أدوية الستاتين... هل آثارها الجانبية شائعة؟
هل تأخذ نوعاً من أدوية الستاتين لتخفيض معدل الكولسترول أم تفكر بأخذه قريباً؟ في هذه الحالة، قد تشعر بالقلق من الآثار الجانبية المحتملة. تشمل الأعراض الأكثر شيوعاً الأوجاع العضلية، لكن ربما سمعت أيضاً أنّ الستاتين يسبب السكري ومشاكل في الذاكرة.لن تواجه على الأرجح أي آثار جانبية بسبب أدوية الستاتين. لكن إذا فعلت، ثمة طرق لعكس مفاعيلها.
رغم الحملة السلبية في شأن الآثار الجانبية لأدوية الستاتين، من المستبعد أن يختبرها معظم الناس. وإذا لاحظتَ وجود مشكلة معينة في حالتك، لا تستخلص الاستنتاجات فوراً: قد لا يكون الستاتين سبب المشكلة.يقول د. كريستوفر كانون، طبيب قلب في مستشفى بريغهام للنساء التابع لجامعة هارفارد: “الأوجاع العضلية شائعة لكنها تنجم غالباً عن عوامل لا ترتبط بمنتجات الستاتين. تبقى الأضرار العضلية الحادة نادرة وهي تصيب شخصاً من أصل 10 آلاف”.حتى لو رُبطت المشاكل العضلية بأخذ الستاتين، قد يقدم الطبيب بعض الخيارات لمتابعة حصد المنافع من هذه الأدوية.بين المخاطر والمنافعيسهم الستاتين، عند استعماله تزامناً مع حمية صحية ورياضة منتظمة، في تخفيف خطر النوبات القلبية والجلطات الدماغية أو حتى الوفاة لأسباب مرتبطة بالقلب، وذلك بنسبة تتراوح بين 25 و30%. يكمن سر علاج الستاتين بتحديد الفئة المعرّضة لنسبة خطر كافية كي تتفوق إيجابيات الستاتين على سلبياته المحتملة.يقول النقاد إن مؤيدي الستاتين يبالغون في التركيز على المنافع مقابل الاستخفاف بالمخاطر، لا سيما عند الأشخاص الأصحاء. لكن بسبب القلق غير المبرر من الآثار الجانبية، قد يقرر بعض الأشخاص وقف الدواء. قد يكون هذا السلوك مضراً عند المصابين بأمراض القلب، إذ تستفيد هذه الفئة بشكل أساسي من منافع الدواء.مشاكل عضليةيصاب الأشخاص الذين يأخذون الستاتين بمجموعة متنوعة من الأعراض، الأكثر شيوعاً منها: وجع في عضلات الساقين أو جذع الجسم أو الكتفين أو الذراعين. كذلك، يذكر بعض مستخدمي الدواء ضعفاً وحرقة وليونة وتصلباً وتشنجاً في العضلات.في تجارب عيادية عشوائية ترتكز على استعمال الدواء الوهمي (تجارب توفر أفضل أدلة في شأن سبب المشاكل ونتائجها)، واجه 10% من المشاركين نوعاً معيناً من الأعراض التي تصيب العضلات تزامناً مع أخذ الستاتين. لكن هل نجمت تلك الأوجاع العضلية عن الستاتين أو كان الأمر مجرد مصادفة؟وفق مراجعة حديثة لتجارب عيادية عن الستاتين نُشرت في مجلة “طب القلب الوقائي”، أصيب العدد نفسه تقريباً من الأشخاص ضمن الفئتين بمشاكل عضلية، ما يشير إلى أن الدواء لم يسبب تلك المشاكل.ارتكز معظم الدراسات التي تطرقت إلى الآثار الجانبية للستاتين على مراقبة مجموعات واسعة تشمل أشخاصاً يأخذون أدوية الستاتين. في الدراسات، تراوحت نسبة مستخدمي الستاتين الذين واجهوا مشاكل عضلية بين 10 و20%. سُحبت أعلى التقديرات حديثاً من “مجلة الطب البريطانية” لأن المشرفين على التقرير أساؤوا تفسير البيانات المستخلصة من إحدى الدراسات، وبالتالي بالغوا في تقدير المشاكل المرتبطة بالستاتين.خطر السكرييكون الأشخاص الذين يأخذون الستاتين أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالسكري. قد يظن البعض فوراً أن “الستاتين يسبب السكري”، لكنّ الواقع أكثر تعقيداً.قد ترفع أدوية الستاتين مستويات سكر الدم، بما يكفي على الأرجح للإصابة بمرض السكري. لكن تشير الأبحاث إلى أن معظم مستخدمي الستاتين الذين يصابون في نهاية المطاف بالسكري يسجلون أصلاً معدلاً طبيعياً مرتفعاً من سكر الدم فيأتي دواء الستاتين ليرفعه فوق المعدل.تقول د. ليندا هامفيل من مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد: “صحيح أنني أقابل مرضى في مرحلة ما قبل الإصابة بمرض السكري وسرعان ما يصابون بالمرض تزامناً مع أخذ الستاتين، لكني لا أستطيع التأكيد على أن الستاتين هو السبب. يمكن أن يصاب المريض بالسكري إذا لم يخسر الوزن أو يمارس الرياضة أو يحسن حميته الغذائية”. تشير دراسة جديدة نُشرت في “مجلة الطب البريطانية” إلى أن الستاتين لا يسبب على الأرجح انتشار وباء السكري. سُجلت حالة جديدة من السكري عند كل 342 شخصاً ممن أخذوا أدوية الستاتين القوية طوال سنتين. يقول د. كانون: “لكن إذا وُصف الستاتين بالطريقة المناسبة للأشخاص الأكثر عرضة للخطر، ستكون المنفعة واضحة لتجنب أمراض القلب. بالتالي، يبدو أن المنافع على المدى القريب تتفوق على مخاطر الإصابة بالسكري على المدى الطويل”.هل الستاتين هو السبب فعلاً؟إذا واجهتَ أعراضاً عضلية تزامناً مع أخذ أدوية الستاتين، سيكون الدواء سبب المشكلة في الحالات التالية، وفق ليندا هامفيل المتخصصة بارتفاع الكولسترول في جامعة هارفارد:• المشكلة حديثة: يظهر الوجع أو الضعف خلال بضعة أسابيع من بدء أخذ الستاتين. تقول د. هامفيل إنها لا تقابل في العادة مرضى يواجهون أعراضاً عضلية بعد أشهر من بدء علاج الستاتين.• المشكلة متماثلة: تصيب المشكلة العضلية جانبَي الجسم. يواجه المرضى أعراضاً عضلية في الساقين معاً. إذا اقتصرت المشكلة على ساق واحدة، من المستبعد أن يكون الستاتين هو السبب.• المشكلة غير مبررة: ما من سبب واضح آخر لتبرير وجع العضلات أو ضعفها. توضح د. هامفيل: “يجب أن تكون المشكلة غير مبررة. يجب ألا تظهر بعدما أمضيت اليوم كله وأنت تقوم بأعمال شاقة. كذلك يجب استبعاد أي أسباب محتملة أخرى للمشاكل العضلية، مثل ضعف نشاط الغدة الدرقية أو تراجع مستويات الفيتامين D أو التفاعلات مع أدوية أخرى.أداء الذاكرةيبقى الرابط بين ضعف الذاكرة وأدوية `إدارة الغذاء والدواء تطلب من شركات الأدوية أن تذكر تحذيراً في شأن ضعف الذاكرة المفاجئ والارتباك وتشوش الذهن الذي يصيب مستخدمي الستاتين. لم تؤكد الوكالة على أن أدوية الستاتين تسبب تلك الأعراض، لكن يجب أن يعرف الأطباء الذين يصفون الستاتين والمرضى الذين يأخذون الدواء بهذا الاحتمال.استناداً إلى الأبحاث الحاصلة حتى الآن، يجب ألا تتوسع المخاوف في شأن مشاكل الذاكرة. يقول د. كانون: “كان هذا الموضوع محور تجارب عيادية واسعة شملت حتى 20 ألف مريض، ولم يتم رصد أي أثر محتمل على الذاكرة”.تعامل مع الآثار الجانبيةحين تقرر أخذ نوع من الستاتين، يجب أن تلتزم بأخذه لضمان منافعه. إذا اشتبهتَ بظهور أي آثار جانبية، أبلغ الطبيب بذلك وفكر بـ”تحدي” الستاتين مجدداً. يعني ذلك وقف أخذ الستاتين وانتظار بضعة أسابيع كي يخرج الدواء من الجسم، ثم ابدأ بأخذه مجدداً. إذا لم تتكرر المشاكل، فيعني ذلك أن الستاتين لا علاقة له بالمشكلة.إذا تجددت الأعراض المرتبطة بالستاتين، ستصبح أمام خيارين:تجربة نوع مختلف من الستاتين: قد تتجاوب بطريقة مختلفة مع هذا النوع مقارنةً بالدواء الأصلي.أخذ دواء أقوى من منتجات الستاتين، لكن بجرعة أقل، ثلاث مرات في الأسبوع وليس يومياً.تشمل الخيارات الشائعة لعلاج الستاتين القوي المفعول: أتورفاستاتين (ليبيتور) أو روسوفاستاتين (كريستور)، وهما يخفضان معدل الكولسترول السيئ بنسبة أكبر مما تفعل أدوية الستاتين المتوافرة راهناً: فلوفاستاتين (ليسكول)، لوفاستاتين (ميفاكور)، بيتافاستاتين (ليفالو)، برافاستاتين (برافاشول)، سيمفاستاتين (زوكور).