بالعربي المشرمح: ليست «حشد» التي نعرف!

نشر في 09-05-2015
آخر تحديث 09-05-2015 | 00:01
 محمد الرويحل ليعذرني رفاق الدرب ومنتسبو ومحبو "حشد"، فلم يعد ثَمَّ شيء تبقى لمسيرتهم يجعلني ألتزم الصمت، ولم يعد ثَم بريق أمل لنرى "حشد" التي نعرف، فكل ما بنوه على مدى سنوات ينهار اليوم أمام أعينهم دون أن يتداركوا أو حتى يدركوا حجم الكارثة التي أضاعت سنوات ذلك الجهد الكبير الذي بذلوه، والغريب أن هذا الانهيار لم يكن صنيعة خصومهم بل هم من يهدمون معبدهم بأيديهم.

بدأ العمل بهذا الكيان في عام ١٩٩٩ بفريقين برلماني وميداني، يعملون من أجل الوطن ورفعته ويحاربون الفساد وشلته، محافظين على الدستور ومكتسباته، يشرعون ويحاسبون ويراقبون تحت قبة البرلمان، وفي الشارع استطاعوا من خلال فريقهم الميداني أن يشكلوا أداة ضغط على نواب الموالاة من خلال طرحهم للقضايا المصيرية التي يؤيدهم الشارع في طرحها وتبنيها، كان كل منهم يؤدي دوره بصدق وأمانة، رغم كل الضغوطات والتهديدات التي كانوا يتعرضون لها، فلا الفريق البرلماني خضع ولا الفريق الميداني رضخ.

وكان يحاك لهذه الحركة الدسائس والكمائن من قبل خصومها فتزداد قوة وشعبية ويزداد أفرادها إصراراً وعزيمة بسبب ثباتهم وتعاونهم حتى بلغت ما لم تبلغه كل التيارات السياسية المخضرمة في الكويت من شعبية وقبول.

"حشد" التي نعرف كانت قبلة لكل الشرفاء ولكل النواب والمرشحين، بل حتى نواب الموالاة لم يكونوا يملكون الوقوف بوجهها خوفاً من ناخبيهم ومن مصداقية طرح هذه الكتلة لقضايا مصيرية وشعبية مؤثرة على الشارع ولها التأثير حتى على نتائج الانتخابات.

"حشد" التي نعرفها كانت سداً منيعاً بوجه مؤسسة الفساد وسراق المال وبصمة واضحة في التشريع والرقابة الصارمة والمحاسبة المستحقة، فما الذي حصل لها؟

"حشد" التي نعرف لم تكن تعرف لغة الشتائم ولا سياسة التخوين، ولا أسلوب الطعن في أعراض خصومها أو من يخالفها الرأي ولا تخاصم الشخوص إلا لأدائهم، فكيف أصبحت تقوم بذلك حتى مع أقرب المقربين لها، بل مع رموزها ومؤسسيها فما الذي حصل؟

"حشد" التي نعرف هي التي قادت الشارع في قضية الإيداعات والتحويلات لتسقط الحكومة ومجلس ٢٠٠٩ لتصنع بعد ذلك أول أغلبية برلمانية في تاريخ الكويت السياسي.

"حشد" التي نعرف كانت جبهة موحدة في وجهة الفساد والمفسدين وسراق المال العام، تملك الحجة والدليل والمصداقية لا تعرف المساومة ولا تقبل الخضوع، مسطرتها الدستور والقانون اللذان بات بعض منتسبيها اليوم لا يعترف بهما، بل أصبحوا فرقاً كل منهم في الاتجاه المعاكس للآخر.

"حشد" التي نعرف "حشد" السعدون والبراك والجري والشريعان والخليفة والحبيني وجوهر والمجرن والهملان والثنيان والسرحان والأحمد والداهوم ومحمد عبيد وغيرهم من مختلف طوائف الوطن وتكويناته.

يعني بالعربي المشرمح:

مؤلم أن نرى "حشد" التي نعرف وهي تهوي بهذه الصورة المحزنة، يتطاول صغيرها على كبيرها، ويتساوى بها التاريخ مع جغرافيتها، ويتجرأ على رموزها ومعلميها تلاميذهم ويصبح منتسبوها مجرد تابعين لرمز دون الآخر لا يكترثون للعمل ولا لتاريخ كتلتهم وإنجازاتها، وباتت تتآكل من الداخل، ينهش بعضها بعضاً متناسين الأسس والمبادئ التي من أجلها ولدت "حشد"، ليقضوا بأيديهم على هذا الكيان التاريخي والسياسي بلمحة، فما ذكرته مؤلم لكل محب لحشد وتاريخها ولا يتمنى لها ما هي عليه اليوم من تشرذم وخلافات من شأنها أن تنهي تاريخها السياسي والنضالي، فحشد التي نعرف ليست بحشد اليوم وَيَا حسافة!

back to top