«حاول مرة أخرى» سجالٌ عميق بين الحق والباطل برؤى فلسفية

نشر في 16-12-2014 | 00:02
آخر تحديث 16-12-2014 | 00:02
No Image Caption
العرض المسرحي متكامل نصّاً وإخراجاً وتمثيلاً

بين ما يُفترض أن يكون وبين الواقع، تمايز كبير، ومن هنا، ربما يرى البعض في التحايل على القانون طريقا مناسبا للوصول إلى الحقيقة التي يراها، لكن تبقى لحظة انتصار الإنسان على ذاته قبل غيره، محطّة مفصليّة ربما تجيب عن كُنه ذلك التمايز.
«حاول مرة أخرى»، ليس مجرد عنوان لعرض مسرحي، بل محاولة للغوص عميقاً في قضية فلسفية ممزوجة بخيوط إنسانية شائكة، وسبر أغوارها، من خلال حكاية فتاة تدخل السجن، بعد أن قتلت زوجها لخيانته لها مع صديقتها المقرَّبة.

من ثم تُمضي حكاية العرض الذي قدمته فرقة المسرح العربي على خشبة مسرح الدسمة ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي، في نسخته الخامسة عشرة أمس الأول، في سرد أحداثها، وما حلَّ بالفتاة السجينة بعد تدخُّل المحامي والسِّجال الذي اندلع بينهما لتغيِّر أقوالها، إلا أنها ترفض ذلك، وتعترف بارتكابها الجريمة.

ويكشف العمل، حقيقة البعض الذي يستخدم طرقاً ملتوية للتلاعب على القانون، من خلال سجال درامي، دام قرابة الساعة بين السجينة والمحامي وصديقتها أيضا، ينتهي بانتصار داخلي للسجينة عليهما.

وعقب العرض المسرحي الذي حظي بحضور لافت، أشاد النقاد المشاركون في النَّدوة التطبيقيّة، بمستوى النّص والإخراج معاً، وانسحب الحال أيضا على نجمة العمل الفنانة سالي فراج التي أدّت دور السجينة، والفنّان أوس الشطّي الذي أدّى دور المحامي، والإشادة بمستوى أدائهما.

وأكّدت النّاقدة والصحافية ليلى أحمد أن العرض «أذهلها»، معتبرة يوم العرض بمنزلة الافتتاح الرّسمي للمهرجان بالنِّسبة لها، «إذ توافرت فيه كل عناصر العرض المسرحي، وكانت القصة إنسانية شديدة التأثير والسينوغرافيا  هائلة ومعبِّرة عن الحالة الإنسانية».

ونوهت أحمد بالفنانة سالي بطلة العمل، مضيفة أن العرض بكل مافيه، «حمل لمسة إبداعية لامثيل لها، ويقف وراء كل هذه العناصر، مؤلف ومخرج متميزان، ولولاهما لما ظهر لنا ذلك على المسرح».

من جانبه أشاد الناقد حسام عبدالهادي من مصر، بالعمل «العالمي» الذي يستحقّ المشاهدة في كل مكان في العالم»، وكان عملا دراميا رائعا، وتميّز بذكاء وفكر واضحَين من قبل المؤلف والمخرج.

وقال الناقد عبدالهادي، إن الممثلة سالي ستكون بهذه القدرات بعد عدة سنوات، إحدى أبرز الفنانات في المسرح العربي، «وأحيّي أيضا الفنّان أوس الشطي على أدائه المرن واللافت ودراسته للشخصية، وأتمنى من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، تسويق هذا العمل خارج الكويت، لأنه يستحق ذلك».

من ناحيتها قالت الدكتورة سها سالم من العراق، إن العرض أسعدها كثيرا وكان واضحا، ولا يحتاج تفسيرا أو تفكيكا، ووجد هذا العمل نفسه من خلال التفاعل في المسرح بشكل لافت، مشيدة أيضا بتألّق المؤلف والمخرج.

وأضافت الدكتورة سالم أن العمل يعبّر عن حالة المسرح الكويتي، «حيث رأينا عرضا مسرحيا، وفي الوقت نفسه رأينا عملا سينمائيا، ومن الغريب ما حدث من تفاصيل دقيقة على المسرح، كانت أشبه بالمعجزة».

من جانبه قال الدكتور جبار خماط من العراق، إن تميّز العرض يتأتّى من امتلاكه قدرة على دراسة الصمت، فالصمت الذي حدث بين الحركات والأداء الصوتي، كان دقيقا بدرجة عالية وأذهل قاعة المسرح.

وأضاف أن العرض كل شيء فيه كان مدروسا بعناية تامة، لأنه لا يمكن أن تُحذف من العرض جزئية واحدة وهذا الأمر يُحسب للمخرج، فضلا عن إصغاء الممثل للآخر، وتميز بدقة وانسجام كبيرين، وكان الممثلون رائعين جدا، لأنهم يعرفون لماذا يقفون على خشبة المسرح.

من جهته أكد النّاقد والصحافي عبدالمحسن الشمري أن المخرج تحدّى نفسه من خلال العرض وباختياره نصّا كتبه أحد أفضل المؤلفين على الساحة الخليجية، هو صالح كرامة، فقد نفّذ المخرج الرؤية النصّية بشكل كبير.

وأشاد الشمري بالسينوغرافيا الرائعة واللافتة وبنجمة العرض الفنانة سالي فراج والفنان أوس الشطي، معتبرا أن سالي قدّمت أحد أجمل الأدوار على المسرح في الفترة الأخيرة. وأعرب عن اعتقاده بأن هذا العمل، يعدّ نقلة كبيرة لفرقة المسرح العربي متمنيا أن يستمر المسرح العربي على هذا النَّسق.

يذكر أن المسرحية من تأليف الكاتب الإماراتي صالح كرامة العامري ومن إخراج الدكتور مبارك المزعل، تمثيل سالي الفراج «السجينة»، أوس الشطي «المحامي»، سارة أحمد «الصديقة»، إضاءة فيصل العبيد، ديكور وأزياء محمد الرباح، تأليف موسيقى عبدالله الحشاش وحسن الرئيسي، مساعد مخرج علي جاسم، إنتاج عبدالرحمن صبر، مدير الإنتاج يوسف مال الله، مشرف إداري منال العمران، الإشراف العام أحمد الشطي.

back to top