طفرة جينية تجعل عائلة غير قادرة على التعرّق

نشر في 05-11-2014 | 00:01
آخر تحديث 05-11-2014 | 00:01
No Image Caption
في تطور مثير للاهتمام، اكتشف الباحثون أن استهداف هذه الجينة قد يساعد الناس على الحد من التعرق بفاعلية.
 تعيش في باكستان عائلة من خمسة أفراد يتفردون بحالة مميزة مؤسفة. فلا يستطيع عدد من أولادها التعرق. تُعتبر هذه حالة نادرة جداً تُعرف بـ«اللاعرقية}. صحيح أن هذه قد تبدو صفة جيدة، إلا أن القدرة على التعرق أساسية لضبط حرارة الجسم. نتيجة لذلك، يبقي الأولاد جسمهم مبرداً بقضاء نهارهم في قبو المنزل لأن حرارة جسمهم ترتفع ويفقدون الوعي في نور الشمس. وإذا أفرطوا في الجلوس في ضوء الشمس، فقد يموتون.

اضطراب غريب

تعمل مجموعة من العلماء اليوم على فك الشفرة المرتبطة بهذا الاضطراب الغريب. فبوضع خارطة جينوم كل من أفراد العائلة الباكستانية، حدد باحثون من جامعة أوبسالا في السويد طفرة جينية واحدة مسؤولة عن هذه الحالة. تُعتبر الجينة، التي تُدعى ITPR2، مسؤولة عن ضبط إفراز العرق. وإن أوقف عملها، فقد يتعطل إفراز العرق بالكامل.

اكتشف الباحث الرئيس نيكلاس داهل هذه الحالة الخاصة النادرة خلال سعيه لفهم الأمراض المرتبطة بجينة واحدة، والتي تُعرف أيضاً بالأمراض المندلية. يشير داهل إلى أن العلماء تعاطوا سابقاً مع اللاعرقية، إلا أن هذا المرض غالباً ما يكون مرتبطاً باضطرابات جلدية. لكن هذه العائلة هي الأولى على حد علمه التي تعاني اللاعرقية كخلل أساسي معزول.

بعد تحليل جينوم أفراد العائلة، حدد داهل وفريقه هوية الجينة المسؤولة ITPR2 التي تحمل شفرة بروتين يُدعى IP3R2. يشكل هذا البروتين قناة كالسيوم في الدماغ تفرز الكالسيوم عندما تنفتح، ما يولد سلسلة تطورات في الجسم تنتهي بإفراز العرق. أخبر داهل، خبير جيني في جامعة أوبسالا Popular Science: {يملك الإنسان في الدماغ خلايا تتأثر بالحرارة. وترسل هذه إشارات إلى الجهاز العصبي، الذي يرسل بدوره إشارات إلى الجهاز العصبي المحيطي ومن ثم إلى الجلد وغدد العرق، ما يؤدي إلى التعرق}.

أما في حالة العائلة الباكستانية، فلا تنفتح قنوات الكالسيوم مطلقاً. وبرهن الباحثون أيضاً هذا الخلل بإعدادهم سلسلة من الفئران المعدلة جينياً التي لا تنتج بروتين IP3R2. وتبين أن هذه القوارض لا تتعرق.

تعرق مفرط

قد يساعد فهم الآليات وراء التعرق الباحثين في تطوير أدوية تحد من التعرق المفرط، حالة يعانيها 2% من الناس. يبدأ مَن يعانون هذه الحالة التي تُدعى فرط التعرق بالتعرق في كفيهم، أسفل قدميهم، صدرهم، إبطيهم، ومواضع أخرى من جسمهم بدون أي مبرر. حتى إن بعض المرضى يُضطرون إلى ارتداء غطاء بلاستيكي تحت ملابسهم بغية تفادي المواقف المحرجة.

تبين أن البوتوكس علاج فاعل، إلى حد ما، في حالة التعرق المفرط، إلا أن العلاجات قد تكون مؤلمة وغريبة (حقن اليدين بهذه المادة ليس ممتعاً بالتأكيد). يوضح داهل أن الحد من معدلات بروتين IP3R2 قد يشكل حلاً أبسط. ويضيف: {توصلنا إلى طريقة لعرقلة إنتاج قناة الكالسيوم هذه. وهذا علاج محدد ودقيق من حيث تصميمه على الأقل. فيمكننا بواسطته خفض التعرق المحيطي بنسبة 60%}.

يشير داهل إلى أن هذا البحث يسلط الضوء على مدى أهمية إفرازات جلدنا الكريهة الرائحة هذه من وجهة النظر التطورية. يتمتع الإنسان بالقدرة الأعلى على التعرق في العالم، نظراً إلى حجم جسمنا وغياب الشعر عنه. نتيجة لذلك، صار بإمكاننا التمرن لفترات طويلة من الزمن تصل إلى 10 ساعات/ يومياً.

يقول هذا الباحث: {تركض الحيوانات السريعة بسرعة أكبر منا، إلا أنها لا تستطيع متابعة  العدو لأكثر من بضع دقائق. أما الإنسان، فيستطيع اجتياز مسافات كبيرة بسبب هذه القدرة، ما يجعلنا صيادين بارعين. أتاحت لنا غدد العرق تطوير القدرة على المشي والركض كيلومترات من دون توقف}.

إذاً، علينا أن نشكر العرق لأنه ساعدنا في البقاء على رأس سلسلة الغذاء.

back to top