«المنظمات المانحة»: 506 ملايين دولار لإغاثة السوريين

نشر في 31-03-2015 | 00:01
آخر تحديث 31-03-2015 | 00:01
المعتوق: الكويت باحتضانها «المانحين 3» تسطر صفحة جديدة في سجلها الحافل بالعطاء
تحضيراً لمؤتمر المانحين الثالث لدعم الوضع الإنساني في سورية التأم أمس مؤتمر المنظمات المانحة الذي انتهى إلى تعهدات مالية تجاوزت 500 مليون دولار، محذراً من مغبة التداعيات المتراكمة للأزمة السورية.

أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية رئيس الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية والمستشار بالديوان الأميري الدكتور عبدالله المعتوق أن الكويت باحتضانها المؤتمر الدولي الثالث للمانحين لدعم الوضع الانساني في سورية تسطر صفحة جديدة في سجلها الحافل بالعطاء الإنساني.

جاء ذلك في كلمة المعتوق الافتتاحية للمؤتمر الدولي الثالث للمنظمات الخيرية غير الحكومية المانحة للشعب السوري امس، والذي اقامته الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية بمشاركة أكثر من 100 منظمة محلية وإقليمية ودولية و140 شخصية مهتمة بدعم العمل الخيري.

وقال المعتوق إن الكويت من خلال استضافتها مؤتمر "المانحين 3" تبعث إلى العالم رسالة أمن وسلام مفادها "كفانا حروبا وعنفا، كفانا اقتتالا وتشريدا للآمنين، كفانا تهجيرا واضطهادا للشعوب، كفانا تدميرا لمستقبل الأجيال، لكي تنعم الشعوب بالاستقرار والأمن والأمان، ويعود المهجرون واللاجئون إلى ديارهم وأوطانهم وينتظم الطلبة في مدارسهم وجامعاتهم، ونحفظ للمرأة كرامتها وتنطلق مسيرة الاعمار والبناء والتنمية".

الكويت تلبي

وأضاف أن الكويت "صغت الى نداء استغاثات نساء سورية وصرخات أطفالها وأنين مرضاها وحشدت الأيادي الحانية والقلوب الرحيمة والضمائر الحية من ممثلي المنظمات غير الحكومية لبحث تطورات هذه الأزمة الإنسانية وعرض المشاريع والبرامج التي تتطلبها المرحلة المقبلة والإعلان عن التعهدات في ظل تعاظم هذه المأساة ونقص الاحتياجات وضعف التمويل".

وأعرب عن تطلع الجميع من خلال هذا المؤتمر الإنساني إلى حشد جهود المنظمات الإنسانية وتعزيز سبل الشراكة الفاعلة، وبناء الجسور بين الشركاء في العمل الانساني للعمل على تلبية الاحتياجات المتزايدة لضحايا الأزمة السورية، والتفكير في معالجات أكثر استدامة لأوضاع المتضررين، والمشاركة في وضع خطط وحلول لتعزيز القدرات الإقليمية والوطنية، وبناء نظام أكثر شمولا وتنوعا، وصياغة طرق مبتكرة لمواجهة الأزمة وزيادة تقاسم عبء استضافة اللاجئين.

كارثة إنسانية

وتابع "اننا بصدد كارثة إنسانية غير مسبوقة هي الأعنف والأكثر دموية عبر التاريخ ودخلت عامها الخامس بتداعيات ومضاعفات إنسانية فتاكة وخطيرة أسفرت عن أكثر من 12 مليون سوري مشرد ولاجئ في الداخل والخارج، بما يعادل نصف الشعب السوري، و220 ألف قتيل، و20 ألف مفقود، فضلا عن مليون ونصف المليون مصاب، وهناك مئات الأشخاص ماتوا جوعا وبردا بفعل الحصار وعدم احترام الأطراف المتنازعة لقرارات مجلس الأمن التي تنص على إقامة ممرات آمنة لعمال الإغاثة للوصول للمحاصرين".

وأشار الى أن الكويت اعتادت أن تستضيف بالتعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة اجتماعا دوريا يعقد كل ثلاثة أشهر لمجموعة كبار المانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية "وهو الاجتماع الذي أتشرف برئاسته ويضم في عضويته كل دولة أو جهة تتعهد بـ50 مليون دولار فأكثر".

وأوضح المعتوق أن الهدف من هذا الاجتماع الدوري تعزيز التنسيق بين الدول والجهات المانحة في العالم وبين دول الخليج وتدشين منصة لمناقشة قضايا استراتيجيات التمويل وصرف الأموال من أجل زيادة الفاعلية وتجنب الازدواجية في العمل، وبحث تطورات الأزمة السورية بمشاركة منسقي الأمم المتحدة الميدانيين والدول المضيفة للاجئين، وقد عقدنا حتى الآن 4 اجتماعات لمتابعة ملفات الوضع الإنساني في سورية.

وعلى صعيد المنظمات غير الحكومية لفت الى أن المنظمات تعهدت في المؤتمر الأول بـ183 مليون دولار، في حين بلغ حجم الإنفاق على برامج الإغاثة أكثر من 190 مليون دولار بزيادة بلغت أكثر من 7 ملايين دولار، وفي المؤتمر الثاني تعهدت بـ276 مليون دولار، بينما بلغ حجم الانفاق 348 مليون دولار بزيادة قدرها 72 مليونا.

وأعرب عن التقدير والشكر لتلك الانجازات "ونأمل أن يشهد مؤتمركم هذا استمرار هذا العطاء، وأن تكون هناك تعهدات سخية لاستمرار الجهود الكريمة في إنشاء مشاريع كبرى لتسكين وإيواء وإغاثة اللاجئين السوريين والعمل على تلبية احتياجاتهم المتزايدة".

وقال المعتوق "لا يفوتني باسم هذا الحشد الكريم أن أستصرخ الضمير العالمي، وأن أناشد المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته، وأن ينتفض لإيقاف نزيف الدم المتدفق على مدى 4 سنوات، وأن يتحرك لتفعيل القانون الإنساني الدولي ومحاسبة منتهكيه، فكل عام يتضاعف حجم الضحايا قتلا وإصابة وتشريدا وتهجيرا والمجتمع الدولي مازال عاجزا عن اتخاذ أي موقف حيال الأزمة وتداعياتها".

وحذر من "اننا إذا كنا اليوم بصدد أزمة إنسانية في سورية فغدا سنكون أمام (سورية جديدة) في ليبيا و(سورية ثانية) في اليمن و(سورية ثالثة) في العراق، وقد دقت طبول الحرب في اليمن، كما نشاهد ونتابع هذه الكوارث الراهنة والمحتملة لن يستطيع المجتمع الإنساني مواجهة تداعياتها، وعلى المجتمع الدولي أن يكف عن سلبيته، وأن يتحمل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية لمواجهة هذه المخاطر من أجل وقف نزيف الدماء".

وجدد الشكر والتقدير لسمو أمير البلاد ولدولة الكويت حكومة وشعبا وتوجه بخالص الشكر إلى الدول المضيفة للاجئين السوريين، وبخاصة الدول المضيفة للأعداد الكبيرة كالأردن ولبنان وتركيا لما تضطلع به من مسؤولية كبيرة وأعباء جسيمة إزاء الأشقاء السوريين والشكر موصول للمنظمات الإنسانية الحكومية والأهلية المحلية والاقليمية والدولية لدورها الإنساني الرائد في تخفيف معاناة الأشقاء السوريين.

ورفع  المعتوق في ختام كلمته باسم المجتمعين إلى قائد العمل الإنساني سمو أمير البلاد أسمى آيات الشكر وعظيم التقدير لرعايته السامية لأعمال هذا المؤتمر الداعم للوضع الإنساني في سورية وسعيه المشكور في حشد هذا الجمع الكريم للإسهام في معالجة التداعيات الإنسانية للأزمة السورية.

آموس

بدورها، أعربت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية ومنسقة الاغاثة الطارئة فاليري آموس عن التقدير والشكر لدولة الكويت على استضافتها المؤتمر الدولي الثالث للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية الذي ينطلق اليوم برعاية سمو أمير البلاد.

وأكدت آموس أهمية الدور الذي تؤديه المنظمات والهيئات الخيرية في تعبئة الموارد المالية لعام 2015 لمساعدة الشعب السوري.

وقالت آموس في كلمتها ان "جميع المنظمات المشاركة في المؤتمر شركاء في المبادئ والقيم الانسانية"، مؤكدة في هذا الصدد التزام الأمم المتحدة بالعمل مع المنظمات المعنية لتخفيف معاناة الشعب السوري.

وأضافت انه "بعد دخول الازمة في سورية عامها الخامس مازلنا نرى مستويات لا مثيل لها من الوحشية رغم قرارات مجلس الامن الدولي التي تدعو الى حماية المدنيين ولاسيما الاطفال والنساء"، معربة في الوقت ذاته عن أسفها لفشل الحكومة السورية في تلبية القرارات ذات الصلة.

وذكرت أن ارتفاع العنف في محافظة إدلب الاسبوع الماضي ادى الى تشريد مئات الآلاف من الاشخاص الى دول مجاورة، مشددة على ضرورة التوصل الى حل سياسي للازمة السورية لوضع حد لمعاناة الشعب السوري التي تتفاقم يوما بعد آخر.

440 ألف محاصر

وأوضحت أن هناك 5.6 ملايين طفل سوري تقريبا يحتاجون الى المساعدة الملحة، في حين تسرب اكثر من مليونين طفل من المدارس بسبب الصراع الذي دمر عددا كبيرا منها.

ووصفت آموس الوضع الصحي في سورية بأنه "مأساوي جدا" اثر استهداف 183 منشأة طبية خلال السنوات الأربع الماضية ما ادى الى مقتل 600 عامل في المجال الطبي.

وذكرت أن الامم المتحدة طلبت من اطراف النزاع الوصول الى 33 منطقة محاصرة يصعب الوصول اليها، مفيدة بأن عدد المحاصرين ارتفع من 212 ألف محاصر الى نحو 440 ألفا.

وأكدت آموس حرص مكتب تنسيق الشؤون الانسانية في الامم المتحدة (اوتشا) على العمل مع المنظمات غير الحكومية، مشيرة الى ان "النجاح لن يكتمل من دون تعاون (اوتشا) مع هذه المنظمات".

تداعيات الأزمة

من جهته، قال ممثل منظمة التعاون الاسلامي هشام يوسف في كلمته، ان الجهود الانسانية التي تبذل في سورية تعد من اصعب المهام تعقيدا وخطورة، لافتا الى مقتل اكثر من 600 شخص خلال تقديمهم المساعدات الانسانية للشعب السوري.

وأضاف يوسف انه "مع دخول الازمة السورية عامها الخامس اصبح اكثر من 80 في المئة تحت خط الفقر وملايين الاطفال والشباب لم يتلقوا التعليم على مدى السنوات الاربع الماضية".

وأكد ان استمرار الازمة استدعى استمرار الفتنة الطائفية والمذهبية، وادى الى خلق اختلالات وشروخ في اسس المجتمع السوري الذي بات يعاني التفكك الاجتماعي.

وشدد على ضرورة توفير الدعم اللازم للمنظمات الدولية ودول الجوار السوري لتلبية الاحتياجات الانسانية للشعب السوري داخل سورية وخارجها في ظل استمرار الازمة من دون اي حل.

وقال إن لبنان يستضيف نحو 25 في المئة من حجم عدد سكانه من اللاجئين السوريين، بينما يستضيف الاردن 10 في المئة من عدد سكانه.

ولفت الى اهمية القمة الانسانية التي ستعقد في تركيا عام 2016، معتبرا اياها فرصة للمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني للتشاور من اجل تطوير النظام الانساني بما يحقق مصالح المنطقة.

وأعرب يوسف عن أمله ان يكون المجتمع الدولي على قدر المسؤولية وألا يسمح باستمرار العجز في المساعدات الانسانية، محذرا من تداعيات الازمة السورية في حال لم يتوفر الحد الادنى من الاحتياجات الانسانية للشعب السوري.

الجهود الإغاثية

من جانبه، حذر رئيس الجمعية الكويتية للاغاثة ورئيس جمعية النجاة الخيرية أحمد الجاسر من تفاقم التداعيات الانسانية للأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس، مؤكدا أن الجمعيات الخيرية الكويتية لم تدخر جهدا في إغاثة ومساعدة الأشقاء السوريين.

ورحب الجاسر في كلمة خلال المؤتمر نيابة عن رؤساء الجمعيات الخيرية الكويتية الأعضاء في اللجنة الكويتية العليا للاغاثة والجمعية الكويتية للاغاثة بضيوف الكويت، متمنيا للمؤتمر النجاح في تحقيق غاياته الإنسانية.

وتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى سمو أمير البلاد لمبادراته الإنسانية المتواصلة، والتي يشكل هذا الملتقى الإنساني للمنظمات غير الحكومية المانحة للشعب السوري أحد تجلياتها وصفحاتها الإنسانية.

وأشار في هذا الصدد إلى أن سمو الأمير التقى قبل أيام وفدا من رؤساء الجمعيات الكويتية "ولمسنا حرصه الشديد على إنجاح المؤتمر بشقيه الرسمي والأهلي"، مشيدا بدور الحكومة الكويتية والجمعيات الخيرية وحرصها الشديد على ترجمة التوجيهات السامية الإنسانية إلى واقع ملموس عبر برامج ومشروعات تنموية وإغاثية.

وأوضح أنه على مدى أربعة أعوام ومنذ اندلاع الأزمة السورية في مارس 2011 والجمعيات الخيرية الكويتية لم تدخر وسعا في تدشين الحملات الإعلامية والإغاثية لمساعدة اللاجئين السوريين بالتعاون مع الشركاء من المنظمات الخليجية والعربية والإسلامية والدولية.

وذكر أنه "استشعارا من صاحب السمو بعظم المأساة السورية فقد وجهنا سموه في الجمعيات الخيرية الكويتية إلى إنشاء اللجنة الكويتية العليا للإغاثة برئاسة الدكتور عبدالله المعتوق وعضوية رؤساء الجمعيات الخيرية لتكون مظلة لتوحيد جهود العمل الاغاثي الكويتي في سورية".

ولفت إلى أن "اللجنة تمكنت من تنفيذ العديد من المشروعات الايوائية والصحية والتعليمية في مناطق ومخيمات اللجوء في تركيا والأردن ولبنان بالتعاون مع وزارات الأوقاف والشؤون والدفاع والاعلام والخطوط الجوية الكويتية والأمانة العامة للأوقاف وبيت الزكاة وجمعية الهلال الأحمر الكويتي".

وقال إن مأساة الشعب السوري دخلت عامها الخامس ومازالت تداعياتها الانسانية تتفاقم يوما بعد آخر مع استمرار تدفق اللاجئين على دول الجوار والنازحين في الداخل "فرارا من لظى هذه الاحداث الدموية التي لا تعرف لها نهاية حتى الآن بل يصعب التنبؤ بمنتهاها في ظل استمرار القتل الممنهج للأنفس وهدم البيوت وقصف الأحياء السكنية عشوائيا وقتل الشيوخ والأطفال والنساء وتدمير المستشفيات واستخدام الأسلحة الكيماوية والغازات السامة والبراميل المتفجرة ونزوح السوريين من بيوتهم وقراهم ومدنهم حتى أصبحوا مشردين بالملايين في الداخل والخارج".

وذكر الجاسر أن وضع اللاجئين السوريين والشعب السوري بشكل عام يزداد سوءا يوما بعد آخر، لاسيما مع ما تتعرض له المنطقة سنويا من عواصف ثلجية وطقس شديد البرودة يودي بحياة العديد من اللاجئين.

أخبار ذات صلة عن مؤتمر المانحين

back to top