القطط... لماذا {تعشق} الصناديق؟

نشر في 09-02-2015 | 00:01
آخر تحديث 09-02-2015 | 00:01
No Image Caption
يمكن أن يفرح جميع محبي القطط. قد تكون لامبالاة قطتك تجاه جهاز Deluxe Scratch DJ Deck الجديد مخيّبة للآمال، لكنَّ ثمة غرضاً سيثير اهتمامها من دون أدنى شك. ذلك الغرض هو الصندوق وفق ما وثّقته مختلف المراجع على شبكة الإنترنت. ضع صندوقاً على الأرض أو على كرسي أو على رف الكتب وشاهد كيف ستنقضّ عليه قطتك.
مثل الأمور الغريبة الأخرى التي تقوم بها القطط، لم يتمكن العلم من فك لغز تعلقها بالصناديق. يوفر الصندوق عاملاً جاذباً يميزه عن غيره: القطط تنصب بطبيعتها الكمائن، وتوفر الصناديق أماكن ممتازة للاختباء ولتعقب الفريسة (والانسحاب إليها مجدداً). لكن لا يقتصر الأمر على ذلك طبعاً.

لحسن الحظ، توصَّل علماء الأحياء السلوكيون والأطباء البيطريون إلى بضعة تفسيرات أخرى ومثيرة للاهتمام. عند التدقيق بالأدلة كلها مجتمعةً، قد يتبين أن القطة لا تحب الصناديق بكل بساطة، بل إنها تحتاج إليها.

لا شك أن فهم طريقة تفكير القطط مهمّة صعبة. في النهاية، لا تُعتبر القطط عموماً من الكائنات التي يسهل اختبارها. مع ذلك، جرت أبحاث سلوكية كثيرة حول القطط واستُعملت لإجراء أنواع أخرى من الأبحاث (مثل قطط المختبرات). ركز معظم الدراسات على الاغتناء البيئي، وهي تحصل منذ أكثر من 50 سنة وتشدد على أمر واحد بشكل أساسي: رفيقك الغامض يجد الراحة والأمان في الأماكن المغلقة.

إنه أمر صحيح على الأرجح لعدد من الأسباب. بالنسبة إلى القطط التي تواجه هذه الظروف العصيبة، يمكن أن يعطي الصندوق أو أي نوع آخر من الأماكن المغلقة المنفصلة (ضمن المواقع المغلقة التي تتواجد فيها أصلاً) أثراً عميقاً على سلوكها وخصائصها الفيزيولوجية.

الطبيبة البيطرية كلوديا فينك من جامعة أوتريخت في هولندا هي واحدة من أحدث الباحثين الذين يدرسون مستويات الضغط النفسي لدى القطط الموجودة في الملاجئ. تعمل فينك مع القطط الأليفة في ملجأ هولندي للحيوانات وقد وفرت صناديق للاختباء لمجموعة من القطط التي وصلت حديثاً إلى المكان تزامناً مع حرمان مجموعة أخرى من تلك الصناديق بالكامل. لاحظت اختلافاً بارزاً في مستويات الضغط النفسي بين القطط التي تلقت الصناديق وتلك التي تفتقر إليها. اعتادت القطط التي حصلت على الصناديق على بيئتها الجديدة بوتيرة أسرع، وتراجع مستوى الضغط النفسي لديها في مرحلة مبكرة، وأبدت اهتماماً أكبر في التفاعل مع البشر.

إنها نتيجة منطقية حين نعلم أن أول رد فعل يبديه معظم القطط في أي ظرف عصيب يقضي بالانسحاب والاختباء. قالت فينك في رسالة إلكترونية: {الاختباء هو استراتيجية سلوكية تتبعها هذه الفصيلة للتكيف مع التغيرات البيئية ومسببات الضغط النفسي}.

ينطبق الأمر نفسه على القطط البرية والمنزلية في آن. لكن بدل الانسحاب إلى أعالي الشجر أو الأوكار أو الكهوف، قد تجد قطتك الراحة في علبة الأحذية.

نزعة غير اجتماعية

لا تجيد القطط حل الخلافات بأي شكل. وفق مقتطفات من كتاب {القطة الأليفة: الجانب البيولوجي من سلوكها} (The Domestic Cat: The Biology of its Behaviour)، {لا تطور القطط على ما يبدو أي استراتيجيات لحل الخلافات بقدر ما تفعل الأجناس الأكثر اجتماعية، لذا قد تحاول التحايل على المواجهات الصعبة من خلال تجنب الآخرين أو تقليص نشاطاتها}.

بدل حلّ الأمور، تميل القطط إلى الهرب من مشاكلها بكل بساطة أو تجنبها بالكامل. في هذا السياق، يمكن أن يشكل الصندوق منطقة آمنة، أو مكاناً تزول فيه مصادر القلق والعدائية والانتباه غير المرغوب فيه.

لكن تكمن مشكلة هذه التفسيرات في واقع أنها تجعل العامل الجاذب في الصندوق يبدو كمؤشر على عدم تأقلم القطط مع محيطها وارتفاع مستوى ضغطها النفسي.

التقوقع

إلى جانب الصناديق، سيلحظ كل من يراقب القطط عن كثب أن عدداً كبيراً من القطط يميل إلى اختيار أماكن غريبة أخرى للاسترخاء. يتقوقع بعضها في مغسلة الحمّام ويفضل البعض الآخر الجلوس داخل الأحذية والأوعية وأكياس التسوق وأكواب القهوة وعلب البيض الكرتونية الفارغة ومساحات محصورة أخرى.

هذا ما يوصلنا إلى السبب الآخر الذي يفسر ما يجعل القطة تحب الصناديق الصغيرة تحديداً (وأماكن أخرى تبدو غير مريحة): البرد قارس في الخارج!

وفق دراسة أجراها المجلس الوطني للبحوث في عام 2006، تتراوح حرارة المنطقة المحيطة بالنسبة إلى قطة منزلية بين 30 و36 درجة مئوية. إنه نطاق الحرارة الذي تشعر فيه القطط بالراحة ولا تضطر إلى إنتاج حرارة إضافية للبقاء دافئة أو لصرف الطاقة الأيضية على تبريد الجسم. يبدو أن ذلك النطاق يكون أعلى بعشرين درجة من نطاق البشر، ما يجعل خروج القطط للاسترخاء على الإسفلت الساخن والتمتع بأشعة الشمس في يوم صيفي سلوكاً غير مألوف.

يشرح ذلك أيضاً ما يجعل بعض القطط يقبع في صناديق كرتون صغيرة وأماكن غريبة أخرى. الكرتون المضلّع هو عازل ممتازل وتجبر المساحات المحصورة القطة على التقوقع أو الجلوس بطريقة شبه مستحيلة أخرى، ما يساعدها في المقابل على الحفاظ على حرارة جسمها.

وجدت الدراسة نفسها التي أجراها المجلس الوطني للبحوث أن حرارة معظم المناطق السكنية التي تقيم فيها القطط تبلغ نحو 22 درجة مئوية، أي أبرد بـ14 درجة من نطاق الحرارة الدنيا للقطة المنزلية.

باختصار، الصناديق هي أماكن عازلة تخفف الضغط النفسي وتوفر الراحة: في هذه الأماكن، تستطيع القطط الاختباء والاسترخاء والنوم وأحياناً شن هجوم ماكر ضد الكائنات الضخمة وغير المتوقعة التي تعيش معها.

back to top