زيدان: محاولات استنباط «السلام» من الأديان... فاشلة

نشر في 11-03-2015
آخر تحديث 11-03-2015 | 00:02
No Image Caption
فعاليات اليوم الثاني من ملتقى «العربي» تشهد تبايناً في الآراء

شهد اليوم الثاني من فعاليات ملتقى مجلة العربي «ثقافة التسامح والسلام» تبايناً في الحديث عن تطبيقات مفهومي «التسامح» و«السلام»، وإدانة كبيرة لدمار الإنسانية بيد الجماعات التي فضّل د. يوسف زيدان تسميتها بـ«الإجرامية» عوضاً عن «الإرهابية».
خروجاً على العزلة التي أعلنها د. يوسف زيدان سابقاً، وبخطاب غير مهادن، كما تنحو الرموز في رواياته؛ حدد الروائي والباحث د. يوسف زيدان رؤيته في أن "أي محاولة لاستخراج معنى ثقافة السلام من الأديان غير ناجحة ومحكوم عليها بالفشل، لقابلية النص الديني الكبيرة للتأويل ومراوغة اللغة التي لا يمكن تجميدها في معنى"، فكل ديانة سقفها الأعلى نص مكتوب، وشروحاته وتفاسيره مساحة شاسعة للتحرك والتبديل، بينما يبقى النص المكتوب "الشاهد الأدل".

فالنصوص الدينية ليست معادلات هندسية أو مسائل حسابية ثابتة، بل هي نصوص مقدسة تبعث على التأويل والاجتهاد، وهو ما يمكّن البعض من تجييرها لمصلحته، ونتائج ذلك ما نراه من جماعات إجرامية تستند إلى نصوص قد لا تعبر عن حقيقتها، مشيراً إلى أن كل ما يقال حول رسالة اللغة السلمية "المنتقاة" من النصوص الدينية هو "سبهللة فكرية"، فاللغة مراوغة، ويجب تحري الدقة في توظيف المفردات وتأويلها.

«التسامح» الملغوم

وحذر د. زيدان من إمكانية انفجار مفردة "التسامح" دلالياً إن لم نتوجه إلى الآخر متصالحين مع خبراته وتجاربه وتناقضاته، وهو ما يعبر عن الجانب الحضاري لمعنى "الإنسان"، وبين أن الدمار الإنساني وما يحدث من صراعات واقتتال هو "تسافل ما دون الحيوان"، فالحيوان لا يحارب الآخر من نوعه، ولا يسعى إلى الخلود بعد الشبع، ولا ينتهك رغبةً في الانتهاك، بل ليبقى حياً، ولكن ذلك ما يفعله البشر.

وفضل د. زيدان استخدام وصف "الجماعات الإجرامية" بدلاً من "الإرهابية"؛ لأن استخدام كلمة "إرهاب" يتضمن التخويف والزجر، بينما لا يمكن وصف ما تحدثه تلك الأيادي والعقول إلا بالجرم الفادح بحق العالم.

أما الناقد من ساحل العاج د. آدم بيمبا فتحدث عن التسامح في روايات غرب إفريقيا، ومن دراسته لحوالي ثلاثين رواية معاصرة باللغة الفرنسية، ومنها "جزار كوتا" و"حماة الهيكل".

يذكر أن أستاذة الأدب في جامعة الكويت نورية الرومي أدارت الجلسة.

مفهوم التسامح

وترأست الجلسة التي حملت عنوان "ثقافة التسامح والسلام... قراءة في المفهوم" عميدة كلية الآداب في جامعة الكويت د. حياة الحجي، وشارك فيها رئيس قناة بي بي سي العربية حسام السكري، ود. محمد ميداني، ود. عبدالحميد الأنصاري ود. عبدالمالك التميمي.

وتحدث السكري عن تهافت بعض البرامج الحوارية في القنوات الفضائية لتدشين حملة تفرض رأيها بالحيلة والمراوغة بدلاً من طرح النقاش وتبادل الأفكار جرياً وراء الإثارة، لتكون المحصلة صراعاً جدلياً كأن الطاولة حلبة صراع، بعيداً عن أساسيات فكرة التحاور التي تقتضي سلامة النوايا.

صراع بين الفرد والآخر

وعن "تأصيل مفهوم التسامح" أشار أستاذ التاريخ في جامعة الكويت الباحث د. عبدالمالك التميمي في حديثه، إلى القيم الإنسانية التي تكفل إيجاد مجتمع متقدم تنتفي فيه الصراعات والنزاعات وأساسها التسامح، مؤكداً أهمية التركيز على معالجة الخلل من الداخل، وهو الصراع الإثني ما بين صراع الفرد والآخر، وصراعه مع نفسه، وإنكار حقيقة "التخلف" الواضح في مسيرة المجتمع ونمائه الحضاري، ما يعزز الحاجة إلى خطة حقيقية ومواقف صادقة لنشر القيم الإنسانية بعيداً عن التيارات المتطرفة.

السلام... لا الجهاد

أما "مستقبل التسامح في ظل ثقافة الكراهية" فكان عنوان ورقة عميد كلية الشريعة السابق في جامعة قطر د. عبدالحميد الأنصاري، الذي قارب فيها بين العصور الوسطى في أوروبا والوضع في الوطن العربي، مشدداً على أهمية العقلانية للخروج من هذا الوضع.

 وأوضح الأنصاري أن من معوقات التسامح الفهم الخاطئ له، وادعاءه وتجييره للمصلحة، مؤكداً أهمية تجديد الفكر العربي.

واستعرض د. محمد الميداني الأستاذ في جامعة ستراسبورغ الفرنسية المواثيق العالمية التي تؤكد على حقوق الإنسان، ومدى تطبيقها في الوطن العربي وما يماثلها عربياً، مستنكراً التركيز على "الجهاد" كدعوة إسلامية، بينما يرى "السلام" أصل العلاقات بين البلدان والبشر في الدين، داعياً إلى متابعة ما يدور في منظمات حقوق الإنسان وقراءة تقاريرها ومتابعة الوضع المحلي من خلالها لكل دولة.

back to top