المناصب لمن يستحقها

نشر في 09-05-2015
آخر تحديث 09-05-2015 | 00:01
 ماجد بورمية إن إصلاح أي دولة في العالم يأتي عندما تقدم على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب؛ لأن الرجل المتخصص في مجاله عندما تسند إليه مسؤولية في تخصصه يمكن أن يبدع فيها، ويطور وينجز ويقضي على بؤر الفساد في مؤسسته.

ونقول إن الكويت بحمد الله عامرة بأهل الخبرة والكفاءات من أبناء البلد في كل المجالات، وهم في الوقت نفسه يتمتعون بالنزاهة والشرف، ولكن مع الأسف يتم تجاهل الكثير منهم في المناصب رغم أن هذا الأمر بحد ذاته يخالف المادة (8) من الدستور الكويتي التي نصت على أن: "تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين". ولذلك فإن هضم حق أي مواطن في أي منصب معناه مخالفة صريحة للدستور الذي يؤكد تكافؤ الفرص، كما أن تجاهل أهل الخبرة والاختصاص يخالف الشريعة الإسلامية، فالآية الكريمة تقول: "إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ".

فالإسلام هنا دقق على الاختيار الأمثل لمن يتولى أي مسؤولية، بحيث يتمتع بصفتين أساسيتين: القوة والأمانة، فالصفة الأولى هنا تشمل كل شيء، ولم تكن مقتصرة فقط على القوة العضلية، بل القوة في العلم والمعرفة في التخصصات المختلفة، وفي أداء العمل، والصفة الثانية هي التي تحافظ على ثروات البلاد والعباد، كما أن الآية الكريمة التي تقول "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ"، تتضمن بعمومها - حسب رأي أهل التفسير- مدحاً لأهل العلم، وإشارة لكي يتم الاعتماد عليهم في مختلف المناصب، فالآية لا تختص بالعلم الشرعي فقط بل بمختلف العلوم التي تفيد البشر.

ولذلك ينبغي اختيار الوزراء والمناصب الأخرى من أهل التخصص، ولكن عندما تكون التعيينات عندنا بالمحسوبية والشللية وغيرها من الأمور الأخرى من أجل السير في ركب سلسلة التنفيع ونهب المال العام، ولتسهيل عمليات الرشا فهذا معناه أننا ندمر دولتنا بأنفسنا، ونقضي في الوقت نفسه على أهل الخبرة والتخصص، كما أننا في هذا الجانب ندمر شبابنا في التعليم، حيث يصبح في نظرهم معيار الوصول إلى المناصب هو المحسوبية والتنفيع لا الاجتهاد في العلم.

والكل يدرك الآن أن تراجع الكويت في معظم المجالات التي كانت رائدة فيها في الماضي جاء نتيجة سوء الاختيار لبعض المناصب القيادية، وبنظرة بسيطة للدول الآسيوية التي نجحت اقتصاديا في غضون سنوات قليلة نجد أن تفوقها الاقتصادي جاء نتيجة اعتمادها على أهل العلم والخبرة والتخصص، وليتنا نتعلم الدرس من الإسلام، ومن الدستور الكويتي، ومن تجارب الدول الآسيوية حتى تعود الكويت كما كانت متقدمة في كل المجالات.  

back to top