افتتاحية تدمير النفط... بأيادٍ حكومية!
ليست قضية الوزير العمير والمجلس الأعلى للبترول يتيمة في منحى تعطيل القرار والإدارة، لكنها حية وفجة وربما باتت تشكل النقطة التي طفح معها الكيل.يحار المواطن بمَ يصف تعليق مرافق مهمة أشهراً بسبب رغبات سياسية وأنانيات وسوء معالجات؛ هل هو استهتار؟ أم تلكؤ في القيام بالواجبات؟ أم هو فشل ونقص في الكفاءة يعانيه مجلس الوزراء؟
لا نتحدث عن معمَّيات ولا عن عموميات، فالنموذج لا يزال قيد الأخذ والرد والقرارات وتداعيات القرارات، بل صار معيباً إلى درجة تثير الاشمئزاز.لكن مهلاً... دعونا نضع النقاط على الحروف. هناك سلطة تنفيذية مسؤولة عن تسيير أمور المواطنين والإدارة من الألف إلى الياء، فالقرار الصائب قرارها، والخاطئ من ارتكابها، ولا شك أن موضوع مؤسسة البترول يدخل في حيز الارتكابات.نقول الحكومة. نعم، هذا من حيث المبدأ وحسب الأصول، لكن الواقع للأسف يظهر حكومة غائبة ووزراء لا دور لهم في اتخاذ قرار كبير لدرجة أن بعضهم لا يدري بالمواضيع التي تثار ولا بالقرارات التي تصاغ، وهم كالزوج المخدوع، أو فلنقل كموظفٍ ظن الوزارة ترقية وظيفية لا موقعاً لتحمُّل المسؤولية والمشاركة في القرار. ولئلا يرمي السادة الوزراء المسؤولية على الآخرين نسارع إلى القول بأن الكلام السابق عن عرقلة مجالس الأمة للمشاريع والقرارات لا يصلح مع هذا المجلس بالتحديد؛ فهو مجلس متعاون لا يتدخل في شؤون السلطة التنفيذية، وبالتالي فإن القرار محصور في مجلس الوزراء، فلماذا يحصل ما يحصل؟! وأين نحن من شعار تحويل الكويت إلى مركز مالي؟! وأين الحفاظ على سمعة الكويت المالية وتصنيفها، بينما يتم تدمير الإدارة بشكل منهجي؟!قضية مجلس البترول فضيحة، لكنها حلقة في سلسلة فضائح مسَّت سمعة الكويت، مثل المصفاة الرابعة والداو، ولكننا نرفض أن نعتبرها محطة من محطات الفشل من دون أن نشير بالبنان إلى المسؤول عن القرار والمتردد في اتخاذ قرار.نفهم أن لبعض الوزراء رغبات سياسية، لكن تغليبها في التعاطي مع الإدارة وتجسيدها في التعيينات الفنية ليس سلوكاً وزارياً قويماً، ولا تحمّلاً نزيهاً للمسؤولية. أما غياب مجلس الوزراء عن وضع الضوابط والتصدي لهذا النوع من المشاكل والانحرافات التي «تطفّش» الكفاءات وتضرب التنمية، فيُحسَب عليه مجتمعاً، ليس نقطة سلبية فحسب في مسار الحكومة، بل نقطة سوداء.إن الحكومة مسؤولة عن تسيير مصالح الناس وحمايتها، لكنها في أزمة القطاع النفطي أثبتت أنها غير ذلك، وأكدت غيابها وتقاعسها ووضعت القطاع النفطي على كف عفريت لحسابات سياسية لا مبرر لها.وأصبح من المؤكد أن أي حديث عن الإصلاح ومحاربة الفساد والتنمية هو مجرد شعارات بلا عزم على تطبيقها ولا سعي لتنفيذها، وهو مجرد استهلاك إعلامي ليس إلا.