حاتم النقاطي: واقعنا يستقدم ما هو أعتى من {داعش}

نشر في 18-06-2015 | 00:02
آخر تحديث 18-06-2015 | 00:02
«لا أمل لنا بالهروب من عنف الإسلام السياسي إلا بالتعليم والحياة المدنية ومحاربة الفقر»

أستاذ الفلسفة والفنون في المعهد العالي للفنون بالقيروان في تونس د. حاتم النقاطي أحد المهمومين بالإنسان والسلام في العالم، وهو كاتب له مقالات عدة منشورة في الصحف العربية، وله ثلاث مجموعات شعرية ورواية ومؤلف في الفلسفة. من هنا تشكَّلت الحساسية العميقة التي جعلته يتفاعل مع قضايا العالم من حوله ويكتب عنها ويكاتبها على الدوام.
{الجريدة} حاورته في ما يتعلق بواقع العالم العربي والتطرف المستشري كالهشيم!
ما الذي يحدث من حولنا: مكيدة تحقق نجاحاتها، حرب أهلية، فوضى طبيعية خلاقة؟

 

نحن نجني ما اقترفناه في حق أنفسنا؛ إذ سلمنا أمرنا للاستبداد ولغياب التخطيط للحاضر وللمستقبل. هي مؤامرة تداخلت فيها لوبيات المال والسياسة والاقتصاد مع هشاشة مجتمعنا وحركة واقعنا وتاريخه. هو هذا المتداخل أو هو هذا اللامرئي الذي يجسد بحق وضعنا الحضاري السلبي الغارق في شقاوة الوعي والمنعكس على واقعنا المتخلف على المستويات كافة. ولكن لا خوف، فالأمم تصنع وعيها وسط هذا الجدل بين السلبي و الموجب.

 

داعش وغيرها من جماعات متطرفة، أتمثل حالة طارئة أم امتداداً للتراث؟

 

داعش شهادة أخرى على تاريخ عرف الاستبداد بأنواعه كافة فبرز فيه في كل حقبة فصيل يسعى إلى الدفاع عن الإلهي وينصِّب نفسه البديل عن الموجود الفكري والسياسي. داعش شهادة معاصرة على أزمة فكر وواقع.

 

هل يمكن أن يأتي التطرف الديني بما هو أكثر تطورا من «داعش»؟ 

 

داعش حركة فكرية سياسية فرضتها علينا وقائع تشهد على ما نحن عليه من تخلف شامل، وفي غياب إستراتيجيات عربية مشتركة ضمن بناء فكري تأويلي للدين، إضافة إلى انعدام الوعي بتطوير الأوضاع السياسية للمجتمع العربي، وفي التغافل عن بناء عدالة اجتماعية  تكمن أصول استقدام مستقبلي لتيارات دينية سياسية أشد وأعتى.

لا أمل لنا بالهروب من عنف الإسلام السياسي إلا بنشر التعليم وتطوير الحياة المدنية والسياسية العربية، إضافة إلى محاربة الفقر والتهميش، وبناء إستراتيجيات تقارب عربي شامل في جميع المستويات، كما ذكرنا هو هذا الكل المتداخل الذي شكَّل أزمة {الآن} من أزمة الماضي لنتحصل على هوية استفهامية مرضية تطلب الإصلاح العاجل. 

 

بناء الهوية والاعتراف بالآخر

 

كيف يمكن أن نوقف التطرف الديني والعمليات الإرهابية بشكل حاسم وأكثر وضوحاً؟

 

عاجلاً، لا بد من تصدي أمني وعسكري عربي مشترك وتعاون ضروري مع القوى العظمى بمعرفة تكنولوجية ورقمية واستخباراتية وعسكرية متطورة. في المستوى المتوسط والبعيد، لا بد من تفعيل الوعي العربي المشترك بالاقتصادي والسياسي والاقتصادي، هو وعي باستراتيجيات عربية شاملة في المعرفة والاقتصاد والاجتماع والسياسة في إدراكه  للمخاطر الوطنية والإقليمية والكونية. مجهود يتداخل فيه الآني مع المستقبلي، والذاتي العربي الإسلامي مع الآخر الغربي.

 

ألا ترى أن اللجوء إلى الحل العسكري عنف مضاد؟ كيف يمكن للمثقف أن يبرر العنف؟

 

قصدت المنظومة متكاملة ما بين القوة العسكرية التي ترصد التحركات وتحمي الحدود وتعزز الأمن الداخلي، ولم أقصد شن الحروب، وتأكيداً على الحل الثقافي ببناء الهوية والاعتراف بالآخر.

 

الفكر الغيبي

 

 متى ينتهي الصراع  بين العلم والفكر الغيبي على مستوى العالم العربي ؟ 

 

هو جدل ضروري بين الأصل والحادث، بين الذات والموضوع، وهو أيضاً ضرورة يقتضيها {صراع الحضارات}. يعي العقل العربي اليوم جيداً أن لا خيار له غير الإيمان بالانتماء إلى التاريخ، من جهة وقبول الآخر من جهة ثانية. لعل ما تمرّ به اليوم الأمة من هزات سياسية وأزمات اقتصادية واجتماعية كفيل بإرشادها إلى ضرورة مصالحتها بين الديني والدنيوي، وبين الغيبي والواقعي، ذاك المرتجى من جيل عربي مؤمن بالهوية ومنصهر في الاختلاف.

 

في مفرداتك تأكيد على {الأمة} والتكوين القومي}، كيف ترى مشروع {الوحدة العربية} و{الأمة الواحدة}؟

 

كنت أشير إلى الانتماء، وأعني ما يجمع الدول في الاتحاد الأوروبي وينظم شؤونها كمثال على ذلك، أنا لست قذافياً ولا صدامياً، مصير الأيديولوجيا التي كنا نتوهمها حلاً صار إلى الموت، فكرة انتهت، ووريثتها، ما ذكرته لك، وحدة الانتماء الاقتصادي.

 

ما الذي يفسر عجز العرب عن قراءة قصة الحضارة بشكل حقيقي لمواكبة التطور المتنامي في العالم؟

 

هو ذاك التخلف التاريخي عن العلوم الذي كان الاستبداد السياسي رافده الأساسي حيث اعتمد تاريخنا الفكري  على إيهامنا بمنطق تلبس السياسي بالإلهي، والأرضي بالسماوي، فغيب الإنساني في الوعي والفعل. هي بنية عقل سيطر عليه «الأسطوري»، وفي محاولات الإصلاح وتجديد الفكر أمل بتغيير ذلك.

 

نهاية الصراع القائم منذ قرن ونصف على ضرورة الإصلاح في المجتمع التي تنطلق من «شرعية» التعامل في الشأن الديني؟ متى تفك عقدة هذا التابو مع التراث المقدس؟

 

كما ذكرنا الواقع العربي الجديد سياسياً وثقافياً واجتماعياً يفرض علينا المصالحة مع المحيط العالمي حيث الآخر أو حيث الغرب العلماني. نحن نرجو ضرورة تأويل جديد للمقدس في علاقته بالدنيوي تبتعد عن ثنائية الإيمان والتكفير. فنحن أمام فهم جديد لذواتنا ولعلاقتنا بالآخر، يمكننا أن نكون أمة الإيمان والعمل، أمة الموت والحياة، وأيضاً نحن أمة السياسي الدنيوي حيث تكون للفرد العربي قيمة وله حقوق. علينا ان نعي أن الديني لا يكون عائقاً أمام حريتنا السياسية والاجتماعية والقيمية في معناها الكوني. فنحن أمة الشورى التي لا تعادي الديمقراطية ولا ترفض مدنية الوجود السياسي.

 

بنظرك، ما المهمات الأولية للمثقف اليوم؟

 

على المثقف اليوم أن يهتم بنشر قيم العدالة والحرية في معناها الكوني. عليه أن يسهم مع كل مثقفي العالم في بناء ثقافة الإنسان خارج العنف والصراع. عليه أن يبين للآخر المختلف أننا قوم الحوار والدعوة للحقوق بالحسنى. عليه إنهاء  دعوات الاستبداد باسم الفرد أو باسم طائفة أو أمة أو حزب. عليه اعتبار قيم الإنسان، وأي قيم أغلى منها؟

 

بين {الإصلاح الديني}، {تجديد الفكر العربي/ الإسلامي} و{إعادة قراءة التراث} إلخ... هل تجد هذه العناوين كافية لترتيب العلاقة مع الشأن الديني؟

 

هي مقولات مهمة لفهم واقع علاقتنا بالشأن الديني والتراثي القيمي، ولكن علينا ألا نهمل باب تعزيز تواجدنا في هذا العالم حيث العلم والمال ولوبيات السياسة و التسويق، ويكون ذلك بالاهتمام بمقولات مهمة لبناء واقعنا الحضاري الجديد، كمقولات التنمية الشاملة والأمن القومي والمصالحة بين الذات والآخر وبين الهوية والاختلاف وبين الديني والدنيوي وبين الإلهي والبشري

 

كيف يمكن التعامل في مسألة التجديد أو الإصلاح الديني مع العقل الذي أنتج التراث وقدسه؟

 

الجدل ضروري بينهما لبناء عقل عربي يصالح بين الوحدة والتنوع. جدل سبق أن بيَّنا ضرورة احترام وجوده بمصالحته مع الآخر. عقل يحد ذاته في الانفتاح والتنوع. عقل يتنكر لأنانيته وتفوقه فيقبل الآخر مثلما يقبل ذاته. ذاك هو العقل العربي وحدته في قبوله بالتنوع.

 

هل تمكَّن العالم العربي من خوض المسكوت عنه، والتفكير في اللامفكر، وإيجاد المثقف الكوني؟ 

 

{بعض من المفاهيم التي رسخها مفكرون راحلون» هو النحن يبحث عن ذاته في كتب ابن رشد حيث العقل المفتش  عنه وسط تهافت الفلاسفة أو تهافت التهافت، حيث يختفي العقل ليتجاوز النقل نحو الحرية.

نحن أمة يقتضي منا واقعنا الحالي أن نعيد إنتاج المسكوت عنه في حضارتنا أي دعوة العقل لينهض ليعلن زمن ميلاد الحرية والكفر بالرقيب. عقل يقاوم ولكنه بدل الاستشهاد فإن عليه الحياة الحرة والمناضلة باسم ذاته وتاريخه ولأجل الإنسان.

 

الفنون... السياسة... الثيولوجيا

 

كيف يمكن تأسيس حضور فكري عربي جديد، أو إطلاق فضاءات حداثية عبر موروثه المقدس؟

 

يكمن شرط الحديث عن «الحداثة»  بالأساس في وجود «الاستنارة»، ويكمن شرط الحديث عن «التراث» أيضاً في الحديث عن «أداة الاستنارة» أي «العقل»، كمنهج وكإرادة تسلّط على ركام المعارف. فالموروث لا يعدو أن يكون غير المشكوك في جدارته الى حدّ «الإثبات» وهذا الإثبات يشترط بالأساس «التفكير المعقول»، والتفكير المعقول يشترط «الإرادة» التي هي ذاتها «الزمن». ولعل «الأمة العربية» في محاولتها قيام حداثتها تشترط «الزمن» أي يشترط الوعي الجديد بــ «الزمن»، بالتاريخ الذي ما كان غير {عجلة} تجري «الأمة» فلا تدركها، وتفتّش «الأمة» عن «المكاشفة» فلا تبصر غير «النقل» كسمة أساسية لتاريخها!

فمنطق تاريخية الإنسان أملى علينا ضرورة الخضوع له؛ باعتبار أنّ منطق «العقل العربيّ» هو منطق التسليم، وحاضر «العقل العربيّ» هو حاضر المحاكاة من غير وعي، ومنتجات «العقل العربيّ» هي منتجات الاستهلاك!

وقد لا نرى عندئذ من ملاذ لنا غير إعادة هضم تاريخ «الآخر» لبداية انبجاس وعينا بذواتنا، هذا الوعي الذي لا يمكن بحال أن يستقلّ في مرحلته الأولى، ونؤكد على المرحلة الأولى عن كل دروس «الآخر» في «العقلانية» كضرب من الشكّ المنهجي والإرادي لتغيير وضعنا بذواتنا ووعينا بالعالم، أي من خلال هضمنا دروس «الاستنارة» الديكارتية واستتباعاتها السياسية والتقنية، وهو ما يجرّناإلى التأكيد على الاستتباعات الضرورية لهذا التمشّي أي ما يمكن أن نطمح إليه لقيام وعي «حديث» بالذات وبالعالم، أي الفضاءات الأخلاقية والسياسية الواجب توفيرها لتأسيس إنسان بديل ومنتجات قيميّة وفنية تخلّصنا من رداءة تصوّراتنا الحالية عن الذات وعن الموضوعات والعالم

 

 هل يمكن للأعمال الأدبية والفنية أن تكون بديلاً عن الخطاب الإصلاحي المباشر؟

 

جاء الفن كي لا تميتنا الحقيقة. إن الفن يظل الشاهد على الحرية، لذلك فإنه مرشد الناس للحق و للقيم النبيلة. ولا عجب أن يكون تاريخنا حافلاً بشهداء الفن والإبداع كابن المقفع وطرفة بن العبد وغيرهما. الفن لغة الحق وهو رافد من روافد الإصلاح، والجدل ضروري بين السياسي و الفني، بين العقلاني والعاطفي، لبلوغ الإصلاح وتأسيس الحرية. لأمة ستكون مع ذاتها، تاريخها، واقعها، وفي انفتاحها على قيم الإنسان حيث الحرية والمساواة.

وهو ما حاولت «الحداثة» تأكيده ضمن فهمها للإنسان في علاقته بالسلطة السياسية وأساساً «الدولة» كموطن جديد للإنسان عوض «الإمبراطورية» في زعمها بنظرية الحق الإلهي كمبدأ أصليّ لطبيعة الإنسان، وهو ما نكتشفه داخل تاريخ المرحلة الكنائسية كمرحلة وسيطة تجاوزت «المدينة» اليونانية التي عبّر عنها «جون جاك شوفالييه» في كتابه «تاريخ الفكر السياسي» قائلا: «كان المفكّرون اليونانيون يتصوّرون المدينة باعتبارها تجمّعاً أخلاقياً للعيش المشترك وفق قواعد الخير من أجل الخير، وكانت المدينة تسعى إلى هدف أخلاقي، وتبيّن طريق الوصول إليه».

فالدولة إذاً هي مولود حديث، مولود يقيم تعالي الإنسان عن الغاية والوسيلة، أو لعلنا نقول إنه زعم جديد يضع الإنسان أمام تصوّر جديد لنظامه واجتماعه ومسيرته، فهو فرد يختار ما يتلاءم مع ذاته أي مع ما يتعلّقه كذات تحررت من كل سلطات «الوهم» الغائيّ، وهو ما استطاع فلاسفة عصر الانوار التأكيد عليه من خلال فلسفة «العقد الاجتماعي» التي جعلت الإنسان يختار ويخضع في الآن نفسه من غير أن يفقد حريّته، فـ «الإرادة العامة» مصدر القانون لا يمكن بحال أن تتناقض مع «معقولية» الانسان، فهي كما عرّفها «روسو» : «المبدأ الأول للاقتصاد العام والقاعدة الأساسية للحكم» ما كان لها لتكون لولا الفضاء المواكب لها ولمنطقها الجديد للإنسان كمنطق فرضه الفضاء «الديكارتي» ـ قبل مئة عام ونيف  لاستئصال داء التواكل عن الذات وداء الغاية الثيولوجية كمصدر لكل حقيقة للإنسان والعالم.

الربيع العربي... أمركة جديدة!

عن اشتعال {إرادة التغيير} من تونس وتنقلها ما بين البلدان العربية قال د. حاتم النقاطي: الثورات العربية نتاج ضروري لاستبداد حكم الأنظمة العربية لقرون وعقود، ولعل انطلاقها من تونس يعود إلى هذه الأسباب إضافة إلى أسباب إقليمية و إستراتيجية. أدَّت  الولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفائها في الخليج العربي دوراً كبيراً لإزاحة الاستبداد، ولتصدير الثورة نحو باقي الدول ليبيا مصر وسورية واليمن. لعبة يختلط فيها الاقتصادي بالسياسي والوطني بالإقليمي. هي العولمة التي تجد في الديمقراطية باب الدخول إلى أسواق جديدة. ولعل موقع تونس الجيوسياسي هو الذي كانت له بادرة الاختيار الأول وبه كان المنطلق. الربيع العربي هو لغة {أمركة جديدة} سيكون ضرورة باباً جديداً من أبواب تغيير الواقع السياسي العربي والجغرافيا. إرادة جديدة جوهرها اقتصادي ووجهها الآخر سياسي. الثورات العربية تقسيم جديد للمنطقة العربية وتغيير جذري في بناها السياسي. لعلنا أمام منطق خلدوني للتاريخ حيث يقتاد المغلوب بالغالب.

 الثقافة والسياسة بعد الثورات

حول المشهد الثقافي بعد الثورات وتنازع السياسة على منصات الإعلام والخطاب العام، قال د. النقاطي: بعد الثورة التونسية بدأ طغيان واضح للشأن السياسي على الثقافي، وتمثَّل ذلك في تحويل جل الفضاءات العمومية و المساحات الإعلامية السمعية والبصرية إلى حلبات صراع بين الفرقاء لتبادل الأفكار وتوجيه الاتهامات  وللتجريح المؤلم في الذمم والأعراض، خصوصاً في السنتين التاليتين.

وهو ما انعكس على واقع الشارع التونسي  حيث  وصل الأمر إلى  حد العنف والحرق والتراشق باللين والصلب واللسان والأيادي. واتجهت قلة من الشباب  نحو الحلم بالسلاح قوة للتغيير وقلب موازين الاجتماع  والتمدن، وكان على الثقافي في هذه الربوع  أن يعود إلى احتلال موقعه وذلك لتشكيل ذائقة جديدة تغير وضع {تونس الثورة}. لقد لاحظنا تطوراً جاداً لواقعنا السياسي عبّر عنه الجدل المتسع والمترامي الأبعاد ما بين الأيديولوجي والمعرفي  ذاك الذي يستمد جذوره من  داخل أمرين أساسيين، الأمر الأول هو الكبت السياسي الذي عاشه الإنسان التونسي على مرّ خمسين عاماً من الحكم الدكتاتوري المزدوج، والأمر الثاني هو هذه الرغبة الجامحة من النخب لبناء نظام سياسي يعترف بالكل خارج كل اقصاء. وقد عبرت الأشهر الأولى من ثورتنا عن رغبة ثقافية جادة لإنعاش الجسد الذي ظلّ يحتضر في السنوات الخمسين الماضية وذلك  بسعي من إرادة جديدة هدفها بناء واقع ثقافي بديل خصوصياته التعدد والاختلاف الحقيقي.

ولعلّ في تكاثر الجمعيات الثقافية الحقيقية لا المزعومة تكمن هذه المحاولة لتشكيل ثقافة حوارية تتجاوز الواحد نحو التنوع وتغادر الجاهز نحو المشروع البنائي. وتباعاً لذلك، برز جدل من الاحتقان السياسي والاحتقان الثقافي لخلق  تونس الجديدة لدى البعض والأمة الجديدة لدى  الآخرين. هو جدل أراد له البعض الحياة والنمو وخالفه البعض ليجعل منه محاولة لقبر الثورة والحرية وعلنية القول والرغبة في الحوار النظيف .هنا يكون دور الثقافي محاولة حقيقية  لاستنفار إرادة التعبير عن الحرية لدى الناس وقيادتهم لجانب الحياة  بعيداً عن زريبة الموت. قول يذكر الساسة بوجوب الانتباه لتغيير الفكر والقيم مثل توجههم إلى   تغيير ممارسات الحكم.

 

back to top