الفنان عبد العزيز التميمي: فنون ما بعد الحداثة تحفر قبر التشكيل

نشر في 09-04-2015 | 00:02
آخر تحديث 09-04-2015 | 00:02
No Image Caption
يرى الفنان التشكيلي الكويتي عبدالعزيز التميمي أن فنون ما بعد الحداثة يشوبها نوع من الاستسهال واللخبطة، ما يجعلها تبتعد عن قواعد الفن الحقيقية، وبالتالي يلجأ إليها محدودو الموهبة، الذين يحفرون عن طريقهاً قبراً للحركة التشكيلية، على حد تعبيره».
قدمت معرض {تحيا مصر{ أخيراً. ما الذي دفعك إلى هذا العرض؟

معارضي قليلة، فأنا لا أؤمن بالمعارض إلا في حالة وجود قضية تهتم بها، لأنها لا تُقدم لمجرد العرض. أهديت معرضي الأخير بعنوان {تحيا مصر} لمصر، وفيه أقول للعالم إن مصر ليست بمفردها.

يضم المعرض 27 لوحة، تربط بينها طبيعة البيئة. تناولت جميع مفردات البيئة الكويتية سواء الصحراء، البحر والسفن، وقد قصدت ذلك من باب نقل ثقافة المجتمع الكويتي عبر لوحاتي إلى المجتمع المصري. صحيح أن الألوان متقاربة، لأني درست في مصر، ولكن البيئة مختلفة كونها صحراوية.

يؤدي التراث دوراً مهماً في مخيلة الفنان التشكيلي في دول الخليج بصورة كبيرة، فلماذا يتم الارتكان إليه إلى هذا الحد؟

التراث نوعان: التراث التجاري كمن يرسم الجمال وخلفها الأهرام، وهذا تراث مصري، ولكنه ليس فناً بل تجارة، وكمن يرسم الزخارف الموجودة في العمارة الإسلامية في القاهرة بطريقة تجارية، والتراث الفني الذي يتجسد في رسم فنانين بلمسات فنية حقيقية تحمل ثقافة تبرز لمسات الفنان الذاتية بغض النظر عن الموضوع. هنا يتجلى الفرق بين الجانبين. كثير من التشكيليين رسموا السدو في الكويت والمشغولات البدوية، ولكن القليل أجادها فنياً.

لحظة اقتناص

ماذا عن نوعية الخامات التي تضمنها معرضك؟

استخدمت زيتا على توال، خامة من الخامات الأطول عمراً، تحتاج إلى صبر، فليس من السهل التعامل مع اللوحة الزيتية. ثمة فنانون يتركون اللوحة تجف ويعملون عليها مرة أخرى، وثمة آخرون، وأنا أحدهم، يفضلون الانتهاء من اللوحة سريعاً، لأن التأثيرية لحظة اقتناص، إذا لم تُسجل هذه اللحظة سريعاً تتغير كونها ليست طبيعة صامتة ثابتة.

هل لديك وقت معين لممارسة العمل الفني؟

لا أرتبط بوقت معين، أفضل العمل بالنهار، وأعتبر الرسم كالرسالة إيحاء يأتي على موضوع، ما يدفعني إلى العمل. وعندما أرسم لا أترك السكينة حتى أنهي اللوحة.

مكانة لائقة

ما هي رؤيتك للمشهد التشكيلي بالكويت؟

الكويت بعد مرور ما يزيد على 60 عاماً من الفن التشكيلي المنتظم، وصلنا إلى مكانة تليق بالفنان الكويتي تضعه في منافسة حقيقية مع أقرانه من الدول الأخرى. وبالنسبة إلى الحركة التشكيلية في العالم العربي، أرى أنها تضم مجموعة كبيرة وصلت إلى العالمية. ولكن للأسف الفنان العربي موجود في آخر سجلات الاهتمام لدى المسؤولين، قد يحصل القليل على حظوته لسبب ما ولكن السواد الأعظم لا يلقى العناية والاهتمام اللائق من حيث الإعلام، والمشاركات، واقتناء الأعمال. مهنة الفن التشكيلي تكلف الكثير، ومن ثم يجب على المسؤولين أن يضعوا هذا الأمر نصب أعينهم.

عموماً، في الكويت فنانون يُشار لهم بالبنان من بينهم مساعد فهد، عبد الله سالم. وثمة جيل رائع تُوفي، لا سيما عيسى صقر، عبد الله القصار، الفنان الفطري أيوب حسين، ومن الفنانين الحاليين، عبد العزيز آرتي الذي يتميز بأسلوبه خاص.

لماذا اخترت الرسم كوسيط للتعبير عن إبداعك الفني؟

نفذت منحوتات، ولكنها لا ترقى إلى مستوى العرض. أنحت أعمالاً تدل على كوني فناناً، ولكن لا يمكنني المنافسة بها. أهتم  بالتصوير وأعشقه، حيث أراه يمثلني بشكل كبير.

أنت أحد فناني اللوحة، هل ترى أن فنون ما بعد الحداثة يمكن لها أن تلغي الفنون التقليدية كاللوحة والتمثال؟

تفتقد فنون ما بعد الحداثة إلى القواعد التي تؤكد أنها فن. هي مجرد {لخبطة}  مثل البناء العشوائي، الذي لا يخضع لقواعد هندسية وأسس معمارية. الفن من دون أسُس وخطوط ومنظور عام أو كتلة لا يعُد فناً. الفنون هذه عمرها قصير، يلجأ إليها محدودو الموهبة. لا تناسبنا هذه الفنون بل هي فنون تصلح لكوكب المريخ.

دور الفن أن يظهر قدرات الفنان وليس قدرات المصادفة. ليست لديَّ مشكلة في أن يستخدم الفنان التكنولوجيا، ولكن عليه أن يظهر لنا تحكمه بهذه التكنولوجيا وليس العكس. أما فنون ما بعد الحداثة فتحفر قبر الحركة التشكيلية. وللأسف، هي أوجدت لها جمهوراً، ربما لا يفهم الفن بالطريقة الحقيقية. ولن تستطيع هذه الفنون أن تنافس اللوحة والتمثال، فهي نوع من الاستسهال والهروب من القواعد الحقيقية.

ما هي اللوحة التي تتمنى رسمها؟

تمثِّل آخر لوحة الشغل الشاغل لأي فنان. أعمل راهناً على لوحة لمدينة القدس، هي فكرة وإحساس، فأنا لم أر هذه المدينة. عندما انتهى من اللوحة وأجد أنها نجحت فستكون هي زوجتي الصغيرة أو ابني المدلل.

back to top