الذهب الأسود يواصل تدفقه ببولندا من أقدم بئر نفطية بالعالم

نشر في 20-11-2014 | 00:01
آخر تحديث 20-11-2014 | 00:01
يعتبر بوبركا، في جنوب شرق بولندا، أقدم موقع لاستخراج النفط الصناعي في العالم ولايزال موضع استثمار تجاري حتى اليوم. وبفضل لوكاسيفيتز، الصيدلي والكيميائي والصناعي البولندي، الذي عاش في القرن التاسع عشر، أصبحت بوبركا مهد الصناعة النفطية العالمية..

لايزال النفط في حال غليان ورائحته تتصاعد من اعماق بئر حفر يدويا سنة 1860 على مرأى من مخترع مصباح النفط ومؤسس المنجم، اينياسي لوكاسيفيتز.

ويعتبر «بوبركا» في جنوب شرق بولندا اقدم موقع لاستخراج النفط الصناعي في العالم ولايزال موضع استثمار تجاري حتى اليوم.

وقالت باربارا اوليجارز، مديرة متحف الصناعة النفطية الممتد على 20 هكتارا والموجود في موقع المنجم القديم، لوكالة فرانس برس انه بفضل لوكاسيفيتز، الصيدلي والكيميائي والصناعي البولندي الذي عاش في القرن التاسع عشر، «اصبحت بوبركا مهد الصناعة النفطية العالمية».

واضافت: «كل شيء بدأ هنا»، مؤشرة باصبعها الى نصب اقامه لوكاسيفيتز وشركاؤه واصدقاؤه في بوبركا ايذانا بانطلاق اعمال المنجم سنة 1854 وانشاء اول شركة نفطية في العالم.

النفط الصخري

واينياسي لوكاسيفيتز، من مواليد سنة 1822 في زادوسزنيكي بغاليسيا، التي كانت تنتمي في تلك الحقبة الى الامبراطورية النمساوية المجرية، حصل بعد ثلاثين عاما على اجازة في الصيدلة من جامعة فيينا، وابدى اهتماما بـ»النفط الصخري» الذي كان موجودا منذ قرون في جبال الكاربات الشرقية.

وبعد تجارب متعددة توقفت في بعض الاحيان بسبب حرائق وحوادث عرضية، نجح لوكاسيفيتز في التقطير التجزيئي للنفط الخام واخترع اول مصباح على الكيروسين. وفي يوليو 1853، تولى انارة مستشفى لفيف «ليمبرغ بالالمانية ولفوف بالبولندية». وفي العام التالي، قام بانارة اول مصباح يعمل على النفط في العال بمدينة غورليس، وقد انار شارعا في المدينة. وبعد ذلك، وللحصول على كميات كافية من الوقود، كان لا بد من تعلم كيفية استخراجه. وقالت اوليجارز: «في بوبركا، اول المنقبين كانوا حفاري آبار حفروا ثغرات مستخدمين المعاول والمجارف والمطارق. العمل كان مضنيا وخطيرا».

أعمال خطيرة

وخلال العمل، ينبغي على حفار الآبار ان يتنبه الى الانهيارات والانزلاقات والفيضانات وتسرب الغاز، مما يتسبب في وقوع الحوادث القاتلة في كثير من الأحيان. وبالتالي كان يقوم بتعزيز جدران الحفرة الكبيرة بالألواح وحشو الفواصل بالبقوليات اذ ان البازلاء والحمص والفاصوليا تنتفخ عند الاحتكاك مع الماء ما يجعل البناء محكما.

وللحصول على حركة للهواء في القعر، كان ينزل مع طير مربوط بشريط. فقد كانت رفرفة الاجنحة تؤدي دور اداة التهوئة الطبيعية.

وفي 1874، احصت الدوائر النمساوية - المجرية 111 بئرا وموقعا للتنقيب في بوبركا. وكان البئر الاعمق المحفور يدويا يصل الى عمق 150 مترا. ومع التقدم التقني السريع، جرت زيادة عمق الآبار بفضل انواع متعددة من الحفر، وهي تقنية طورت بشكل خاص في الولايات المتحدة.

لكن «بحسب البعض، جاء احد المنتمين الى عائلة روكفلر (التي اشتهر افرادها بأنشطتهم الصناعية)، شخصيا او ممثلا بأحد معاونيه، الى هذا المكان بحثا عن كيفية الحصول على الكيروسين من النفط الخام»، بحسب اوليجارز.

وروت: «لوكاسيفيتز اخبرهم كل شيء. اصدقاء روكفلر يخبرون ذلك باندهاش: اذ انه ردا على سؤال عن الثمن الواجب دفعه لقاء نصائحه، اجاب ان الامر مجاني لأنه كان يقدم خدمة للبشرية وليس الهدف الكسب المادي».

وأوضحت مديرة المعهد التقني للبتروكيمياء في كروسنو، جوانا كوبيت أن لوكاسيفيتز «كان شخصا متواضعا جدا وذا طيبة يضرب فيها المثل، كان شغوفا. وبحسب تصوره، كان يجب على الصناعة النفطية ان تساعد خصوصا على تحسين الحياة في هذه المقاطعة الفقيرة في غاليسيا». ومع الارباح التي درتها هذه الصناعة الجديدة، «تغيرت حياة سكان المنطقة. كان يقال في تلك المرحلة ان كل طريق في غاليسيا كانت معبدة من اموال لوكاسيفيتز»، اذ انه انفق اموالا طائلة من ثروته الشخصية على مشاريع للمنفعة العامة، وفق كوبيت.

الا ان هذا التواضع بحسب اوليجارز ادى دورا سلبيا ضد لوكاسيفيتز اذ انه «بقي مغمورا بالمقارنة مع علماء بولنديين آخرين مثل كوبرنيك او ماري سكلودوفسكا كوري. لم يكن يحب ان يتحدث احد عنه، لم يكن يسعى الى التكريم، بذل كل ما في وسعه خلال حياته كي ينساه العالم وامنيته تحققت».

back to top