تقرير اقتصادي: لهذا تدهورت مؤشرات الكويت في السنوات الأخيرة

نشر في 04-06-2015 | 00:04
آخر تحديث 04-06-2015 | 00:04
• غياب مشروع الدولة وضعف ارتباط الإنفاق بالنتائج النهائية
• ازدياد البيروقراطية وغياب الابتكار وضعف القطاع الخاص
بعد أن نجحت الكويت عام 2007 - 2008 في بلوغ الترتيب الـ30 عالمياً في مؤشر التنافسية، بعد أن كانت قبله بعامين في الترتيب الـ49 عالمياً، رجعت في 2014 - 2015 (آخر تقرير) لتبلغ الترتيب الـ40.

كلما صدر تقرير جديد حلت فيه الكويت ضمن مراتب متأخرة عالميا وعربيا وخليجيا، ثار سؤال مهم، وهو «كيف تحقق الكويت هذه المراتب المتدنية في ظل وفرة الانفاق الحكومي على الخدمات والبنية التحتية وغيرهما من السلع؟».

وحسب التقارير التي صدرت خلال الأعوام الأخيرة فإن السواد الاغلب منها يشير الى تراجع مؤشرات الكويت الاقتصادية والتنموية بالمقارنة مع دول يفترض انها لا تملك امكانات الكويت المالية الهائلة، ولعل نتائج لجنة الكويت للتنافسية التابعة للتقرير العالمي للتنافسية تشير بوضوح الى ان الكويت تدهورت خلال السنوات الاخيرة بصورة لافتة على مختلف الصعد، فبعد ان نجحت عام 2007 - 2008 في بلوغ الترتيب الـ30 عالميا في مؤشر التنافسية، بعد ان كانت قبله بعامين في الترتيب 49 عالميا، عادت في 2014 - 2015 (آخر تقرير) لتبلغ الترتيب الـ40 على مستوى العالم.

تراجع مذهل

مؤشر التنافسية (الجدول 1) الذي يقيس اداء نحو 148 دولة في العالم جاء بنتائج سيئة للغاية لا تحققها افقر الدول في 11 من اصل 12 ركناً - باستثناء مؤشر الاقتصاد الكلي المرتبط بالدين الحكومي والتصنيف الائتماني والتضخم - لدرجة ان بعض المؤشرات لا تزال في مرتبة بعد الـ100 عالميا، وتبتعد عن اقرب دولة خليجية بما يعادل 50 مرتبة، بل ان حجم التراجع في بعض المؤشـرات ما بين عام 2013 - 2014 وعـــام 2014 - 2015 مذهل، إلى حد يجعلك تعتقد أن هناك تخريبا متعمدا لمؤشرات الكويت عالميا.

بالطبع لكل ركن مجموعة مؤشرات فرعية تم انتقاء بعضها (الجدول 2) تبين بصورة اوضح حجم التراجع في القطاعات الاكثر انفاقا كالتعليم والصحة والبنية التحتية.

وبالعودة الى سؤال المقدمة: لماذا نتراجع ونحقق أسوأ النتائج ونحن الاكثر انفاقا عالميا؟ ويمكن الاجابة عن هذا السؤال عبر عدة نقاط:

دولة بلا مشروع

- تفتقر الكويت إلى المشروع او الرؤية العامة لمستقبلها، وهذا يتضح من خلال شعار تحويل الكويت الى مركز مالي وتجاري ونتائجه على الاقتصاد منذ اطلاقه قبل 12 عاما، او عبر الحديث المتكرر عن مشروع الصبية ومدينة الحرير، اذ تبين المؤشرات ان الكويت ابعد ما تكون عن تحقيق اي هدف اقتصادي حقيقي، وهذا يتضح مثلاً في تراجع ترتيب مؤشر قوة حماية المستثمرين من 31 الى 68 عالميا خلال عام واحد، وتدني ترتيب شعور رجال الأعمال بالاستقرار من 60 الى 72 عالميا، وحتى التحسن لمؤشر عبء النظم الحكومية واللوائح كان من 145 الـ135 عالمياً، مما يبين عمق الفشل في طرح شعارات افتقرت إلى المشروع او الرؤية ناهيك عن التنفيذ.

تنمية مقاولاتية

- خطة التنمية الخمسية والسنوية السابقة التي أعلن عن فشلها والحالية المعول عليها كلها لا تستهدف ايجاد رابط ما بين ما يتم انفاقه ونتائج هذا الإنفاق، لذلك نرى تراجعات حادة في قطاعات ينفق عليها بمئات الملايين، بل المليارات مثل ترتيب الكويت في جودة التعليم الاساسي الـ104 عالميا او جودة الطرق (48 عالميا) والمرتبة الـ53 عالميا في القدرة على اجتذاب المواهب.

لذلك يمكن أن نلمس اشكالية الفهم في ما نحتاجه فعلا من خطة التنمية، والتي تبين حسب مناقشة مجلس الوزراء للخطة الاسبوع الماضي ان معظمها «مقاولاتي» يرتبط بالانشاءات والبناء - ان تم انجازها - أكثر بكثير من العمل على حل مشكلات الاقتصاد واختلالاته والعمل على ربط الانفاق بالنتائج في تحسين اداء القطاعات وبالتالي المؤشرات.

البيروقراطية وغياب الابتكار

- البيروقراطية من الاسباب الاساسية في كبح نمو ترتيب الكويت في المؤشرات ويرتبط بها طول الدورة المستندية وتدني التكنولوجيا في الاداء الحكومي وبيئة الاعمال، وهذا يتضح من خلال مرتبة الكويت في ركن تطور الاعمال 77 عالميا، او في غياب الابتكار من حيث بلوغ الترتيب 111 عالميا، وهذا المحور مهم جداً في جذب الاستثمارات الاجنبية وخبراتها التكنولوجيا، لذلك كلما تعقدت البيروقراطية وقل الابتكار كان ترتيب الكويت في المؤشرات أسوأ، وهو ما يعبر عنه المؤشر الفرعي الخاص بانتقال الاستثمارات الأجنبية والتكنولوجيا، إذ بلغ ترتيب الكويت 141 عالميا من اصل 148 دولة، او مؤشر سهولة الاعمال 104 عالميا.

تراجع القطاع الخاص

يتضح أن القطاع الخاص على عكس خطط الحكومة يتجه الى الضعف والتراجع، اذ بلغت مساهمته في مجمل النشاط الاقتصادي في عام 2009، ما يوازي 29 في المئة تراجعت في عام 2012 إلى 22 في المئة، حسب ما أعلنته اخر خطة معلنة للتنمية، وبالتالي كلما ضعف حجم القطاع الخاص انخفضت تنافسية الاقتصاد أكثر، وهو، مثلاً، ما يعبر عنه ركن كفاءة سوق السلع 106 عالميا، او مؤشر اجراءات بدء النشاط 131 عالميا وغيرهما كثير.

مصداقية المؤشرات

المؤشرات الواردة في هذا التقرير ترتكز على معلومات التقرير العالمي للتنافسية الصادر من المنتدى الاقتصادي العالمي، وهي ليست خصما لأحد، ويجب التعاطي مع تقاريرها وفقا لمعطيات الاعتراف بالفشل المستمر منذ سنوات في السواد الاعظم من المؤشرات، وبالتالي العمل على المعالجة وجعل الأرقام تتولى الاجابة عن واقع الحال بدلاً من التحدى والمكابرة.

back to top