السعودية... حين هزمت التحديات!

نشر في 24-09-2014
آخر تحديث 24-09-2014 | 00:01
 تركي الدخيل يمر اليوم الوطني على السعودية في ظرفٍ قد يكون هو الأشرس بالمنطقة في العصر الحديث.

عواصم تسقط واحتجاجات واضطرابات في أنحاء المنطقة، زلازل بشرية تزحف نحو الميادين والشوارع، ومع ذلك استطاعت السعودية أن تنأى بنفسها عن كل هذه الكوارث المحيطة.

سورية وليبيا ومصر واليمن وتونس، كلها عاشت الظروف العصيبة في زمن عصيب، بيد أن السعودية تتذكر في هذا اليوم الوطني أنها تجاوزت الأمواج الهادرة، والزلازل المدمرة، والهياج الجماهيري الحاشد الغوغائي، لتكون ضمن إطارها التنموي وضمن إرادة نهضتها اللذين أرادتهما لنفسها ومجتمعها بعيداً عن التأزيم والتعقيد والاضطراب والمساومات.

خلال أكثر من مئة عام منذ فتح الرياض، نواة انطلاق توحيد المملكة، مرت السعودية بتحدياتٍ كبيرة، منها حرب الملك عبدالعزيز على "إخوان من طاع الله"، الذين كانوا عصبة جيشه، لكنهم لم يستطيعوا أن يستوعبوا الظرف السياسي من جهة، كما أنهم تشددوا في الدين من جهة ثانية، وفي الحديث: "ولن يُشاد الدين أحدٌ إلا غلبه"، ومروراً بفتنة جهيمان العتيبي في الحرم المكي والجماعة السلفية المحتسبة، عندما احتلوا الحرم المكي الشريف فجر اليوم الأول من محرم الحرام مطلع 1400 هجرية (1979م)، بغية تأسيس دولة إسلامية، إذ السعودية في نظرهم لا تطبق الدين، لأنها تسمح بعرض النساء يغنين في التلفاز، وتضع الصور المحرمة على عملاتها، "ولن يُشاد الدين أحدٌ إلا غلبه" ثم الاضطرابات في القطيف، حيث حاول بعض شباب الشيعة تأسيس دولة شيعية مستقلة على غرار ما حدث في إيران على يد الخميني "ولن يُشاد الدين أحدٌ إلا غلبه".

 أعقب ذلك فتنة غزو صدام للكويت، وتطرف البعض الذين زعموا أن القوات الأجنبية، وخاصة الأميركية التي ساهمت في تحرير الكويت جنباً إلى جنب مع القوات السعودية والخليجية والعربية، ستتخذ من السعودية مقراً، ولن تخرج منها، في احتلال جديد، "ولن يُشاد الدين أحدٌ إلا غلبه"، لكن الأميركان خرجوا، وبقي الوطن!

 دون أن نستثني الإرهابَين، السني والشيعي، اللذين ضربا السعودية شرقاً وغرباً.

إرهاب شيعي، ضرب الأنفاق وفجّر في الحرم، وفي الخبر، وإرهاب سني، فجّر في المجمعات السكنية والدوائر الحكومية، وقتل في الحالتين الأبرياء، واستهدف زعزعة الأمن.

ثم جنون جماعة الإخوان المسلمين الحالية، هذه الجماعة التي جرمتها السعودية ضمن القانون، وتجاوزت تحديات الإرهابَين السني والشيعي معاً، في القطيف والرياض والقصيم وكل المناطق التي ترعرع فيها تنظيم القاعدة، و"حزب الله" الحجاز، وغيرهما.

تجاوزت البلاد المصاعب، وبقي الوطن.

واليوم السعودية تساهم في ضرب "داعش" وخلاياه في الداخل من خلال القبض على المجرمين وعلى المخططات قبل نشوبها وفي أوكارها في سورية والعراق. وستمضي الظواهر، وتبقى السعودية، التي تحتفل بيومها الوطني الرابع والثمانين.

حفظ الله السعودية من كل مكروه، وأعانها على أن تكون أقوى وأفضل.

back to top