بوتين يجسد ما تريده روسيا

نشر في 29-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 29-12-2014 | 00:01
ارتفعت شعبية بوتين كثيراً خلال أشهر من توليه منصبه، وقبل وقت طويل من بدئه تدعيم سلطته بطرق مستبدة، وعلاوة على ذلك ظلت شعبيته مرتفعة طوال 15 سنة، وكلما ازدادت تصرفاته استبداداً نمت شعبيته، وقد تكون هذه الشعبية عائدة إلى أن الروس لا يملكون نظرة إيجابية إلى الديمقراطية الغربية.
 أليكس ب. بيريزو أحب الفكاهي نورم ماكدونالد الإشارة إلى أن الألمان يعشقون ديفيد هاسلهوف، لربما كان هذا صحيحاً (ولا يزال كذلك)، إلا أن افتتان ألمانيا بهاسلهوف يبدو ضئيلاً مقارنة بإعجاب الروس بفلاديمير بوتين، هذا البطل القوي العزيمة، المحب للآثار وقيادة سيارات السباق، المهدئ للنمور، والعاري الصدر الذي عرفه بعض قادة العالم السابقين بـ"بوتي بوت".

أكد استطلاع جديد للرأي أجراه مركز AP-NORC مرة أخرى أن الروس، رغم الاقتصاد المضطرب جداً وسوء سمعة بوتين العالمية وانهيار قيمة الروبل، ما زالوا يؤيدون قائدهم بنسبة 81%، ولا تُعتبر هذه النتيجة محض مصادفة، فمركز ليفادا، الذي أجرى استطلاعات رأي شهرية بشأن بوتين منذ توليه رئاسة الوزراء للمرة الأولى في شهر أغسطس عام 1999، توصل إلى أرقام مماثلة.

تشير البيانات الأولية التي يقدمها مركز ليفادا عبر موقعه Russia Votes.org إلى أن بوتين ما زال يتمتع بشعبية تصل إلى 61% أو أعلى منذ توليه أعلى منصب رسمي (الاستثناء الوحيد الشهران الأولان في منصبه عندما كان الروس يعلمون هويته الحقيقية).

ماذا نستخلص من كل هذا؟ ذكر مراقب لسياسات أوروبا الشرقية أن الروس قد يكونون خائفين من الإقرار بأنهم يرفضون بوتين، صحيح أن البيانات لا تستثني هذا الاحتمال، إلا أنني أعتبره غير مقنع، فقد ارتفعت شعبيته كثيراً خلال أشهر من توليه منصبه، وقبل وقت طويل من بدئه تدعيم سلطته بطرق مستبدة، وعلاوة على ذلك، ظلت شعبيته مرتفعة طوال 15 سنة، وكلما ازدادت تصرفاته استبداداً نمت شعبيته، ونتيجة لذلك، قد تكون شعبية بوتين عائدة إلى أمر آخر: لا يملك الروس نظرة إيجابية إلى الديمقراطية الغربية.

كتبت صحيفة Moscow Times في تعليق على نتائج استطلاع آخر للرأي أجراه مركز ليفادا أن 45% من الروس يعتقدون أن الديمقراطية الغربية ستكون مدمرة لبلدهم، وفي الإطار عينه، أوضح مقال في صحيفة USA Today: "في التقليد السياسي الروسي، حيث يُعتبر القائد فوق القانون، يتمتع بوتين بالشعبية الكبيرة لأنه قوي".

تكون الخلاصة المقلقة، إذاً، أن حاكماً مستبداً مناهضاً للديمقراطية مستعداً لغزو الدول المجاورة من أجل مجد روسيا هو بالتحديد القائد الذي يريده الروس، ولا يقوم بوتين بما يخالف إرادة شعبه. على العكس، يجسد هذا القائد العقلية الروسية، ولا شك أن هذا مقلق للغاية.

كتبتُ السنة الماضية مقالاً رداً على ما نشره بوتين في صحيفة نيويورك تايمز بعنوان "مخاطر عدم التميز الروسي"، واستخلصتُ في النهاية أنني أتمنى أن "يحظى الروس بالقائد المتميز الذي لطالما استحقوه"، من المؤسف أنني كنت مخطئاً، يريد الروس بوتين قائداً لهم؛ لذلك يستحقون الكارثة الاقتصادية التي تنتظرهم على الأرجح في المستقبل القريب. نعم، يحصد الإنسان ما يزرع.

* "ذا كومباس"

back to top