أكل اللحوم المذبوحة في مدارس أهل الكتاب حلال
السؤال: أبنائي مقيمون في فرنسا ويدرسون في المدارس الحكومية بنظام المَبيت، ويُقدم لهم في هذه المدرسة اللحوم، فما حكم هذه اللحوم، وهل يجوز أكلها؟ المفتي: مفتي الديار المصرية د. شوقي علام.
الفتوى: مِن المعروف شرعًا أنه لا يَحِلُّ أكل لحم الحيوان إلا إذا كان مأكول اللحم -كالإبل والبقر والغنم والأرانب وداجن الطيور كالدجاج والبط والأوز وغير ذلك- وتمت تذكيته الشرعية، والذكاة الشرعية هي السبب الموصل لحِل أكل الحيوان البري مأكول اللحم المقدور عليه، وتحصل تذكيته بالذبح أو النحر، وأما غير المقدور عليه فتذكيته بعَقره عن طريق الجرح أو الصيد أو إغراء الحيوان أو الطير المُعَلَّمَين به، وكل ذلك لابد أن يكون ممن يَحل منه ذلك، وهو المسلم أو الكتابي. ويشترط في هذا كله أن يكون الذابح أو الناحر أو العاقر مسلما أو من أهل الكتاب، أي من اليهود أو النصارى، أما إن كان غير مسلم وغير كتابي فإن ما يذبحه يكون ميتة ولا يجوز أكله، وقد أطلق القرآن الكريم حِل ذبائح أهل الكتاب لنا دون قيدٍ؛ فقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾ [المائدة: 5]، فالأصلُ حِلُّ ذبائح أهل الكتاب، وقد أكل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم مِن الشاة التي أهدتها إليه اليهودية ولم يسأل عن كيفية ذبحها ولا عن التسمية عليها. ولا يجب على المسلم السؤال والتنقيب ما دام في دولة غالب أهلها من أهل الكتاب، فقد نهى الله تعالى المؤمنين عن التنقيب والتفتيش المُتكلف في الأمور كلها، وبين الله قاعدة ذلك فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة: 101]. هذا إذا لم يُعلم يقينا أن ذابحها ليس كتابيا، أو أنه لم يذبحها بل قتلها بالضرب أو الصعق مثلا، فإذا علم ذلك يقينا زال أصل الحل وصار اللحم حراما. وعلى ما سبق من بيان: فالأصل فيما يقدم للتلاميذ من اللحوم في مدارس أهل الكتاب أنها لحوم حلال، إلا إذا علم أنها ليست مذبوحة، فإذا علم أنها ليست مذبوحة أو أنها فقدت أحد شروط الحِل فإنها تكون حراما، وعلى أولياء أمور الطلاب حينئذ التنبيه على إدارة المدرسة بضرورة مراعاة هذه الأمور عند تقديم اللحوم للطلاب المسلمين من باب احترام عقائد الإنسان وشعائره، وذلك مبدأ مقرر معمول به في دول العالم الملتزمة بحقوق الإنسان.