كيف يتحول سداد الديون إلى «خطأ اقتصادي كبير»؟

نشر في 09-06-2015 | 00:05
آخر تحديث 09-06-2015 | 00:05
No Image Caption
يرى اقتصاديو صندوق النقد أنه عندما يرتفع مستوى الدين، فإن الحكومات تضطر إلى رفع الضرائب، من أجل تمويل الإنفاق على المدفوعات الخاصة بفوائد الديون، في حين تضر هذه الضرائب بالاقتصاد بشكل عام.

شهد الدين العام في البلدان الغنية ارتفاعا ملحوظا بين عامي 2007 و2012، ليصعد متوسط الديون من 53 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 80 في المئة.

وأشار تقرير نشره موقع صحيفة «الإيكونوميست» إلى أنه في الوقت الذي يعتقد فيه البعض أن هذه الحقيقة تمثل مشكلة تواجه هذه البلدان، مطالبين بزيادة الجهود لخفض الدين، ظهر تقرير حديث يتحدى هذه الرؤية.

وتقترح الورقة البحثية الصادرة مؤخرا عن صندوق النقد الدولي أن سداد الديون ليس النهج الأكثر منطقية في كل الحالات.

ويرى اقتصاديو صندوق النقد أنه عندما يرتفع مستوى الدين، فإن الحكومات تضطر إلى رفع الضرائب، من أجل تمويل الإنفاق على المدفوعات الخاصة بفوائد الديون، في حين تضر هذه الضرائب بالاقتصاد بشكل عام.

ويتساءل التقرير: هل من الأفضل عندما تواجه الحكومة مستوى ديون مرتفعا الاتجاه للإجراءات التقشفية وسداد هذه الالتزامات، أم استغلال معدلات الفائدة المنخفضة للاستثمار؟.

وتجيب الورقة البحثية بقولها إن الأمر يتوقف على حجم «الحيز المالي» الذي تتمتع به الحكومة، وهو ما يشير إلى الفارق بين معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للدولة، و»الحد الأعلى»، والذي تحدده وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني بأنه الوضع الذي يجب عنده اتخاذ إجراءات فعلية لتجنب التعثر في السداد.

وطبقًا لهذه الطريقة الحسابية، فإن الدول تنقسم إلى مجموعات مختلفة اعتمادا على الفارق بين حجم ديونها مقارنة بـ»الحد الأعلى» المسموح به، حيث يشير اللون الأخضر إلى الحد الآمن، والأصفر إلى «الحذر»، والبرتقالي إلى «الخطر الكبير»، في حين يبرز اللون الأحمر «الخطر الداهم».

وتشير هذه المقاييس بشكل جيد إلى مدى قابلية المالية العامة الخاصة بالدولة لتلقي الصدمات.

ويوضح صندوق النقد أنه بالنسبة للدول التي تقع في المنطقة الحمراء في الرسم البياني السابق، فإن عليها القيام بأفعال من شأنها خفض مستويات الاقتراض، في حين يرى الصندوق أن الدول الواقعة في المنطقة الخضراء من الرسم يجب ألا تقلق بشأن ديونها.

ويعتقد خبراء صندوق النقد أنه بالنسبة للدول الواقعة في المنطقة الخضراء من الرسم البياني، فإن تكاليف زيادة الضرائب، أو خفض الإنفاق المجُدي في إطار السعي لتقليص مستوى الدين يتجاوز أي فوائد متوقعة. ويطرح البحث مثالا حول دولة ما تخفض مستوى الدين من 120 في المئة إلى 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوضح أن التكاليف المتوقعة من رفع الضرائب ستتجاوز في الأغلب المكاسب المفترضة من هبوط مخاطر احتمالية التعثر في سداد الدين بنحو 90 في المئة.

وتشير الورقة البحثية إلى أن أفضل قرار للدول التي تقع في المنطقة الآمنة لمستويات الدين العام هو أن تترك النمو الاقتصادي يعمل في مساره الطبيعي، لأنه على المدى الطويل وفي حال نمو الاقتصاد بوتيرة أسرع من ارتفاع الدين، فسوف يتراجع معدل الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي.

ويذكر التقرير أن الدراسة الصادرة عن صندوق النقد تهتم بتطور الدين على المدى الطويل بشكل أكبر من تركيزها على تأثير الاقتراض على معدل النمو الاقتصادي في المدى القصير، رغم أن الأخير قد يكون أكثر أهمية في كثير من الحالات، خاصة بالنسبة للحكومات التي تنتهي ولايتها بفترة محددة.

ويشدد تقرير «الإيكونوميست» على أن دراسة صندوق النقد تشير إلى أن ارتفاع الدين العام يجب ألا يتسبب بالضرورة في حالة من الذعر، كما أن مسار الديون نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي يمكن أن يكون أكثر أهمية من المستوى العام للدين.

ويرى التقرير أنه في كثير من الأحيان تتجاهل الحكومات المفاضلة الأساسية بين التكاليف، والفوائد المترتبة على الاقتراض الرامي إلى الاستثمار، مشيرا إلى أنه يتعين على الدول أن تنظر بمزيد من المنطقية لسقف الدين قبل التسرع في محاولة إصلاحه.

(أرقام)

back to top