قردة كامبل لغتها مختلفة!

نشر في 08-01-2015 | 00:01
آخر تحديث 08-01-2015 | 00:01
تتمتَّع قردة كامبل في الغابات على طول ساحل إفريقيا الغربية بأحد أساليب التواصل الأكثر تعقيداً خارج الجنس البشري (الإنسان العاقل). مع اكتشاف أن بعض أسلافنا أو أقاربنا البشر مثل النياندرتال كان قادراً على الكلام، ازداد اهتمام العلماء في أساليب تخاطب قردة العالم القديمة بمختلف أنواعها في غرب إفريقيا.
يشير عمل البروفيسور ألبن ليماسون، عالم متحصص في الرئيسيات في جامعة رين في فرنسا، في دراسة نُشرت عام 2009 إلى أن قردة كامبل كانت قادرة على التواصل عبر شكل بدائي من {الكلام}. بخلاف غالبية أنواع الحيوانات التي ترتبط أصوات معينة بمحفزات محددة (مثل حيوان مفترس، طعام، تزاوج...)، يستخدم الإنسان القواعد ليربط أصواتاً تبدو من دون أي معنى أو غير مترابطة ليعبر عن رسالة مفيدة:

لكن هذا ينطبق أيضاً على أسلوب التخاطب بين القردة الذي يتألف من «كلمات» أساس مثل: بوم، كراك، واك هوك.

تُكرر الكلمات أو تُعدل باستخدام اللاحقة «وو» لإنتاج معانٍ محددة. على سبيل المثال، يستخدم الذكور عبارة «بوم بوم» لجمع القردة القريبة. أما عبارة «بوم بوم كراك-وو كراك-وو»، فتعني أن غصن شجرة على وشك أن يسقط، في حين يستخدم الذكور عبارة «بوم بوم هوك-وو هوك-وو» لإعلان السيطرة على منطقة محددة.

وفي عمل لاحق نشره المركز الوطني الفرنسي للأبحاث العملية في المجلة العلمية Linguistics and Philosophy، اعتمد الباحثون على تسجيلات التقطت في مناطق مختلفة من الغابة وتوصلوا إلى اكتشاف مفاجئ. فقد لاحظوا أن لغة القردة لا تتبع أسس القواعد فحسب، بل يبدو أيضاً أنها لغة مميزة تنبع من حالات محددة.

اكتشف الباحثون أن القردة في غابة تيواي في سيراليون تستخدم كلمتي {كراك} و{هوك} بطريقة غامضة (مع بعض أنماط القواعد المحددة) للإشارة إلى اقتراب نسر مفترس. صحيح أن هذه المجموعة تستخدم هاتين الكلمتين بالتساوي، إلا أن مجموعة أخرى في غابة تاي في ساحل العاج تمنح معنى مختلفاً لكل كلمة. فتعني {هوك} حيواناً مفترساً من الأعلى (وخصوصاً نسر)، في حين تشير {كراك} إلى حيوان مفترس من الأسفل (وخصوصاً نمر).

من الواضح أن مفردات مجموعة ساحل العاج الأكثر تعقيداً نشأت من حاجة أكبر إلى النجاة. فبخلاف مجموعة الجزيرة التي تواجه النسور المفترسة فحسب، على المجموعة الساحلية التكيّف مع تهديدات من الأعلى والأسفل.

يبدو أن لهذه المفردات الموسعة فوائد إضافية أيضاً. تستخدم القردة لاحقاً {وو} للتحذير من خطر بسيط. فتستطيع مجموعة الجزيرة التحذير من خطر بسيط فحسب في الأشجار (مثل سقوط غصن). ولكن باستخدام المفردات الموسعة، صار بإمكان مجموعة الساحل تحديد ما إذا كان الخطر من الأسفل أو الأعلى.

النمر المتربص

على مجموعة الساحل التعامل مع نوع آخر من الحيوانات المفترسة: النمور. لذلك طورت لغة تمييز بين المخاطر الآتية من الأعلى وتلك الآتية من الأسفل.

في مقابلة مع Scientific American، عبّر الباحث البارز فيليب شلنكر عن مفاجأته عند اكتشاف هذه اللغات. فقد ذكر: {عندما يهدد نسر القردة على الجزيرة، تسمع الكثير من الهوك وأيضاً من الكراك. وقد فاجأنا هذا لأن {كراك} يُفترض أن تشير إلى تحذير من النمر. ولكن اتضح لنا أن هاتين الكلمتين تُستخدمان... كتحذير عام في تيواي.

يبقى الأهم في وضع مماثل أن كلمتي {كراك-وو} و{هوك} تبدوان أكثر فاعلية من {كراك}. من المنطق أن تستنتج عدم وجود خطر عندما تسمع كراك وحدها. فثمة سبب منطقي لعدم استخدام القردة كلمتي {كراك-وو} و{هوك}.

مع البشر تنافس الكلمات إحداها الأخرى، ولا شك في أنك تختار الأكثر تعبيراً بينها}.

كان العنصر الأهم في الدراسة الجديدة استخدام لعبتين على شكل نمر ونسر. وباستخدام هذين الحيوانين المفترسين المزيفين، سيطر الباحثون على المحفز، بدل الاعتماد على الحوادث العشوائية كما في الأعمال السابقة التي شملت تسجيلات للبيئة المحيطة. فباستخدام هذه المناورة الجديدة، تمكن الباحثون من اكتشاف اللغات المميزة التي تتمتع بها هذه الحيوانات.

اكتشف الباحثون أن اللغة والقواعد قد تكون مهمة للاستمرار بين القردة كما بين البشر، الذين اضطروا تاريخياً إلى التعاطي مع أخطار منوعة في مناطق مختلفة. وقد يساعد هذا الاكتشاف علماء الألسنية في تخمين أصول اللغة البشرية وأنماط قواعدها.

back to top