«التمييز»: الشيك أداة وفاء إذا لم يحمل أي مظهر لاعتباره أداة للائتمان
• لا يشترط أن تكتب بيانات الشيك بخط الساحب... بل يكفي توقيعه• التوقيع على بياض لا يؤثر في سلامة الشيك
أكدت محكمة التمييز، في حكم بارز لها، أن جريمة اصدار شيك من دون أن يكون له مقابل وفاء قائم وقابل للتصرف فيه، تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك للمستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قائم وقابل للتصرف فيه، إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول وتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب عن هذه الجريمة، باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات. وأضافت أن القصد الجنائي في هذه الجريمة هو القصد الجنائي العام الذي يكفي فيه ـ على ما تقدم القول ـ علم من أصدر الشيك انه ليس له مقابل وفاء وقابل للتصرف فيه، فلا يستلزم فيه قصد جنائي خاص، ولا عبرة كذلك بالأسباب التي دعت صاحب الشيك الى إصداره، إذ انها لا أثر لها على طبيعته، وتعد من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسؤولية الجزائية التي لا يستلزم لتوافرها نية خاصة.وقالت المحكمة في حيثيات حكمها الذي أيدت فيه حبس وافدة سنتين لإصدارها شيكا من دون رصيد بقيمة 20 الف دينار، إن الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة بانتفاء سوء النية لديها في إصدار الشيكين سند الاتهام، وإنها حررتهما كأداة ائتمان لا أداة وفاء برد سائغ ضمنه ـ بعد أن أورد مبدأ قضائيا «... أن الشيكين موضوع الاتهام قد صدرا عن المتهمة باعترافها استوفى كل منهما شرائطه القانونية على وضع يدل مظهره على أنه أداة وفاء يستحق الأداء بمجرد الاطلاع عليه وليس كأداة ائتمان، وقد قامت المتهمة بتسليمهما للمستفيد بإرادتها، ما يعد طرحا لهما للتداول يتوافر به الركن المادي للجريمة وأن المتهمة باعترافها كانت تعلم عند تحريرها الشيكين وتسليمهما للمستفيد بعدم وجود مقابل وفاء لهما قابل للتصرف فيه، وهو ما يتوافر به سوء النية اللازم لتوافر القصد الجنائي في حقها». أمر منفصل وذكرت أنه «لما كان من المستقر عليه أن الشيك أمر منفصل عن العلاقة التي كانت سببا لإصداره، ومن ثم فإن أركان الجريمة المسندة للمستأنفة تتكامل في حقها وتنبسط الحماية الجنائية على الشيكين موضوع الاتهام، وكان ما انتهى اليه على نحو ما تقدم ردا على دفاع الطاعنة يجزئ في اطراحه، كما أن مقتضى ما انتهى اليه من انبساط الحماية الجنائية على الشيكين موضوع الاتهام، باعتبار انهما يمثلان جريمة إصدار شيك من دون ان يكون له مقابل وفاء قائم وقابل للصرف، فإن الاختصاص ينعقد للمحكمة الجزائية».وقالت المحكمة:«إنه لا يوجد في القانون ما يلزم أن تكون بيانات الشيك بخط الساحب، وفقط يتعين ان يحمل الشيك توقيعه، لذلك فإن توقيع الساحب الشيك على بياض من دون اثبات تاريخ به لا يؤثر في صحة الشيك، إذ إن اعطاء الشيك للصادر لمصلحته بغير إثبات التاريخ يفيد ان مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذا البيان قبل تقديمه للمسحوب عليه، لما كان ذلك، وكان قانون الجزاء عندما قرر في المادة 237 منه عقوبة لكل من يصدر شيكا ليس له مقابل وفاء قائم وقابل للتصرف فيه لم يقصد بالعقاب الشيك المستكمل لكل شرائطه، كما هو وارد في قانون التجارة، وإنما استهدف حماية المستفيد من الشيك، باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات، فمناط العقاب في هذه الجريمة ان تكون الورقة لها مظهر الشيك وحصل تسليمها على هذا الأساس، كما هي الحال في الدعوى المطروحة على ما سلف بيانه».وختمت المحكمة حيثيات حكمها «أنه متى سلّم الساحب الشيك بإرادته الى المستفيد تكون قيمته من حقه، فيعتبر الشيك عملا قانونيا مجردا، فينفصل عن العلاقة القانونية السابقة عليه ولا يتأثر بما يشوبها من عيوب أو ما يؤول اليه أمرها من القضاء، ما دام لم يسترد الشيك من المستفيد، فإن ما تثيره الطاعنة من أن الشيكين كانا معلقين على الشرط الوارد بالعقد المبرم بينهما وبين المستفيد لا تأثير له على قيام مسؤوليتها الجنائية عن الشيك موضوع الدعوى والذي قدمه المستفيد».