موسيقى البوب... متى بدأت؟
تتم الإشادة دوماً بقوة البيانات الشاملة. لكن هل تستطيع أن تحدد بدقة نقاط التحول الأساسية في موسيقى البوب وتنهي النقاشات القديمة بين العلماء المتخصصين بتاريخ الموسيقى؟
إنه أساس العمل الذي حمل عنوان «تطور موسيقى البوب: الولايات المتحدة الأميركية 1960 – 2010» والذي حلل 17094 أغنية فردية ضمن اللائحة الأميركية لأنجح 100 أغنية.
إنه أساس العمل الذي حمل عنوان «تطور موسيقى البوب: الولايات المتحدة الأميركية 1960 – 2010» والذي حلل 17094 أغنية فردية ضمن اللائحة الأميركية لأنجح 100 أغنية.
استنتجت دراسة حديثة أن أعوام 1964 و1983 و1991 شهدت «ثورات» فعلية في عالم الموسيقى. شهدت هذه السنوات الثلاث على التوالي ظهور موسيقى الروك ثم الأصوات المركبة ثم الهيب هوب. صحيح أن هذه المعلومات تبدو مدهشة وأن الهدف العام منها يستحق الإشادة وله جانب مبتكر، لكن لا يمكن اعتبار هذه الدراسة جازمة بسبب حدود تصميمها والمشاكل على مستوى التفسير. يدرك الكتّاب أن ملايين الأغاني الفردية صدرت في الولايات المتحدة خلال الفترة التي خضعت للدراسة. مع ذلك، تبرز ادعاءات مغايرة بشأن تاريخ موسيقى البوب وهي تتجاوز ما يمكن أن تدعمه البيانات المستعملة.
استعمل العلماء مقاطع مدتها 30 ثانية وقد أُخذت في معظمها (86%) من قائمة أنجح مئة أغنية، وتم تحليل كل مقطع منها بحثاً عن جوانب من التناغم والتناسق لتحديد توقيت ظهور الأصوات الجديدة. لم تتّضح بعد طريقة اقتطاع تلك المقتطفات. لكن إذا افترضنا أنها كانت متواصلة، وهذا ما حصل على الأرجح، فيعني ذلك أن عناصر محورية من بعض الأغاني قد تكون مفقودة. لكن تتعلق المشكلة الأبرز باستعمال لائحة أنجح مئة أغنية لدعم ادعاءات مبهمة بشأن تاريخ موسيقى البوب. يأخذ مؤرخو هذه الموسيقى عوامل عدة بالاعتبار، عدا مكانة الأغنية على اللوائح، لأنهم يخشون حصول تلاعب في قطاع الموسيقى. وإذا اتكل البعض بشدة على هذا النوع من التصنيف، فيجب إدراج لائحة أنجح الألبومات أيضاً. لم تصدر أي أغنية فردية من ألبوم Sgt. Pepper’s Lonely Hearts Club Band الشهير (1967) لفرقة البيتلز مثلاً. وفي عام 1975، بقي ألبوم Physical Graffiti لفرقة ليد زيبلين على رأس قائمة أنجح الألبومات طوال ستة أسابيع بينما اكتفت الأغنية الفردية Trampled Under Foot بالمرتبة 38. تكشف عينة أوسع من خارج لوائح الأغاني الفردية أن عامَي 1967 و1977 (وربما 1970) كانا من السنوات الثورية الأخرى أيضاً. يقول معدّو البحث إن تاريخ البوب يشكّل مادة خصبة {للقصص والفن النقدي والنظريات المدعومة بالبيانات}، وتعتبر مقاربتهم أن البيانات المرتبطة بموسيقى البوب هي أشبه بـ}السجل الأحفوري} الذي أصبح جاهزاً للتحليل. أظن أن علماء الحفريات لن يكتفوا بسجل أحفوري إذا سنحت لهم الفرصة. ينطبق الأمر نفسه على معظم الباحثين في مجال الموسيقى. جون كوفاش هو رئيس معهد موسيقى البوب في روتشستر، نيويورك.