أدب ماركيز... أرشيف منسي وكتب مزورة أو معرضة للسرقة!

نشر في 10-05-2015 | 00:02
آخر تحديث 10-05-2015 | 00:02
«بائع الكتب» استعاد نسخته... فماذا عن المسودات؟

هكذا تبدو مكتبة العالم، تدمر الكتب هنا، وتمنع هناك، ويسرقها اللصوص في مكان آخر، وقد يتم الرقص عليها!
ورغم استعادة «بائع الكتب» نسخته من رواية غابرييل غارسيا ماركيز «مئة عام من العزلة» التي سرقت الأسبوع الماضي، لكن الاحتفالية الكولومبية الأولى في ذكرى رحيل أديبها بدت سيئة جداً ومحرجة للمسؤولين وهم يلحقون اعتراف خسارة أرشيف الأديب بتصريحات صدمتهم لتمكن اللصوص على سرقة نسخة الرواية النادرة!
وسط حي قديم في بوغوتا حيث تباع التحف والقطع المستعملة القديمة، عثر على نسخة الطبعة الأولى من رواية «مئة عام من العزلة» للروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز التي سرقت قبل أسبوع تقريباً من المعرض الدولي للكتاب، حسب ما كشفت عنه الشرطة الكولومبية للوكالات الإخبارية.

ووفق ما صرح به رودولفو بالومينو مدير الشرطة الوطنية، في مؤتمر صحافي، فإن اللصوص شعروا بأن الشرطة تضيق الخناق عليهم فقرروا ترك الكتاب في مكان يعلمون «أننا سنقصده»، حيث هدد مكتب الإدعاء العام الكولومبي اللصوص بتصريح مفاده بأن سرقة الكتاب «اعتداء خطير على تراث كولومبيا الثقافي»، وحذر اللصوص من أنهم يواجهون السجن لمدة تتراوح بين 6 و20 سنة لارتكابهم هذا الاعتداء،  ومن يشتري الكتاب المسروق يمكن أن يقضي عامين في السجن، مع تحذير اللصوص بغية إعادته قائلين، إن «بيعه شبه مستحيل بسبب خصائصه».

والكتاب واحد من 8000 نسخة فقط نشرتها دار سوادمريكانا الأرجنتينية في الطبعة الأولى من الرواية عام 1967. وقدر خبراء أن نسخة موقعة بقلم الكاتب الحائز جائزة نوبل للآداب يمكن أن تباع مقابل 23 ألف دولار على شبكة الإنترنت.

ماكوندو.. عالم «العزلة»

واختفى الكتاب من خزانة زجاجية محروسة خلال معرض بوغوتا للكتاب في جناح «ماكوندو»، الذي أطلق عليه هذا الاسم تكريماً للبلدة الكاريبية التي تجري فيها أحداث «مئة عام من العزلة»، وصرح قائد شرطة بوغوتا هومبيرتو غواتيبونزا بأن «أكثر 8 آلاف شخص زاروا الجناح الممتد على مساحة 3 آلاف متر مربع الذي تحاكي تصاميمه أجواء القصة».

من غابو إلى «بائع الكتب»

أما صاحب نسخة الرواية، ألفارو كاستيلو مقتني الكتب النادرة، فأشار إلى أنه أمضى سنوات يبحث عن النسخة، قبل أن يعثر عليها في مكتبة في «مونتفيديو» عاصمة أوروغواي عام 2006،  ثم تمكن من الوصول إلى غارسيا ماركيز ليوقع إهداءه على النسخة، وأهداها إلى كاستيلو بكلمات: «إلى ألفارو كاستيلو، بائع الكتب القديمة، أمس وإلى الأبد، صديقك، غابو».

ولم يقل كاستيلو كم دفع مقابل الحصول على تلك النسخة، أو كم تبلغ قيمتها وعليها الإهداء، لكنه أكد أنها بالنسبة له لا تقدر بثمن.

أرشيف «ماركيز»... مبعثراً

واقتنت جامعة تكساس الأميركية في نوفمبر الماضي الأرشيف الخاص لغابرييل غارسيا ماركيز، والذي يتضمن مسودات عشرة من الكتب التي ألفها، ووصفت وزيرة الثقافة الكولومبية ماريانا غارسيس معلقة على بيع الأرشيف حينها بأنه «خسارة لكولومبيا»، ولكن أسرة ماركيز ردت بالقول، إن الحكومة لم تطلب اقتناء الأرشيف.

ويشمل الأرشيف الذي اشترته جامعة تكساس أعمال ماركيز على مدى 50 عاماً، ويحتوي ضمن ما يحتويه مراسلات الكاتب مع مشاهير كتاب عصره مثل غراهام غرين وغونتر غراس وكارلوس فوينتيس، كما يشمل مواد متعلقة بنشاط ماركيز السياسي وصداقته الحميمة مع الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، ومسودة كتاب «مئة عام من العزلة»، الذي يعتبر أشهر أعماله.

وقال رئيس جامعة تكساس بيل باورز، «إن جامعة تكساس، بخبرتها في شؤون أميركا اللاتينية وكيفية المحافظة على عملية التأليف وتدريسها، هي المقام الطبيعي لهذه المجموعة المهمة».

كتب تغير الناس... والتاريخ

ماركيز، الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، أشهر الكتاب في كولومبيا وأكثرهم تعرضاً لانتقادات لاذعة، و«مئة عام من العزلة» أهلته عن جدارة للحصول على جائزة نوبل عام 1982، تلك الرواية التي وضعت ضمن أفضل مئة رواية في التاريخ، وترجمت إلى أكثر من 30 لغة وبيع منها بصورة رسمية حول العالم - بعيداً عن ملايين النسخ الأخرى المزروة- ما يزيد عن 30 مليون نسخة، وعلقت صحيفة نيويورك تايمز بعد صدور الطبعة الإنكليزية منها: «قليلة هي الروايات التي تغير حياة الناس وهذه واحدة من تلك الروايات»، أما القراء فأجمع معظمهم على عبقرية كتابة رواية متداخلة بهذا الشكل، تقع أحداثها في مئة عام عبر 500 صفحة، ولا يوجد في شجرة العائلة المكونة من ستة أجيال إلا اسمان اثنان، أورليانو وخوسيه أركاديو، بينما يراها الكثير من النقاد: أول عمل أدبي، بجانب سفر التكوين، يجب على البشرية كلها قراءته.

استطراداً.. هل يذكركم هذا «السيناريو» من رحيل أديب، واحتفالية يعبث بها اللصوص، ومصادرة أرشيف غني ورائع... بتاريخ ما؟!

back to top