تسليح سنّة العراق... صيغة جديدة للنظام السياسي برمته

نشر في 03-05-2015 | 00:01
آخر تحديث 03-05-2015 | 00:01
يعني قرار مجلس النواب الأميركي المتضمن بندا لتسليح سنّة العراق، للعديد من الشيعة، أن واشنطن قد تعيد النظر في ما فعلته قبل 12 عاما حين أطاحت بصدام حسين وأتاحت للأغلبية الشيعية المتركزة في الوسط والجنوب، الإمساك بأهم مفاصل الأمن والسياسة والنفط في البلاد.

وهذا يعني بالنسبة إلى الشيعة أن واشنطن قد تسلح السنّة كي تسندهم وقت الحاجة، ليمثلوا تهديدا لسلطة الشيعة في بغداد.

إلا أن واشنطن ومن يدعمون وجهة نظرها، تقول إن النظام اللامركزي أمر ورد في الدستور ووقّع عليه كل القادة العراقيين منذ 2005، وهو يتيح ظهور إدارات محلية، سواء للسنة أو للمدن الشيعية نفسها، وتتمتع هذه الإدارات بصلاحيات تنفيذية وتشريعية واسعة، كما يحصل منذ وقت طويل في إقليم كردستان الشمالي.

 كما أن انهيار يونيو الماضي، أمام «داعش» يوجب على الجميع النظر في صيغة جديدة للأمن في المناطق السنية، ولا توجد صيغة عملية أكثر من تجربة شيء نجح مع ديفيد بترايوس قائد الجيوش الأميركية السابق، الذي شكّل ميليشيا الصحوات السنية في الأنبار وديالى ونجح في طرد «القاعدة».

أي أن إشراك المجتمع المحلي هو صيغة ضرورية للأمن بعد عجز الحكومة الشيعية عن الحفاظ بنفسها على المناطق السنيّة. أما السنة فيقولون إن أصغر رجل دين شيعي بات يمكنه أن يجمع عددا من الشباب ويعلن نفسه زعيما لميليشيا ضمن الحشد الشعبي، ليجري تسليحه بالمدفعية والراجمات الثقيلة، فلماذا يحرم المتطوعون السنة من ذلك للحفاظ على مناطقهم؟

لكن المراقبين يضعون تساؤلات تتعلق بالوضع السني نفسه، إذ يمتلك كل من الأكراد والشيعة تكتلا سياسيا موحدا بالحد الأدنى، قادرا على التفاوض باسم جمهوره، ويحظى باعتراف من الجميع، بينما ظل السنّة منقسمين ولم ينجحوا في خلق واجهة سياسية مستقرة تحظى بثقة جمهورها بما يكفي، وتمضي في التفاوض بما يكفي، وهذا ما جعل واشنطن مثلا، تتأخر في اسناد المقاتلين السنة، إذ لم يتمكن القادة الأميركان من فض الاشتباك بين الساسة في الأنبار ونينوى، والعشائر السنية الغاضبة على الساسة، والمصرّة على أنهم لا يمثلون جمهورهم.

ولذلك فإن فكرة تسليح السنّة ستبقى صعبة التطبيق، الى أن يفرز الواقع تمثيلا فاعلا يمكن إبرام التسويات معه. إلا أن السنّة يردون على هذا بالقول إن المطلوب ليس تسليحا لقوات غير نظامية وقبائل، بل تشكيل ما يعرف بقوات الحرس الوطني، التي تتبع إداريا للحكومة المحلية المنتخبة داخل المحافظة المعنية، وتخضع كذلك لإشراف من وزارة الدفاع الاتحادية، التي تتكفل بدفع مرتبات الجند وتسليحهم وإسنادهم خلال المعارك، على أن يبقى تسليح هذه القوات أدنى من تسليح الجيش الاتحادي، حيث يحتفظ لنفسه بالطائرات والقوات المدرعة، وهذا ما نص عليه مشروع قانون تعرض للإهمال منذ نحو ثلاث أشهر، ولم يمر في البرلمان العراقي، ومن المرجح أنه سيعود لواجهة السجالات مع تحرك مجلس النواب الأميركي نحو دعم قوة دفاع ذاتي لمناطق غرب العراق.

back to top