستوى 80 دولارا قد يكون حدا أدنى مقبولا للمملكة رغم أن بعض المحللين الآخرين يقولون إنه يبدو منخفضا جدا.

ويقترب متوسط سعر برنت من 103 دولارات منذ عام 2010، وتراوح معظم الوقت بين 100 و120 دولارا. وفي حين أن المناقشات الأخيرة هي أكثر الجهود إبرازا للتغير في الاستراتيجية السعودية حتى الآن إلا أن المؤشرات المبكرة أثارت قلقا بالفعل في سوق النفط. وفي مطلع أكتوبر خفضت المملكة سعر البيع الرسمي لنفطها أكثر من المتوقع، سعيا للاحتفاظ بعملائها في آسيا، في خطوة اعتبرت على نطاق واسع شرارة حرب أسعار لجذب عملاء في آسيا.

واكد مستشار الرئيس السابق جورج دبليو بوش رئيس مجموعة رابيدان لاستشارات الطاقة روبرت مكنالي في مذكرة للعملاء بعد زيارة للسعودية الشهر الماضي ان السعوديين «سيقبلون بانخفاض الأسعار الضروري لأي تخفيضات لازمة في الإنتاج، لتحقيق توازن في السوق في مواجهة قطاع النفط الصخري الأميركي».

(رويترز)

back to top