قتل الخليفة لا يعني نهاية «داعش»

نشر في 17-11-2014
آخر تحديث 17-11-2014 | 00:01
لاشك أن البغدادي ليس مجرد قائد عادي، فهو المجاهد الأبرز على الأرجح في العالم اليوم، وقد يعاني «داعش» ضربة معنوية إذا قُتل، وقد يحض هذا أيضاً بعض حلفاء داعش المحليين، وخصوصاً المجموعات البعثية التي تضم مؤيدي صدام السابقين، على الانفصال عن التنظيم،
 ذي تيليغراف قلما يطرح حزب العمال والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) السؤال عينه، إلا أنهما قد يتساءلان أخيراً: ما مدى أهمية القادة؟

ترد أخبار عن أن أبوبكر البغدادي، المجنون المتدين، القاتل العنيف، وخليفة شبه دولة داعش المزعوم أُصيب خلال غارة جوية أميركية قرب مدينة الموصل شمال العراق، حتى إن رئيس العمليات الدفاعية البريطاني السر نيك هوفتون تحدث عن "موت هذا القائد المحتمل".

هل يعني هذا بداية نهاية تنظيم داعش، الذي انتشر بسرعة منذ حربه الخاطفة في شهر يونيو؟ أم أن "داعش" سيعمد، كما حذر السر نيك، إلى "إنتاج قيادة جديدة" ويعاود النهوض؟

من الحماقة الاعتقاد أن هذه ضربة استراتيجية وذلك لأسباب عدة:

أولاً، تشير المنشورات الأكاديمية إلى أن استراتيجية قتل القادة (وهنا تكمن المفارقة نظراً إلى عمليات القتل وقطع الرأس التي ترتكبها داعش) لا تجدي نفعاً إلا في ظروف محددة جداً، فرغم ما استخلصه باتريك جونسون في دراسة أعدها عام 2012 من أن "الحملات تنتهي بسرعة أكبر على الأرجح عندما تستهدف العمليات المناهضة للتمرد بنجاح قادة العدو"، لكن دراسة لاحقة أجرتها جينا جوردن كانت أكثر دقة في تصنيف ذلك، مشيرة إلى أن هذا التأثير يعتمد على "الصلابة التنظيمية" للمجموعة، علماً أن هذه الصلابة ترتكز بدورها على بيروقراطية المجموعة ودعمها المحلي. ولاشك أن "داعش" يملك الخاصية الأولى بوفرة، والثانية على الأقل في بعض أجزاء العراق نتيجة أخطاء الحكومة العراقية السابقة. إذن، الخلاصة بسيطة: كي يكون لقتل القادة تأثير كبير، يجب أيضاً زعزعة تنظيم المجموعة والحد من دعمها المحلي.

ثانياً، "داعش" معتاد على ذلك. فقد صُهرت هذه المنظمة في مرحلة تعرضت فيها قيادتها لضغوط أكبر مما نراه اليوم، ففي شكلها الأول بصفتها تنظيم القاعدة في العراق ومن ثم الدولة الإسلامية في العراق، تعرضت لدفق غير مسبوق من غارات القوات الخاصة الأميركية والبريطانية، قوَّض صفوفها القيادية.

قُتل زعيمها المؤسس الذي يعشق الإعلام، أبومصعب الزرقاوي، عام 2006 ولحقه كثيرون ممن خلفوه، ولا شك أن مقتل القادة الأعلى شأناً بسرعة ساهم في بروز البغدادي نفسه (الذي كان شخصية ثانوية نسبياً قبل عقد) بسرعة بين صفوف هذه المجموعة، ورغم ذلك، استمر التمرد لسنوات بعد ذلك، حتى إنه لم يزُل فعلاً.

وينطبق الأمر عينه على نطاق أوسع، إذ يرد في تقرير جينا جوردن المذكور أعلاه: "صحيح أن تنظيم القاعدة عانى فترة الاستهداف الأعنف عام 2010، إلا أنه لم يتمكن من التعافي فحسب، بل نجح أيضاً في تنفيذ المزيد من الاعتداءات".

علاوة على ذلك، أوضح لاحقاً الجنرال ستانلي ماكريستال، قائد العمليات الخاصة المشتركة الأميركية بين عامَي 2003 و2008: "نظرنا في البداية إلى عدونا كما ننظر إلى نفسنا" أي أنه يتمتع "ببنية عسكرية تقليدية فيها صفوف ورتب". لكن ماكريستال أقر: "كلما أمعنا النظر، تبين لنا أن هذا النموذج غير صحيح، فلم ينتظر قادة تنظيم القاعدة في العراق الحصول على مذكرات من مرؤوسيهم؟ فلم تعتمد القرارات على قيادة مركزية، بل كانت تُتخذ بسرعة وتُنقل عرضياً داخل المنظمة.

تكيّف مقاتلو الظواهري مع مناطق سكنوها، مثل الفلوجة والقائم في محافظة الأنبار غرب العراق، ورغم ذلك، ظلوا من خلال التكنولوجيا العصرية على تواصل لصيق مع سائر مناطق المحافظة والبلد، كانت الأموال، والدعاية، والمعلومات تتدفق بمعدلات مخيفة، ما فسح المجال أمام تنسيق قوي سريع، كنا نراقب تكتيكاتهم وهي تتبدل (من اعتداءات بالصواريخ إلى تفجيرات انتحارية مثلاً) في الوقت ذاته في مدن متباعدة، وهو ما شكل رقصة مميتة أُنجزت بنجاح من خلال بنية دائمة التغير يصعب تحديدها في معظم الأحيان.

يجب ألا ننسى أيضاً أن البغدادي يملك تحت إمرته ما لا يقل عن 12 قائداً محلياً، و"مجلس حرب" مؤلفاً من ثلاثة رجال، وثمانية قادة "يديرون مسائل مثل المال والسجناء والتجنيد". خلال أوقات الحرب، حيث توجد الهرمية السريعة التبدل، تصبح الصراعات على الخلافة ممكنة، إلا أن "داعش" يملك على الأقل قادة كفوئين آخرين ينتظرون في مناصب أدنى.

لاشك أن البغدادي ليس مجرد قائد عادي، فهو الخليفة إبراهيم والمجاهد الأبرز على الأرجح في العالم اليوم، وقد يعاني "داعش" من ضربة معنوية في حال قُتل، وقد يحض هذا أيضاً بعض حلفاء داعش المحليين، وخصوصاً المجموعات البعثية التي تضم مؤيدي صدام السابقين، على الانفصال عن التنظيم، لكننا نكون واهمين إذا افترضنا أو أملنا أن موت قائد سيؤدي إلى خسارة هذه القوة المتمردة المترامية الأطراف زخمها وخروجها عن مسارها.

* شاشانك جوشي | Shashank Joshi

back to top