هلع غير مبرر في الصين... 300 مليار دولار ساخنة خرجت... والباقي على الطريق

نشر في 16-05-2015 | 00:08
آخر تحديث 16-05-2015 | 00:08
No Image Caption
بدت الصين بقعة رائعة للأموال المهربة، لأن لديها عملة قوية وأسواق أسهم مرتفعة، ولكنها لم تعد تبدو مغرية بعد الآن.
بينما تتملك العالم الدهشة من الارتفاع المتواصل لأسعار الأسهم الصينية، تخرج الأموال بهدوء من الصين، وبوتيرة هي الأسرع خلال عقد من الزمن على الأقل.

وحسب تقديرات لويس كويجس، وهو كبير الاقتصاديين في الشؤون الصينية لدى رويال بنك اوف سكوتلاند، فإن الصين فقدت 300 مليار دولار عبر التدفقات المالية الى الخارج في الأشهر الستة حتى مارس الماضي. وتتوقع شركة الاستثمار في البهاما ديلتك انترناشنال أن يكون هذا الرقم أعلى من ذلك.

وهذا مسار تاريخي معاكس، فمنذ سنة 2006 حتى العام الماضي، تضاعفت احتياطيات الصين من العملة الأجنبية أربع مرات لتصل الى 4 تريليونات دولار. والبعض من تلك الأموال جاء عبر الفوائض التجارية والبعض الآخر من مستثمرين أجانب أنفقوا أموالهم بالدولار والين واليورو على استثمارات طويلة الأجل في الصين في مشاريع مثل المعامل والفنادق والشركات.

وكانت الشريحة الأخرى من الأربعة تريليونات على شكل أموال مهربة– من مستثمرين يبحثون حول العالم عن سندات عند المعدل الصحيح أو الأسهم التي تعد بالعوائد الأسرع. ويقترض مستثمر الأموال المهربة أيضاً بمعدل رخيص في إحدى الدول لشراء سندات بمعدلات أعلى في بلد آخر. وهذا إجراء قانوني، ولكن المستثمرين يغيرون استثماراتهم بسرعة كبيرة بحيث يكون في وسعهم زعزعة أسواق الأسهم والسندات.

بدت الصين بقعة رائعة للأموال المهربة –بالنسبة الى الصينيين والأجانب على حد سواء– لأن لديها عملة قوية وأسواق أسهم مرتفعة. ولكنها لم تعد تبدو مغرية بعد الآن. وارتفعت الأسهم الى درجة يشعر المستثمر معها بعدم وجود مزيد من فرص الارتفاع –كما يبدو من التعثر الأخير في مؤشر شنغهاي– كما أن اليوان قد بدأ يتأرجح منذ نهاية عام 2013.

صناديق التحوط

وأفضى تباطؤ النمو وانكماش أسواق العقار الى قروض معدومة، وحتى الى البعض من التخلف عن سداد السندات، إضافة إلى أن حملة مكافحة الفساد بقيادة الرئيس الصيني زي جنبنغ التي بثت حالة من القلق في أوساط قطاع الأعمال هناك.

وقد هبطت احتياطيات العملة الأجنبية الرسمية في الصين 260 مليار دولار في الفترة ما بين شهري يونيو ومارس. ويقوم المستثمرون بنقل الأموال الى الخارج، بمن فيهم صناديق التحوط الأجنبية والأفراد والشركات الصينية، وتخرج الأموال من الصين بطرق متعددة. ويتمكن البعض من تفادي اللاشرعية عبر الالتفاف على قوانين العملة المشددة، والبعض من التحويلات تتم بموافقة السلطات –مثل زيادة الاقراض الخارجي من قبل البنوك الصينية.

وإذا استمرت هجرة الأموال هذه، فإن ذلك سيضع بنك الشعب الصيني، أي البنك المركزي، في مأزق. وتستطيع الصين الاحتفاظ ببعض هذه الأموال من خلال رفع معدلات الفائدة، ولكنها تميل الى خفضها بغية تحفيز النمو. ويقول يو بنكانغ وهو اقتصادي لدى هواتي سيكيوريتيز Huatai Securities في شنجن «ان التوقعات بحدوث خفض في معدلات الفائدة في الأجل القريب قد بدأت تعتمل». وخفض معدلات الإقراض من قبل البنك المركزي سيضعف جاذبية الاستثمارات الصينية، وربما يسرع عمليات خروج الأموال.

ويلاحظ المتفائلون في الصين أن البعض من الهبوط في احتياطيات الصرف الرسمية الأجنبية يعكس الهبوط في قيمة اليورو، وهو واحدة من العملات التي تحتفظ الصين بها. واحتياطيات البنك من العملة الأجنبية قد ارتفعت في الواقع، كما أن تدفقات الرسملة إلى الخارج لم تقترب من مستويات الأزمة، وتظل الرقابة المشددة على العملة سارية.

وعلى الرغم من ذلك يرى بعض الاقتصاديين في ذلك نوعا من التحذير. ويقول فريدريك نيومان الرئيس المشارك في بحوث الاقتصاد الآسيوي في هونغ كونغ لدى اتش اس بي  سي هولدنغز «إن مجرد رؤية تدفق الأموال الى الخارج يعكس البعض من الشكوك حول استقرار الاقتصاد. ولو كان كل شيء على ما يرام في الصين أنت ستشتري عقارات وأسهماً أو تحتفظ بأموالك في حسابات مصرفية، لأن العوائد في الصين لاتزال أعلى منها في الخارج».

ويعتبر تخفيف قوانين الاحتياطيات على البنوك أحد الطرق التي تستطيع الصين من خلالها تحفيز الاقتصاد من دون تنفير المستثمرين الأجانب عبر خفض معدلات الفائدة. وفي شهر ابريل الماضي خفض البنك المركزي الصيني مستويات الإيداع التي يحتاج  معظم البنوك الى الاحتفاظ بها على شكل احتياط في البنك المركزي. ويمكن الآن تداول تلك الأموال في الاقتصاد على شكل قروض جديدة. وبالنسبة الى أكبر بنوك الدولة فإن متطلبات الاحتياطي خفضت بنسبة نقطة مئوية واحدة لتصل الى 18.5 في المئة.

عمليات اندماج

ويختلف المحللون حول كمية الأموال المهربة من الصين. ويعكس معظم تلك الأموال القوة الاقتصادية المتنامية للصين، مع شراء شركاتها الكبرى لأصول في كل أنحاء العالم. واشترت شركات صينية شركات أجنبية بوتيرة قياسية في سنة 2014، كما ازدادت عمليات الاندماج والاستحواذ الى 76.5 مليار دولار في العام الماضي، مرتفعة بنسبة 28.5 في المئة عن سنة سابقة، كما تظهر معلومات جمعتها «بلومبرغ».

وبينما يقول المسؤولون الصينيون إنهم غير قلقين إزاء التدفقات المالية إلى الخارج لكنهم يتخذون خطوات لمواجهة تلك العمليات. ومنذ شهر أبريل الماضي عززت السلطات إجراءاتها المتعلقة بملاحقة المسؤولين المتهمين بالفساد الذين هربوا إلى خارج البلاد وقد حملوا معهم أموالا حكومية.

ويقوم البنك المركزي الصيني بالعمل مع وزارة الأمن العام بالتحقيق في جرائم تتناول تحويلات مالية الى الخارج، بحسب وكالة مكافحة الكسب غير المشروع في الحزب الشيوعي. وأفضت بعض التحقيقات الى مصادرة أصول تم الحصول عليها بطرق غير قانونية.

وبغية تفادي مصادرة الدولة المحتملة لرأسمال العائلات الصينية الغنية يقول أندرو كولير، وهو مدير بحوث أورينت كابيتال «إن الحل الأكثر سهولة هو نقل الأموال الى الخارج». وإذا استخلصت النخبة الثرية التي تسيطر على 50 في المئة من توفيرات البلاد فجأة أن أموالها عرضة لخطر المصادرة فإن التدفقات الخارجية «قد تتحول الى طوفان بسرعة كبيرة».

ومع وجود 3.73 تريليونات دولار على شكل احتياطيات، فإن الصين ليست أمام خطر نفاد المال. ويقول كويجس «لا يوجد سبب وجيه للهلع الآن، ولكن صناع السياسة يريدون توخي الحذر الشديد». 

back to top