منظور آخر: هل أصبحنا عبيداً لهواتفنا؟!

نشر في 24-05-2015
آخر تحديث 24-05-2015 | 00:01
إن المتابعة لكل ما يدور في حياة من حولنا عبر وسائل التواصل لم تعد على البشرية بأي خير، فباتت النفوس أكثر حسداً وحقداً من أي وقت مضى، وبات جيل كامل مهووساً بالتوثيق دون أن تكون ماهية ما يُوثّق تستحق ذلك أو ذات قيمة.
 أروى الوقيان طرحت هذا السؤال في وسائل التواصل الاجتماعي "هل أصبحنا عبيداً لهواتفنا"؟ فوجدت أغلب وجهات النظر يشير إلى أننا نعاني عبودية جديدة نقدمها طوعا للتكنولوجيا، وأصبح من الصعب أن تمضي ربع ساعة دون أن نتعبث بهواتفنا، فنبحث عن أي شيء سواء كان مهما أو غير مهم، ونتابع حياة الناس حتى إن لم يكونوا يعنون لنا الكثير.

أصبحنا لا نأكل دون أن نصور طعامنا أولاً، وحين نلتقي بأصدقائنا نأخذ صورة "سيلفي"، ومن ثم نلقي التحية، فنوثق كل شيء وكأننا ننتج فيلماً وثائقياً عن انقراض حيوان نادر، في حين الذي انقرض فعلاً هو التواصل الحقيقي، وليس عبر وسائل تواصل اجتماعي.

هذا العالم، وإن بدا حقيقياً، افتراضي، وهو كنشرة أخبار موجزة عن حياة الآخرين، وكم في تلك المتابعة من مضيعة حقيقية لوقت من الممكن استثماره بأي شيء مفيد فعليا، هذا العالم الافتراضي صنع له نجوماً افتراضيين، وأصبح الجميع يتوق إلى الشهرة بشكل مقيت أحياناً، وبات الجميع نسخة من شخص أصبح مشهوراً بوسيلة تواصل.

أغلبهم لا يقدم قيمة تذكر عدا خربشات مكياج، وتصميمات عالمية مسروقة، فباتت معظم النساء يحلمن أن يصبحن كأولئك المشهورين، فيتلقين الهدايا والأسفار المجانية، وباتت الحوارات تدور حولهم أو تكون مراقبة لهم، وبتنا لا نقوم بحوارات طويلة دون أن نقاطعها بتصوير "سناب" أو كتابة تغريدة أو توثيق صورة في إنستغرام.

بتنا عبيداً جدداً لهاتف ندمنه، فلا نستطيع العيش بدونه، ويسرقنا من الناس الذين نحبهم دون أن نقصد، ويحرق وقتنا دون أن نقصد، ويسطّح اهتماماتنا دون أن نقصد أيضاً.

هذه المتابعة لكل ما يدور في حياة من حولنا لم تعد على البشرية بأي خير، فباتت النفوس أكثر حسداً وحقداً من أي وقت مضى، وبات جيل كامل مهووساً بالتوثيق دون أن تكون ماهية ما يتم توثيقه تستحق ذلك أو ذات قيمة.

 التمسك بالقراءة والاطلاع والبحث عن معلومات بات كأنه جهاد في ظل هذه التفاهة المحببة للجميع، فالغالبية باتوا يبحثون عن الضحكة دون قيمة، والاستمتاع دون الاستفادة، والتفاهة دون عمق المضمون.

الوقت يُسرق منا على حين غفلة، والعقول تضمر على غير إدراك، هذا العالم الافتراضي يسرقنا من عالم حقيقي مع كل أسف.

back to top