«تشابيل هيل» فرصة

نشر في 21-02-2015
آخر تحديث 21-02-2015 | 00:01
 عبدالوهاب النصف لماذا يتعامل اليابانيون مع الولايات المتحدة على الرغم من أنها دمرت اليابان بالقنابل الذرية؟ العرب هم فقط من يسألون هذا السؤال، واليابانيون، وهم المعنيون بالأمر، لا يسألون.

اليابانيون علموا أن المشكلة ليست أنهم يكرهون أميركا أم لا، بل أن يعرفوا مصدر الخلل ويعرفوا دورهم بصورة صحيحة، ثم مارسوا النقد الذاتي وحجّموا دور المؤسسة العسكرية التي سيطرت على الإمبرطور والشعب والسلطة، فهم يعلمون أن إلقاء القنبلة الذرية على مدنهم كان مقترناً بأخطائهم التي ارتكبوها قبل الحرب العالمية الثانية وأثناءها.

مروراً بالنموذج الياباني إلى حادثة "تشابيل هيل" في ولاية كارولينا الشمالية التي أسفرت عن قتل ثلاثة عرب مسلمين على يد ملحد لا يؤمن بالأديان، قتلوا وكل ذنبهم أنهم مسلمون، وسبقها حرق تنظيم "داعش" للطيار الأردني معاذ الكساسبة. حدثان متتابعان حوّلا رأي من يقول إنه لا متضرر من هذا التنظيم إلا الإسلام، والضحايا هم المسلمون، إلى مُسلَّمة غير قابلة للنقاش، فحسب الإحصائيات، فإن جيش هذا التنظيم لا يتجاوز الـ٣٠ ألف شخص، يدّعون أنهم دولة إسلامية، فإذا كان عدد المسلمين حول العالم ملياراً وخمسمئة مليون، فلو حسبنا عدد المعاقين عقلياً فيهم لوجدناهم يتجاوزون عدد هذا التنظيم ومؤيديه.

إذن هذا التنظيم مُسلط على الإسلام، وهنا لا أنساق خلف نظرية المؤامرة، ومن باب نقد ذاتي، فإن السيناريوهات تختلف بشأن من أوجد هذا التنظيم، ولكنها جميعاً لا تختلف مع وجهة النظر التي تقول إن المظالم والأنظمة القمعية هي التي أدت إلى مناخ عام خانق في المنطقة سمح لانتشار مثل هذه الأفكار المتطرفة.

الزبدة

"داعش" قتل من جميع الديانات، وما حدث في ولاية كارولينا الشمالية هو جريمة ردة فعل ضد الإسلام، لذا علينا ألا ننجرّ خلفا مشاعرنا ونفكر بعقلية الثأر، فالمشاعر دوماً لا تصنع مستقبلاً، والنموذج الياباني خير دليل.

وفي مثل هذه المواقف علينا أن نظهر الكثير من التسامح وأن نمارس النقد الذاتي ومعرفة الأسباب الحقيقية التي سمحت لداعش وغيره بأن يوجد بيننا اليوم، ويشوه ديننا، فهي فرصة لكي نوضح لمن أساء فهم الإسلام أن التنديد بأعمال داعش سيأتي من المسلمين أولاً، وإذا كانت هناك شكوك لدى الغرب بأن "داعش" هو الإسلام، والسيف هو العقيدة، فيجب إزالتها بإظهار حقيقة دين التسامح.

back to top