الأميبا... تلتهم دماغك

نشر في 04-06-2015 | 00:01
آخر تحديث 04-06-2015 | 00:01
لا تقسُ عليها كثيراً. لا شك في أن الأميبا (المتموريات الحركة) التي تشق طريقها إلى دماغنا وتلتهم المادة الرمادية ليس مرحباً بها، لكن ردة فعل جهازنا المناعي هي القاتلة. ومن الممكن، لتوضيح هذه المسألة، أن يساعدنا في التعاطي معها بفاعلية أكبر.

تتوافر الأميبا الآكلة للدماغ في برك المياه العذبة الحارة حول العالم وتقتات البكتيريا.

إذا سبح أحد في هذه البرك ودخل الماء أنفه، تتوجه الأميبا إلى الدماغ بحثاً عن طعام. وعندما تبلغه، تبدأ بتدمير الأنسجة بالتهام الخلايا وإطلاق بروتينات تجعل الخلايا الأخرى تتفكك.

يشن عندئذٍ جهاز المناعة هجوماً مضاداً بغمر الدماغ بفيض من الخلايا المناعية، ما يسبب الالتهاب والتورم.

لكن هذه العملية قلما تنجح: من بين 132 شخصاً عانوا الأميبا في الولايات المتحدة منذ عام 1962، نجا ثلاثة فحسب.

تُعتبر الإصابات بالأميبا الآكلة للدماغ أكثر شيوعاً في دول أخرى. يذكر عبد المنان بيك من جامعة آغا خان في كراتشي: {تشهد باكستان نحو 20 وفاة من هذا النوع كل سنة}.

ولكن ما من علاج محدد. بدأ الأطباء أخيراً، في الولايات المتحدة، محاولة قتل الأميبا بالميلتفوسين، دواء نعرف أنه طفيليات الليشمانيات. لكن المنان يعتقد بأن عليهم أن يسلكوا مقاربة مختلفة لأن رد الفعل المناعي قد يسبب ضرراً أكبر من الأميبا بحد ذاتها.

تكمن المشكلة في أن الإنزيمات التي تطلقها الخلايا المناعية تؤدي إلى تلف الأنسجة الدماغية في نهاية المطاف.

كذلك يؤدي التورم الناجم عن جهاز المناعة إلى سحق جذع الدماغ، ما يسبب الموت نتيجة انقطاع التواصل بين الجسم والدماغ.

للتحقق من هذه النظرية، قارن المنان وزملاؤه طريقة تفاعل خلايا الدماغ في طبق مخبري مع الأميبا مع مساعدة الخلايا المناعية وبدونها. فتبين لهم أن خلايا الدماغ استمرت فترة أطول بنحو ثماني ساعات مع غياب ردة الفعل المناعية.

على ضوء هذا الاكتشاف، ينصح المنان بضرورة معالجة المصابين بالأميبا أولاً بأدوية تكبح جهازهم المناعي، قبل إعطائهم أدوية تستهدف الطفيليات.

تعتقد جنيفر كوب، من مراكز ضبط الأمراض والوقاية منها الأميركية في أتلانتا بجورجيا، أن هذه فكرة سديدة. وتقول: {تستحق أن نختبرها، لكنها لن تكون بالمهمة السهلة لأن حالات العدوى نادرة}.

مع ارتفاع درجات الحرارة  تبدل هذا الوضع. صحيح أن معدلات العدوى لم ترتفع كثيراً منذ اكتشاف الأميبا للمرة الأولى قبل 60 سنة، إلا أن الحالات بدأت تظهر في أماكن غير متوقعة، مثل ولاية مينيسوتا الشمالية.

توضح كوب: {حصلنا في الولايات المتحدة على أول حالة ترتبط بمياه الشرب. لذلك من الضروري أن نتتبع هذه الحالات ونراقبها عن كثب}.

في هذه الأثناء، يشير المنان إلى أن علينا إعادة تصنيف الأميبا الآكلة للدماغ. ويتابع موضحاً: {لنطلق عليها اسم الأميبا التي تهاجم الدماغ عبر الأنف} أو {الأميبا الشمية-الدماغية}. لكن كوب تقول إن {لفظ هذه التسمية ليس سهلاً}.

أنا هنا! لا هنا! بل هنا!

فيما نتابع حياتنا، نشعر بجسمنا ككيان مادي في مكان محدد. وبغية تحديد الطريقة التي يحقق بها الدماغ ذلك، طلب أرفيد غوترستام من معهد كاليفورنيا بستوكهولم في السويد من 15 متطوعاً التمدد في جهاز لمسح الدماغ وهم يرتدون جهازاً يوضع على الرأس.

رُبط هذا الجهاز بكاميرا موضوعة على جسم لعبة ممدة في مكان آخر من الغرفة، ما عنى أن المتطوعين كانوا يرون الغرفة من منظار اللعبة.

وبتدليك الجسم الحقيقي واللعبة في آن، خدع الباحث دماغ المتطوع وأوهمه أنه يسكن جسم اللعبة وأنه في موضعها.

كُررت هذه العملية في مواضع مختلفة من الغرفة، وحُلل نشاط الدماغ. فبدا أن منطقة واحدة من الدماغ القشرة الحزامية الخلفية، تتحكم في إحساسنا بجسمنا وبالموضع الذي نشعله في آن.

يوضح غوترستام: {إذا تمكنا من تحديد الطريقة التي يبني بها الدماغ إحساسنا بجسمنا في المكان، نحصل على أدلة مهمة عما يحدث خلال اضطرابات مثل الفصام، حين يعاني المريض من تشوش في نظرته إلى نفسه}.

جرعة من حليب الرحم المغذي

    آندي كولان

لندعُه حليب الحياة: لا حليب الثدي، بل حليب الرحم. خلال الأسابيع الأحد عشر الأولى من الحمل، قبل أن يبدأ دم الأم الغني بالمواد المغذية بالتدفق نحو الجنين، تحصل كل المواد الضرورية لبناء الطفل على إفرازات من غدد في الرحم. وصرنا نعرف اليوم كيف تصل هذه المواد المغذية من الغدد إلى الجنين النامي.

خلال الحمل، تتصرف بطانة الرحم بشكل مختلف عما نألفه عادةً: تخزن الغدد كميات كبيرة من الغلوكوز على شكل كولاجين، الذي يُفرز بعد ذلك لتأمين الغذاء. بمقارنة أنسجة متبرّع بها من الرحم، المشيمة، والجنين في مختلف مراحل الحمل، تمكن فريق يرأسه جون أبلين من جامعة مانشستر من تتبع مسار الغليكوجين. فقد اكتشف الباحثون أنه يكثر في تجاويف في بطانة الرحم، حيث يُفكَّك إلى جزيئات أصغر تمتصها المشيمة.

تتبع الباحثون أيضاً مسار هذه الجزيئات التي تُدعى بروتينات سكرية والتي تُفكَّك إلى أحماض أمينية، وحدات البناء التي تُصنع منها الأنسجة.

يؤكد أبلين أن تشكيل حليب الرحم مصدر غذاء الجنين الوحيد خلال الأسابيع الأولى من حياته لا يحدث من باب الصدفة. فخلال هذه الفترة، يكون الجنين النامي صغيراً إلى حد أن ضغط دم الأم قد ينزعه من جدار الرحم. ولا يصبح كبيراً كفاية لتحمل هذا الدم وتقبله إلا مع بلوغه أسبوعه الحادي عشر تقريباً. لذلك تنضب هذه الإفرازات بعد هذه الفترة.

back to top