الدول المنتجة النفطية أكبر الخاسرين في توقعات النمو العالمية الجديدة
في تقرير 20 يناير 2015 لصندوق النقد الدولي، تستمر توقعات النمو الضعيف والحذر للاقتصاد العالمي في عامي 2015 و2016، وبحدود 3.5 في المئة، و3.7 في المئة على التوالـي، بعـد أن خفـض الصنـدوق توقعاتـه للعاميـن بــ-0.3 في المئة، مقارنة بتوقعات سابقة له في تقرير شهر أكتوبر 2014. وضمن المجموعة الواحدة، أي الدول المتقدمة أو الناشئة أو المصدرة والمستوردة للموارد الأولية، حدث إعادة لتوزيع النمو بين المجموعات وضمن كل مجموعة واحدة، فبعضها اكتسب نموه زخماً، والبعض الآخر خسر.
ثبات معدلات النمووبينما حافظت الدول المتقدمة على ثبات معدلات نموها في العامين بـ2.4 في المئة، ارتفعت قليلاً توقعات النمو للولايات المتحدة الأميركية لعام 2015 بنحو 0.5 في المئة لتستقر عند 3.6 في المئة، وهو معدل عال للنمو لدولة متقدمة، بينما خسرت منطقة اليورو واليابان من توقعات نموهما.وجاءت خسارة منطقة اليورو نحو -0.2 في المئة في 2015، ونحو -0.3 في المئة في 2016، ولم تكن نتائج الانتخابات اليونانية قد ظهرت عند كتابة التقرير، لذلك نتوقع ضغطاً أكبر إلى الأدنى على نمو منطقة اليورو إذا ساءت علاقة المنطقة مع حكم اليسار في اليونان، بما قد يؤدي إلى انسحاب الأخيرة أو طردها. وخسرت اليابان أيضاً من توقعات نموها بنحو -0.2 في المئة في عام 2015، ونحو -0.1 في المئة في عام 2016. وضمن الاقتصادات الناشئة، حققت روسيا أكبر الخسائر، فالتأثير السالب الأكبر على نموها جاء بسبب انهيار أسعار النفط، والتأثير الأقل جاء بسبب المخاطر الجيوسياسية وما فرضه الغرب من عقوبات عليها، فبينما كانت معدلات النمو المتوقعة لها بحدود 0.5 في المئة في عام 2015 في تقرير شهر أكتوبر، أصبحت بالسالب بنحو -3 في المئة في التقرير الحالي، ومقدر لها النمو السالب بحدود -1 في المئة في عام 2016.وحتى الصين نجمة العقود الثلاثة الفائتة، أصبح عليها أن تتعايش مع معدلات نمو دون الـ7 في المئة، إذ من المتوقع أن تحقق نحو 6.8 في المئة في عام 2015 ونحو 6.3 في المئة في 2016. ولكنـه يبـدو هبـوط محسـوب للصيـن، فهـم أعلنوا منذ شهر مارس 2012، استراتيجية نمو جديدة، تخفض تدريجياً أثر المتغيرات الخارجية على تحفيز نموها مثل الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر، لصالح الاستهلاك المحلي الخاص أسوة بالنموذج الأميركي. ومن المتوقع، لأول مرة، أن تتجاوز معدلات النمو للهند معدلات نمو الصين في عام 2016 حين تبلغ للهند نحو 6.5 في المئة بعد نمو قوي في 2015، وبحدود 6.3 في المئة.وأصبحت الدول النفطية أكبر الخاسرين في توقعات النمو الجديدة، فالسعودية مثلاً، وهي أكبر الدول المصدرة للنفط، خسرت ما بين تقرير شهري أكتوبر ويناير أي في ثلاثة أشهر، خسارة في معدل نموها بنحو -1.6 في المئة في عام 2015 ليصبح 2.8 في المئة بدلاً من 4.4 في المئة، وفقدت -1.7 في المئة لعام 2016 لتصبح معدلات النمو 2.7 في المئة بدلاً من 4.4 في المئة أيضاً.البطالة والتضخم وبشكل عام، ما ستفقده دول النفط، ستكسبه الدول المستوردة له، وسيختلف التأثير السلبي على دول النفط، فالدول التي جمعت فوائض في فترة رواج سوق النفط، ستعوض عجوزاتها المالية بالسحب منها، بينما سينعكس العجز في الدول التي لا تملك فوائض في هبوط أسعار صرف عملاتها. بمعنى آخر في تقديرنا، ستبدأ دول النفط كثيفة السكان في المعاناة من ثنائية البطالة والتضخم، وهما أهم عاملين يتسببان في زعزعة استقرار أي دولة.