صليب الشيطان

نشر في 11-04-2015
آخر تحديث 11-04-2015 | 00:01
 د. أفراح ملا علي تحديداً في شارع بيلاريس بمنطقة كوينكا الإسبانية، نصل إلى كنيسة أنغوستياس المشيدة في القرن الرابع عشر، ولكن تفصلنا أربعة قرون عن أحداث حكاية صليب الشيطان التي تبدأ في القرن الثامن عشر.

تروي لنا الحكاية قصة شاب وسيم المحيا، لكن هذا الجمال لم يصل إلى عمق روحه المتثاقلة بالذنوب، فاستغلال وسامته كسلاح لخداع فتيات القرية وإغوائهن ومن ثم الرحيل بدون سابق إنذار بعد الوصول لهدفه المنشود، تصرفات كفيلة بنعته بالمراوغ والكاذب وزير النساء، رغم أنه ينتمي إلى عائلة كريمة متزمتة دينيا.

وفي يوم من الأيام وقعت عينه على شابة جميلة، قيل إنها كما البدر بجماله والألماس بجاذبيته، من المدينة وليست من القرية، فقدّم نفسه بكل سعادة وسرور مخبئاً في أحشائه نوايا شيطانية وصل صداها إلى قلب الفتاة فتهربت منه، وأصر الشاب على الوصول إلى هدفه، وهي أصرت على أن تجعل له الطريق شائكاً ووعراً، وبعد مرور أيام قرر الشاب بكل كبرياء وضع رهان مع أصدقائه أنه سيحصل عليها.

سوف أنتظرك بجانب بوابة كنيسة أنغوستياس في ليلة الأموات المقدسة لأكون لك! قالتها وهي تبتسم له، ففرح الشاب لأنه سيكسب رهانه ويصل إلى هدفه في آن واحد بعد عناء دام أياماً، وفي هذه الليلة حلت عاصفة مطرية رهيبة، فكانت السماء مزدحمة ببروقها ورعودها، لكن الشاب لم توقفه هذه العاصفة وخرج مسرعاً للقاء الشابة بجانب الكنيسة.

لمح الفتاة بجانب الكنيسة في كامل زينتها كما لو كانت أميرة، فهرع مسرعا لعناقها وعند رفعه لثوبها بنية خلع حذائها أنار الليلَ المظلم برق شق السماء،

فاكتشف أن لها أرجلاً كأرجل العنز، فرمى الحذاء من يده مرعوباً وأخذ يصرخ من شدة خوفه، فأخذت الفتاة تضحك بصوت عالٍ جداً وبدأ صوتها يتغير شيئاً فشيئاً، ما كانت إلا شيطاناً متقنعاً بشكل إنسي.

هرب الشاب متجها إلى الكنيسة حتى وصل إلى الصليب المنحوت بجانب بوابة كنيسة أنغوستياس وعانق الصليب بكل ما أوتي من قوة، لكن الشيطان لحقه وقفز فوقه هاجماً بمخالب تركت أثراً في الصليب وكتف الشاب! فوقع الشاب مغمى عليه، وعندما استيقظ وجد أثر المخالب على الصليب وعلى كتفه، يقال إن الشاب دخل كنيسة أنغوستياس كراهب ورجل دين ولم يخرج منها قط.

مازال الصليب الذي لقب بصليب الشيطان موجوداً في كنيسة أنغوستياس في كوينكا، والسياح من المتدينين والفضوليين يريدون رؤية آثار مخالب الشيطان... قصة غريبة تجمع بين الخرافة والواقع، وحتى يومنا هذا الأثر موجود وواضح كما لو كان الحادث حصل بالأمس القريب.

يقول أحد الحكماء:

وكم من فتى يُمسي ويُصبح لاهياً

وقد نُسجت أكفانُه وهو لا يدري!

دمتم بتقوى وضمير حي وحب إلهي.

back to top