منظور آخر: أين تذهب تبرعات الكويت؟

نشر في 07-06-2015
آخر تحديث 07-06-2015 | 00:01
 أروى الوقيان بدا الجميع متأنقا، مياه غازية من أوروبا تتسطر أمام الطاولات، وفي الاستراحة بوفيه من فندق 5 نجوم، لغة الحوار بدت راقية بشكل مبالغ فيه: طال عمرك تفضل... البوفيه، سعادة السفير هنا غرفة الاستراحة إن أردت تدخين سيجارك، سنبدأ محور الجلسة خلال ربع ساعة.

نلتقي بعد استراحة الصلاة في الغرفة القريبة من المسبح الجميل، والمنظر الرائع لأشعة الشمس حين تطفئ حرارتها على سطح البحر، مكيف بارد جعلهم ينسون أن هناك حرا مخيفا في الخارج... تفضلوا أيها الحضور لنناقش بند حقوق الإنسان، يعاني العالم عمليات نزوح ولجوء حول الخريطة، لم تتوقعها المؤسسات الإنسانية ولا حتى الدول، هناك أكثر من 3 ملايين نازح عراقي تعرض للتهجير القسري، وهناك أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري توزعوا في الدول القريبة.

العمليات الإرهابية وصلت إلى أوجها في العراق من "داعش" والعصابات، العالم بات بقعة يصعب العيش فيها، الدول المستضيفة تعاني عبئا اقتصاديا وأمنيا بسبب اللاجئين، قدم الخليج الكثير من التبرعات القيمة، ولكن يا سادة يا كرام نحن بحاجة لاستمرار هذه المساعدات لتستمر الحياة لهؤلاء اللاجئين.

المضحك المبكي في كل هذه المؤتمرات التي أحضرها هو هذا التناقض الصارخ ما بين بذخ وصرف كبير على المؤتمرات تقدر بميرانية محترمة لهؤلاء اللاجئين، وما بين الكلام والحقائق الصادمة التي يفجعون قلوبنا بها.

يمكنك أن توصل هذه الرسالة بأرخص الإمكانات وبرعايات من القطاع الخاص، ولكن أن تتحدث من برجك العاجي، وتدخن سيجارك الكوبي يا مسؤول فأنت لا تقنعني ولا تقنع الحضور بصدق إنسانيتك.

الكويت كانت ومازالت تحمل هموم الدول المنكوبة، وكأنها أمهم بالرضاعة، ونفتخر ككويتيين بالدور الكبير الذي قدمه بلدنا لخدمة المنكوب واللاجئ في كل مكان دون تمييز أو عنصرية، لكن الكويت وحدها لا تستطيع أن تحمل هذا العبء الثقيل وحدها، والعالم يبدو منشغلا بهمومه وتطوير اقتصاده، ويشارك بالفتات لهموم العالم الثالث.

تشير الأرقام إلى مساهمات كريمة وسخية للكويت في كل الميادين بإمكانها أن تعمر دولة لكل لاجئ عربي قدمتها للأمم المتحدة ولكن ماذا حدث لها؟ وما زالت هذه المنظمات تزور الكويت طامعة في كرمها، فمن واجبنا الإنساني أن نقف ونساعد أخانا الإنسان في محنته، ولكن يبقى السؤال أين ذهب نصف المليار دولار الذي قدمته الكويت للاجئين السوريين؟ حين يعتري الفساد العمل الإنساني تشعر بالخذلان من جميع المؤسسات الإنسانية.

قفلة:

يبلغ الصرف على المؤتمرات التي تتحدى برفاهيتها حفل الأوسكار ميزانية إنشاء قرية تستضيف آلاف اللاجئين، وأتمنى من القائمين على هذه المؤتمرات التواضع بالصرف، فلا يمكن أن أصدق ما تقدمه لي من حقائق وأنت في قمة رفاهيتك، لا أصدق هذا التناقض.

back to top