الحمام... «تلميذ» مجتهد!

نشر في 12-02-2015 | 00:01
آخر تحديث 12-02-2015 | 00:01
No Image Caption
كلما درس العلماء الحمام، عمقوا معرفتهم بكيفية عمل دماغه (الذي لا يتخطى حجمه رأس السبابة) بطرق لا تختلف كثيراً عن دماغنا.
تشير دراسة جديدة أعدتها جامعة أيوا تشابهاً بين تعلم الأولاد الكلمات وتعلم الحمام ما يعادلها.
في دراسة جديدة أجرتها جامعة أيوا، اكتشف الباحثون أن الحمام يستطيع تصنيف أشياء طبيعية وأخرى من صنع الإنسان وتسميتها، ولا يقتصر ذلك على عدد محدود منها. تستطيع هذه الطيور التعرَّف إلى 128 صورة لتصنيفها ضمن 16 فئة، ويمكنها تحقيق ذلك في الوقت نفسه.

يقول إيد واسرمان، بروفسور في جامعة أيوا متخصص في علم النفس وأحد المشاركين في الدراسة، إن هذا الاكتشاف يشير إلى تشابه بين كيفية تعلم الحمام ما يعادل الكلام وبين طريقة تعلم الأولاد الكلام.

يتابع واسرمان متحدثاً عن الدراسة التي نُشرت في مجلة Cognition على الإنترنت: {بخلاف المحاولات السابقة لتعليم الكلمات للرئيسيات، الكلاب، والببغاوات، لم نستخدم طرق صياغة معقدة أو إشارات اجتماعية. تدربت حمائمنا على الفئات الست عشرة كلها في آن واحد في تشابه كبير مع تعلم الأولاد الكلمات والفئات}.

بالنسبة إلى باحثين مثل واسرمان، الذي يدرس ذكاء الحيوانات منذ عقود، تشكل الدراسة الأخيرة دليلاً إضافياً على أن الحيوانات، سواء كانت رئيسيات، طيوراً، أو كلاباً، أكثر ذكاء مما ساد الاعتقاد سابقاً، وأنها تملك الكثير لتعلمه للعلماء.

يوضح واسرمان: {لا شك في أن دراسة مقدرات الحيوانات المعرفية ليست بالمهمة السهلة. ولكن مع تحسن أساليبنا ازداد فهمنا وتقديرنا للذكاء الحيواني. لا شك في أن ثمة اختلافات بين الإنسان والحيوان: ونعرف الكثير منها. ولكن قد نكتشف يوماً أن أوجه الشبه تفوقها عدداً. يشير بحثنا حول عملية التصنيف التي تتبعها هذه الطيور إلى أن أوجه الشبه قد تشمل طريقة تعلم الأولاد الكلمات}.

يضيف واسرمان أن تجربة الحمام تعود إلى مشروع نُشر عام 1988 في صحيفة {نيويورك تايمز}، وقد اكتشف فيه باحثون من جامعة أيوا أن طيور الحمام تستطيع التمييز بين أربع فئات من الأشياء.

ربط ومكافأة

تعلمت الطيور ربط رمز محدد بكل من الفئات الأساسية الست عشرة التي تسمى {الكلب}. عرض الباحثون على الطيور صورة بالأبيض والأسود لكلب مع رمزين آخرين: يمثل أحدهما الكلمة كلب وآخر اختير عشوائياً. إن نقرت الحمامة الرمز الصحيح، حصلت على مكافأة (قليل من الطعام). وبمرور الوقت، تعلَّمت أن رمز {الكلب} يشكل فئة تضم صوراً لمجموعة من أنواع الكلاب المختلفة. كذلك تعلَّمت القيام بعملية الربط عينها في 15 فئة أخرى.

في هذه المرة، استخدم الباحثون من جامعة أيوا نسخة على الكمبيوتر من {لعبة الأسماء} عينها، التي عرض خلالها الباحثون على ثلاث حمائم 128 صورة بالأبيض والأسود  لأغراض من 16 فئة أساسية: الطفل، الزجاجة، الكعك، السيارة، البسكويت، الكلب، البطة، السمك، الزهرة، القبعة، المفتاح، القلم، الهاتف، الطائرة، الحذاء، والشجرة. وكان عليها بعد ذلك نقر واحد من رمزين: واحد يناسب الصورة وآخر خاطئ اختير عشوائياً من إحدى الفئات الخمس عشرة الأخرى. فلم تنجح الحمامات في تعلم المهمة فحسب، بل نقلت بفاعلية ما تعلمته إلى أربع صور جديدة من كل من الفئات الست عشرة الأخرى.

يقول ماكموري إن البحث يُظهر أن الآليات التي يتعلَّم من خلالها الأولاد الكلمات قد لا تكون فريدة وحكراً على الإنسان. يتابع موضحاً: {يواجه الأولاد مهمة كبيرة: تعلم آلاف الكلمات من دون التمتع بقاعدة بيانات كبيرة يُعتمد عليها.

 ظنَّ الناس طوال فترة من الزمن أن عملية التعلم هذه حكر على الإنسان. لكن البحث يُظهر أن هذه الآليات التي يستند إليها الأولاد لحل هذه المشكلة الكبيرة تتشارك فيها أنواع كثيرة}.

يقر واسرمان أن دراسة الحمام الأخيرة لا تشكل مثالاً مطابقاً لتعلم الكلمات لدى الأولاد، ويؤكد أن ثمة حاجة إلى المزيد من العمل. رغم ذلك، قد يؤدي النموذج المستخدم في الدراسة إلى فهم أعمق لمبادئ الربط التي تشملها عملية التعلم لدى الأولاد.

يختم واسرمان: {هذا هو النظير الذي نسعى إليه. لكنَّ مشروعاً واحداً، مهما كان مبتكراً، لا يكفي للإجابة عن سؤال مماثل مثير للجدل إلى هذا الحد}.

أذكى الطيور

عرف العلماء سابقاً أن الحمام أكثر ذكاء من الطيور العادية أو كثير من الحيوانات الأخرى أيضاً. من بين مواهبه الكثيرة، يتمتَّع الحمام بـ{غريزة الوطن} التي تساعده في معرفة طريق مسكنه من على بعد مئات الكيلومترات، حتى لو كان معصوب العينين. علاوة على ذلك، ينعم الحمام بصبر أقوى من الإنسان، وقد درَّبه خفر سواحل الولايات المتحدة على رصد سترات النجاة البرتقالية لمن فقدوا في البحر. كذلك حمل رسائل الجيش الأميركي خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، منقذاً حياة كثيرين وناقلاً معلومات استراتيجية بالغة الأهمية.

يوضح باحثو جامعة أيوا أن تجربتهم الموسعة أول نموذج ربط حيواني دقيق يعكس عنصراً أساسياً في تعلم الكلمات: عملية الربط من مجموعة إلى مجموعة بين الحوافز وردود الفعل.

يشير عالم النفس في جامعة أيوا بوب ماكموري، باحث آخر في الدراسة: {يشكل عملنا مهمة تعتمد على الكمبيوتر من الممكن تقديمها لأي حيوان، لا داعي لأن يكون من الحمام. نستطيع استخدام هذه الأساليب مع أي نوع من الحيوانات التي يمكنها التفاعل مع شاشة الكمبيوتر}.

back to top