«تارةً تربح وطوراً تتعلم!»... حوِّل خسائرك إلى أرباح

نشر في 19-05-2015 | 00:02
آخر تحديث 19-05-2015 | 00:02
يـأتي كتاب جون ماكسويل «تارةً تربح وطوراً تتعلم» ضمن لائحة الكتب الأكثر مبيعاً التي تصدرها دار «نيويورك تايمز»، وهو موجّه في معظمه إلى الشبّان الذين يشقّون طريقهم في الحياة ويتعرّضون لشتى المصاعب والعوائق.
أصبح توجيه الشبان في الولايات المتحدة، وفي مختلف أنحاء العالم عموماً، حاجة ماسّة في الوقت الذي اشتدّ التنافس فيه وتراجعت القيَم التي كان أسلافنا يعتبرونها أساساً لكل عمل يشرعون فيه.

اختار الكاتب الأميركي جون ماكسويل أهمّ موضوع في صلب حياة الشبّان وهو «الخسارة»، وكيف بإمكانهم تحويلها من واقع أليم وشاقّ إلى «افادة» تهيّئ سُبل النجاح، ويعتبر ماكسويل من مشاهير الكتاب، فقد تجاوز رقم مبيعات كتبه 24 مليون نسخة في خمس لغات، وهو يحاضر في أهم المراكز والجامعات العالمية، وهو المؤسس لمنظمات اجتماعيّة عدّة تتولى دراسات وإعداد اختصاصيين في حقول المال والتواصل الاجتماعي.

استهلال

يستهلّ الكاتب موضوعه بالتوجّه مباشرةً إلى الشباب فيسأل: «هل شعر أحدكم يوماً بالإحباط؟ هل تملككم اليأس لأنكم فشلتم في إحدى المهامّ؟ هل سبّب الفشل لكم ضعفاً في ثقتكم بأنفسكم؟ وماذا فعلتم بعد مروركم بهذه التجربة؟ هل استطعتم الإفادة مما جرى للانطلاق نحو وضع أفضل؟ لقد تمّ إعداد هذا الكتاب ليعاونكم على اجتياز مشاكلكم، وليكون وليكم الأمين في تحويل خسائركم من موقعها السلبيّ، ووضعها في موقع إيجابي قدر الإمكان».

معانٍ جديدة

من الصعب جداً التعلّم فور شعورنا أننا في مرحلة سقوط، فهذا الأمر ليس طبيعياً، إذ كيف يستطيع الكئيب أن يبتسم؟ وكيف يستطيع المتألم أن يحاور بهدوء ومنطق؟ وكيف يستطيع المنكسر أن يواجه نظرات الآخرين؟ وكيف يمكن الخاسر دائماً أن يكبح جماح انحداره ليرتفع مجدّداً؟ فإذا كنت تريد أن تتعلم فعلاً فما عليك في البداية سوى تغيير نظرتك إلى خسائرك والبحث عن الإيجابيات التي تكمن في طيّاتها.

إننا نستعمل مترادفات ومعاني جديدة لكلمات أساسية ترد في الكتاب، ومن المفيد الاطلاع عليها قبل الشروع في عمليّة التعلّم، وهي تعكس تماماً المفهوم الأساسي لها أو تضيف إليه معنىً إيجابياً. وإليكم هذه الكلمات التي اعتمدها ماكسويل عناوين لأبواب كتابه:

• التواضع، يعني روح التعلّم.

• الحقيقة، تعني المؤسسة التي يبنى عليها التعلّم.

• المسؤولية، تعني الخطوة الأولى في طريق التعلم.

• التقدّم، يعني هدف التعلّم.

• الأمل، يعني الحافز على التعلّم.

• المرونة، تعني درب التعلّم.

• التنوّع، يعني الانفتاح في التعلّم.

• المشاكل، تعني فرص التعلّم.

• الخبرات السيّئة، تعني إطار التعلّم.

• التغيير، يعني كلفة التعلّم.

• النضوج، يعني قيمة التعلّم.

انطلاقاً من هذه المفاهيم يسعى إلى تعليم الشبّان طريقة إدارة حياتهم وخصوصاً في مراحل الفشل والسقوط.

اعكس السؤال

«ماذا تنتظر أن تكون حالة الفشل عندما يعلم بسقوطه؟» إنّه سؤال هامّ يوحي بالكآبة عندما يُطرح. ولكن متى تلاعبنا في طرح السؤال وجعلناه كالآتي: «ماذا تعلمت من تجربة فشلك كي تتجنّبها في المستقبل؟» فإننا نشرّع بابَ الإيجابية في هذا الطرح ونخفف من وطأة الخسارة.

لكن المشكلة في أن الكثير من الناس لا يرغبون في الحديث عن خسائرهم ولا في التطرق إلى أسبابها، وهذا ما يفاقم خسارتهم لأنهم لا يريدون مواجهة أخطائهم واستدراك وقوعهم فيها ثانية.

إن أجدى ما تقدّمه الخسارة من منافع هو إلقاء الضوء على مكامن الضعف أو الجهل في ما تنجزه، فإن أردت النجاح في المرة المقبلة فما عليك سوى الإفادة مما قدّمه الفشل لك لكي تتجنبه وتصل إلى مبتغاك.

الحياة صعبة

يعتقد الكثيرون أن الحياة ينبغي أن تكون سهلة، وكذلك سبل النجاح، ولا يريدون أن يدفعوا ثمناً لقاء الحصول على متعتهم أو سعادتهم، وهذا أمر غير منطقي، فالحياة شاقة وكما يقول الفيلسوف رالف والد امرسن إنّ «مسيرة الإنسان مليئة بالسقطات» والذي يكبو في مسيرته هو من يعمل.

إذاً لا سقوط أو فشل إلا لأولئك الذي يعملون ويختبرون، ومن لديه العزيمة للعمل، لديه أيضاً  العزيمة للنهوض والبدء من جديد. إنّ الحياة صعبة، وأحياناً غير عادلة، لكن علينا القبول بما فيها من ألم وخسارة وظلم، ومجابهة كل ذلك بإرادتنا وإيماننا وتفاؤلنا بأننا نستحق الأفضل ويمكننا الحصول عليه.

الاضطلاع بالمسؤولية

لم تكن حياة «جون» سهلة في صغره، فقد كان أبوه  مدمناً أحياناً، فاضطرت والدته إلى العمل لتقوم بالحدّ الأدنى من إعالة زوجها البطّال وأبنائها الثلاثة الصغار، مما جعلها تنأى عن تربية أولادها وتوجيههم. وهكذا وجد «جون» نفسه وحيداً في خضمّ متطلبات الحياة ومصاعبها، فلجأ إلى مخالفة القوانين في سائر الأمور، واقتيد إلى السجن مرات عدّة.

كان «جون» في العشرين من عمره عندما خرج من السجن للمرة الأخيرة لأنه قرّر عدم العودة إليه. لكن هذا القرار تطلّب منه مسؤولية جسيمة، ففي السابق كان يتكل على مخالفته للقوانين كي يؤمّن مصاريفه، أما الآن فلا يجديه نفعاً سوى البحث عن عمل، وقد وجده في ميدان السينما.

وجّه «جون» كلّ نشاطه وجهده نحو عمله الذي أحبّه، والتزم بالأنظمة والقوانين وسعى إلى تثقيف نفسه من خلال التحاقه بمعاهد للتدريس. وبعد أعوام قليلة أخذ نجمه يلمع في محيطه حتى غدا اسمه معروفاً عند المخرجين والمنتجين. إنه قرار الاضطلاع بالمسؤولية، هذا ما أنقذ «جون» من وضعه بعد سقطاته المتعددة، فانقلبت حياته رأساً على عقب.

من المصيبة قد نحصد نجاحاً

فتحت ملالا يوسف زاي عينيها على سرير أحد المستشفيات وسألت الطبيب: «لماذا أطلقت النار عليّ؟».

كانت ملالا تركب الباص مع رفيقات الدراسة، وإذا بأحد الإرهابيين يُطلق النار عليها بهدف قتلها. لماذا؟ لأنّ ملالا الفتاة الصغيرة لا تكفّ عن المطالبة بحقّ الفتيات في المعرفة والتعلم في وطنها باكستان. ولم يعجب هذا الأمر جماعة طالبان الإرهابية فقرروا تصفيتها كي لا تصيب العدوى الفتيات الأخريات.

تلقّف الإعلام هذا الخبر بسرعة مدهشة وانتشر في جميع أرجاء العالم ممّا جعل الأمم المتحدة ومختلف المنظمات التربوية والإنسانية تهتمّ بموضوع ملالا، وتشيد بشجاعتها ومثابرتها على نشر أرائها المتقدمة.

وقفت ملالا تحاضر في أهم المراكز وأجرت الكثير من المقابلات التي تشرح فيها معاناة بنات جنسها في وطنها. وفي العام 2014  أصدرت كتاباً بعنوان «أنا ملالا» تشرح فيه موقفها وتشدّد على حرية الفتيات في التعلم، فحازت «جائزة نوبل» وأنشأت «مؤسسة ملالا» للتأثير على شعبها ودفع العالم إلى مساعدته.

من الفشل والخسارة والمصيبة قد نصنع أو نضع أنفسنا على دروب النجاح. فلنرفض اليأس ونخرج من عزلتنا ونتعلم من فشلنا وإلا فإننا نضاعف خسارتنا بمواقفنا السلبية.

back to top