«أسماك وطيور وأقنعة» لاسماعيل خياط... أناشيد {مجروحة} من كردستان إلى العالم

نشر في 04-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 04-12-2014 | 00:01
{أسماك وطيور وأقنعة}، عنوان المعرض الذي تنظمه {غاليري أرجوان} في بيروت للرسام التشكيلي العراقي إسماعيل خياط (26 نوفمبر- 10 ديسمبر)، ويتضمن لوحات تغوص في أعماق الذات الإنسانية وتلمس الرغبات الدفينة فيها المختبئة وراء أقنعة.
في وجوهه التي هي امتداد لحضارة بلاده من خلال الشكل المستمدّ في بعض خطوطه من الحضارة السومرية، يرسم خياط حالات نفسية تحركها ظروف مختلفة، وردات فعل حول أوضاع قائمة تجرح إنسانية الإنسان، وتطلق صرخة مدوية للكف عن كل ما يدمي القلب والروح.

ابن كردستان العراق، ينطلق خياط من الأرض التي تشرّب منها جماليات الخط واللون والثقافة، في حوار مع الأمكنة والأزمنة، كل الأمكنة والأزمنة، ويسجل من خلال الوجوه والأقنعة صرخة احتجاج ضدّ كل ما يشوب هذا الزمن من عنف ووحشية بحق الكرامة، لذلك يبدو الحضور الإنساني مكبلاً بخطوط سوداء متشابكة لا خلاص منها، ترمز إلى أن الحروب بلغت أوجها في تعذيبه.

لوحات اسماعيل خياط أناشيد تنطلق من بلده كردستان إلى بلدان العالم، منددة بالظلم والقهر أينما وجد، وصارخة في وجه كل من يغذي المؤامرات لتقتلع الحضور الإنساني من أرضه وجذوره وحضارته وبيئته.

حكايات الأزمنة

قضية اسماعيل خياط، إذاً هي الإنسان، لذا يتأرجح التأليف في لوحته بين الرمزية وبعض من التجريد، فهو لا يبحث عن الجمال بقدر ما يرمي إلى إبراز مفاعيل المعاناة على وجوه حفرت فيها المآسي والتجارب جراحاً نازفة على الدوام. لكنه رغم كل هذا التشابك بين الواقع واللوحة، يبدو فيها بصيص من نور داخلي يرفض الإغراق في التشاؤم وينظر إلى المستقبل بخطوط ولو رفيعة من الأمل...

تزخر اللوحات بحكايات ترددها الأزمنة، تحلق في فضاء المشاعر والأحاسيس، وتشكل محطة تأمل في الماضي والحاضر لرسم مستقبل أكثر إشراقاً وأقل دموية، تطرح أسئلة في الوجود وتتوق إلى تجاوز المحدود إلى اللامحدود، استكشاف أعماق هذا الكون المسيّر بقوة تمحورت حولها الميتولوجيات ورسمت هالة من غموض على الواقع والمسار والمصير.

قد تكون الرموز والخطوط والأشكال التي تؤلف لوحة اسماعيل خياط بطاقة سفر إلى عوالم أخرى ليس أقلها عالم الأحلام، حيث تتنقل ريشته بحرية وترسم الوجوه الملونة بألوان الحياة وتعيد قراءة الماضي والحاضر بجمالياتهما وليس ببشاعاتهما وظلمتهما.

قد تكون الحياة سلسلة مستمرة من الأقنعة، هذا صحيح، لك ن اسماعيل خياط يدعو إلى نزعها، مواجهة الحقيقة كل الحقيقة بإصرار وشجاعة. لِم الأقنعة طالما أن الروح تستطيع تجاوز الحدود والتحليق في فضاء لامتناهٍ متحررة من المادة ومن التصنع والكذب والخداع؟ لِم الأقنعة طالما أن مصير الإنسان في النهاية معروف وهو الموت؟ لِمَ الأقنعة طالما أنه قادر على العمل وتحقيق إرادة التغيير؟

قد تنم الأقنعة عن زيف وعن خوف وتردد من المواجهة، لذا يدعو اسماعيل خياط في لوحاته إلى رؤية الحياة كما هي، والحوار مع الذات ومع الآخر ضمن سلسلة تراكمية من الثقافات والحضارات التي لا تقوى عليها المؤامرات والمحن ولا تستطيع إزالتها من الوجود.

في النهاية لعبة الخير والشر القائمة منذ الأزل وباقية إلى ما شاء الله، تتحكم الممارسات في رجحان كفة هذا أو ذاك، بالتالي قد يكون الإنسان سيد مصيره والمسؤول عن سجنه أو عن حريته... لذا ليس محكوماً برؤية الحياة من خلف القناع.

back to top