حرب العملات تدخل آفاق الخيارات الصعبة

نشر في 28-02-2015 | 00:01
آخر تحديث 28-02-2015 | 00:01
No Image Caption
 Mark Gilbert مع هبوط معدلات الفائدة إلى مستويات شديدة الغرابة، وزيادة ميزانيات البنوك المركزية من خلال المبالغ النقدية المتراكمة عبر عوائد بيع عملاتها في سوق الصرف، سيضطر صنّاع السياسة إلى ولوج آفاق الخيارات الصعبة.

أسهمت السويد أخيراً في تصعيد حرب العملات من خلال انضمامها إلى الدنمارك وسويسرا والبنك المركزي الأوروبي في تطبيق معدلات فائدة سلبية، ومع تفاقم هذه المعركة، بدأ البعض من المتعاملين في الأسواق يتحدث عن إجراءات رقابة على رأس المال على شكل خيار مدمّر محتمل بالنسبة إلى بنوك مركزية كانت عقدت العزم على الفوز في السباق نحو بلوغ الحد الأدنى من معدلات صرف العملات الأجنبية.

وطرح بنك ريسك السويدي الأسبوع الماضي، ما وصفه بـ"سياسة نقدية توسعية" بقدر أكبر، وخفض معدلات إعادة الشراء إلى - 0.10 في المئة، مخفضاً المعدل من الصفر، ومعلناً عن برنامج لشراء السندات.

وتنبأ ثلثا الاقتصاديين الـ19 الذين شملهم استطلاع "بلومبيرغ نيوز" بعد حدوث تغيير في معدلات الفائدة، ويساوي الدولار الأميركي في الوقت الراهن 8.5 كرونات سويدية وقبل سنة كان يعادل أقل من 6.5.

واليوم، بات من غير المنطقي بصورة متزايدة التحدث عن "مفاجأة" في خفض معدلات الفائدة، نظراً إلى أنه يحدث بوتيرة سريعة، وكما يقول زميلي سايمون كيندي، فإن البنوك المركزية تفتح أبوابها الآن طوال الوقت، وتمّ تجاهل مواعيد السياسة النقدية الرسمية مع طرح تقييمات جديدة.

وذات مرة في تاريخ الاقتصاد – قبل عامين في حقيقة الأمر– كانت البنوك المركزية تتحدث عن معدلات فائدة عند درجة الصفر، وكيف يمكن أن تصبح الأمور مخيفة في عالم معدلات الفائدة الصغيرة للغاية، ولم يعد ثمّة وجود لمثل تلك العوائق.

وعمدت الولايات المتحدة أخيراً إلى توجيه ضربة انتقامية ضد صعود الدولار الذي حظي بقوة وصلت إلى 16 في المئة مقابل سلة من العملات.

وفي مقابلة أذاعتها قناة "إن دي تي في" التلفزيونية الهندية الأسبوع الماضي، قال وزير الخزانة الأميركي جاك لو، إنه سوف يعارض خطوات خفض قيمة العملة بهدف تحسين الصادرات في الولايات المتحدة.

وتجدر الإشارة إلى وجود فارق كبير بين الدول التي تستخدم الأدوات المحلية من أجل أغراض داخلية وتنمية اقتصادها، بحسب ما اتفقنا عليه في المجتمع الدولي واستخدمته الولايات المتحدة في برنامج التيسير الكمي على سبيل المثال، وبين استهداف العملات بغية تحقيق تقدم تجاري غير عادل.

وتقوم البنوك المركزية بتخزين ذخيرة إضافية من أجل حرب العملات، وقالت سويسرا والدنمارك والسويد إنها تنظر إلى مزيد من الخفض في معدلات الفائدة من أجل منع المستثمرين من الاحتفاظ بأموالهم، من دون النظر إلى التأثيرات المدمرة التي سوف تلحق بالموفرين المحليين.

وتسعى الدنمارك بصورة يائسة للدفاع عن ارتباطها باليورو الذي أفقد الكرون حوالي 30 مليار دولار منذ بداية هذه السنة، ويتوقع اقتصاديون في الوقت الراهن أن تطبق الدنمارك أدنى معدلات فائدة في العالم خلال الأيام القليلة المقبلة، وقد تصل إلى-1 في المئة أو - 1.25 في المئة.

وإذا لم تحقق معدلات الفائدة والتدخل في سوق العملات الغاية المرجوة، فإن الرقابة على رأس المال – طرح ضرائب وحظر من أجل تنظيم تدفق الأموال إلى داخل البلاد وخارجها – قد ترتقي درجات جدول الأعمال لدى البنوك المركزية اليائسة بشكل متزايد.

قبل ثلاث سنوات، خفّف صندوق النقد الدولي معارضته الحادة إزاء مثل هذه الاستراتيجيات مع إقراره بأن إجراءات إدارة تدفق رأس المال "في ظروف معينة" يمكن أن تكون مفيدة، لكن مع عدم حلولها محل ترتيبات الاقتصاد الواسع.

وفي عام 2009، قال سيباستيان إدوارد وروبرتو ريغوبون، في دراسة حول تجربة تشيلي في تسعينيات القرن الماضي، إن تشديد الرقابة على رأس المال يسهم في خفض معدلات الصرف، ونحن نجد أن قابلية التعرض التي تصيب معدلات الصرف الاسمية من عوامل خارجية تنخفض وتتراجع مع تشديد الرقابة على رأس المال.

وفي مقابلة جرت مع رئيس البنك الوطني السويسري توماس جوردان في السابع من فبراير الجاري مع الاذاعة السويسرية، سُئل ما إذا كان سيطبق خطوة الرقابة على رأس المال، فأجاب: "ذلك ليس إجراء في مقدمة الاهتمام في الوقت الراهن".

ومع هبوط معدلات الفائدة إلى مستويات شديدة الغرابة، وزيادة ميزانيات البنوك المركزية من خلال المبالغ النقدية المتراكمة عبر عوائد بيع عملاتها في سوق الصرف، سوف يضطر صنّاع السياسة إلى ولوج آفاق الخيارات الصعبة، ولذلك لن تكون مفاجأة لنا أن نشهد زيادة في الحديث عن الرقابة على رأس المال في الأسابيع المقبلة، لأن كل شيء مسموح في حرب العملات.

back to top