الأمين العام السابق لرابطة الأدباء الكويتيين

نشر في 05-04-2015 | 00:02
آخر تحديث 05-04-2015 | 00:02
عبدالله خلف: التشدّد الرقابي لم يعد مجدياً أعلن تأييده قائمة الأديب الكويتي
أكد الأمين العام السابق لرابطة الأدباء الكويتيين عبدالله خلف أن وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب سلمان الحمود اجتمع بأعضاء لجنة مراقبة الكتب وأبدى ملاحظاته، مبيناً أن الأوضاع المحيطة بالبلاد توجب الأخذ بالحيطة من اختلاف الآراء وتحتم وقف منع بعض الإصدارات لإعادة النظر فيها. وأشار خلف إلى أن الرقابة ملحة حالياً بسبب تدهور الوضع السياسي في معظم الدول العربية وانتشار كتب تثير الفتنة وتحرض على الانقسام.

وأعلن خلف في حواره مع «الجريدة» تأييده قائمة الأديب الكويتي في الانتخابات المقررة في الخامس عشر من أبريل الجاري، ممتدحاً أداء المجلس الحالي الذي حقق إنجازات متنوعة تحسب له. ورأى أن وجود قائمة وحيدة معلنة في انتخابات الرابطة ظاهرة صحية، ودلالة على التفاهم الذي تنعم به الرابطة بفضل تضافر جهود أصحاب الخبرة والشباب، لذلك لا تجد انقساماً أو تناحراً أو تسابقاً إلى الظفر بمقاعد مجلس الإدارة الجديد.

وطالب الأمين العام السابق لرابطة الأدباء بإفساح المجال للمرأة لتولي المناصب القيادية في المؤسسات الثقافية من باب العدالة والمساواة.

بصفتك أحد أعضاء اللجنة، ماذا حدث في لجنة رقابة وزارة الإعلام؟

عملت في اللجنة الرقابية منذ عام 1998. كانت الرقابة محدودة، ثم لزم التشدد نظراً إلى الظروف المحيطة في البلاد، لا سيما أن الأجواء السياسية الخارجية كانت عاصفة وثمة أفكار جديدة تتبلور أدت إلى ظهور تيارات سياسية ومنظمات متنوعة. جاء هذا التوجه تماشياً مع توجهات الدولة التي تدفع باتجاه الحرية حسب القانون لأن الحرية المطلقة مدمرة، والدليل الأحداث في بلاد مجاورة حيث أسقطت القيود الرقابية حتى صارت الحرية بلا رقابة مثيرة للزوابع والخصومات عبر الفضائيات، وتطورت الأمور لتمتد إلى القبلية والمذهبية، واعتلى المنابر أفراد يمثلون تيارات مختلفة يفتحون النار على الآخرين. فعلاً، حدثت فوضى عارمة من التناحر والشتائم والتربص بالآخر، ثم تطور الأمر إلى حمل السلاح فنشبت معارك وحروب.

ما آلت إليه الأمور في بعض دول الوطن العربي من شتات وتشريد ومعاناة في المخيمات واتساع الحروب التي تحصد الأرواح يومياً، يدفعنا إلى التفكير في الأمن والأمان الذي نعيشه.

صارت الرقابة من منظوري ملحة وانتشرت كتب من جميع الأطراف تثير الفتنة، بينما نحن شعب وسطي ومتجانس مع حكومته. لذلك نحن بحاجة إلى فحص الكتب، لأن ثمة إصدارات مليئة بالخرافات وتدعو إلى نكران الآخر وإقصائه، ونحن نعيش واقعاً صعباً إذ اشتعلت المنطقة العربية وأصبح المسلم يفتك بالمسلم.

بين المنع والفسح

ماذا عن رواية «الورد لك... والشوك لي» للأديب سليمان الشطي التي منعتها الرقابة؟

الأديب سليمان الشطي قامة عالية، ولا يجوز أن يرفض له عمل أدبي. تربطني به فعلاً صداقة عميقة وأعتقد أنه كفيل بالرد على الطرف المقابل لأنه في مكانة علمية مرموقة ويملك الحجة في الدفاع عما يكتب.

عقب ما حصل في لجنة الرقابة اجتمع وزير الإعلام سلمان الحمود بلجنة الرقابة ووعدنا بتسوية الأمور، وفعلاً أمر بتعليق قرار المنع. كذلك قدمت له اقتراحاتي بشأن تخفيف التشدد الرقابي، إذ إن الرقابة لم تعد منفردة بالساحة.

كيف ترى رابطة الأدباء الكويتيين راهناً؟

مضى على نشأة رابطة الأدباء 50 عاماً، وبهذه المناسبة نظمت الرابطة احتفالاً كبيراً في العام الماضي تكريماً للحركة الأدبية في الكويت. وثمة أجيال تعاقبت على إدارة زمام الأمور في مجالس الإدارة السابقة، ويلاحظ الراصد للأسماء التي تسلمت الأمانة العامة في الرابطة أن النهج المتبع داخل أروقتها يستند إلى أسس ديمقراطية وإلى الرغبة في الإنجاز وعدم التشبث بالمناصب وإيثار مصلحة الأدباء الجماعية على المكاسب الفردية. ودفعت الأجواء الصحية التي تنعم فيها الرابطة بالشباب إلى إدارة شؤونها، واتساقاً مع هذا التفاهم تدار الرابطة بفضل تضافر الجهود وتحلق بجناحين الأول فتي قوي والآخر يملك الخبرة والدراية، لذلك لا تجد انقساماً أو تناحراً في رابطة الأدباء أو تسابقاً إلى الظفر بمقاعد مجلس الإدارة.

وكنت أتمنى أن يعمّ هذا الوضع على مؤسسات ثقافية محلية أخرى وألا تكون الإدارة حكراً على افراد معينين، الرئيس المقبل في يوم الخامس عشر من الجاري سيكون هو الرئيس رقم 15 وهذه أريحية ديمقراطية.

ما دور الرابطة في دعم الشباب واحتضانهم؟

لم توصد الرابطة يوماً بابها في وجه الشباب بل احتضنتهم منذ أمد طويل. تكرس هذا الدعم في عام 2001 حينما كنت أميناً عاماً للرابطة. انبثقت آنذاك فكرة تأسيس منتدى المبدعين الجدد الذي ترعاه  الشيخة باسمة المبارك. كذلك كان الكاتب وليد المسلم، في مرحلة سبقت نشأة المنتدى، يستقطب الناشئة من خلال برنامجه «كيف نقرأ؟» الذي يقيمه خلال العطلة الصيفية لاستثمار هذا الوقت في المطالعة والقراءة في فصول منظمة تغرس حب القراءة وتعليم أساسيات الكتابة. ولا ننسى جهود الأمين العام السابق لرابطة الأدباء حمد الحمد في استقطاب الشباب المبدعين.

وعقب بدء العمل في منتدى المبدعين تكونت مجموعة من الكتاب والشعراء والنقاد وأخذوا يعملون بحيوية وتوّج العمل بإصدار مجلة «اشراقات»، متضمنةً أعمال منتدى المبدعين.

تتعامل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مع جمعيات النفع العام ضمن المعايير نفسها بغض النظر عن عدد الأعضاء وحجم الفعاليات، كيف تراه؟

حينما يأتي الزائر إلى رابطة الأدباء سيجد حضوراً في أروقتها وأحاديث متنوعة تدور رحاها بين الأدباء والكتاب كل يوم، وهذا النقاش والحضور ليس مرتبطاً بيوم بل على مدار الأسبوع وعلى فترتين صباحية ومسائية، بينما نجد جمعيات نفع عام أخرى لا تتميز بهذا الحراك اليومي وتكتفي بفعاليات موسمية. وأدعو من خلال جريدتكم الغراء وزارة الشؤون إلى إعادة النظر في بعض جمعيات النفع التي انتفت الحاجة إليها ولم تعد ضرورية، وكلامي هذا مفاده أن طبيعة الحياة تغيرت ويجب إجراء غربلة لهذه المؤسسات من باب العدالة والإنصاف والمساواة، لأن الجمعية التي تعمل على مدار العام يجب ألا تضع في سلة واحدة مع جمعية تنظم فعالية وحيدة في العام، وليس لأعضائها حضور.

أنشطة الرابطة

ما رأيك في برنامج رابطة الأدباء الكويتيين الثقافي؟

يبدو جدول البرنامج الثقافي لرابطة الأدباء مزدحماً بالأنشطة، ما يعكس الحراك الثقافي في أروقتها، إذ حافظت الرابطة على استمرار نشاط يوم الأربعاء وهو يوم الفعالية الرئيسة ضمن البرنامج. كذلك ينظم منتدى المبدعين فعالياته في الرابطة كل يوم اثنين. وتتعاون الرابطة مع مؤسسات ثقافية محلية، من بينها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ومؤسسة البابطين وبعض السفارات في الكويت في تنظيم فعاليات مشتركة تحتضنها الرابطة.

 نثمن دور الشاعر عبدالعزيز البابطين في إثراء المشهد الثقافي عبر أنشطة متنوعة، ومؤسسة سعاد الصباح المنارة الثقافية الأولى بجهود الأستاذة الدكتورة سعاد الصباح. كذلك أشكر العاملين في المجلس الوطني وفي مقدمتهم كل من الأمين العام علي اليوحة والدكتور بدر الدويش وسهل العجمي ومها الصلال، وغيرهم.

وفي ما يتعلق بأثر أنشطة الرابطة فهو لا يخفى على أحد، ونتلمسه جينما نسافر إلى الدول العربية إذ يمتدح الاشقاء العرب تمسكنا بلغتنا العربية الفصيحة ومحافظتنا عليها من خلال اعتمادها أثناء الفعاليات الثقافية والأدبية التي تنظمها، بينما يتحدثون عن إهمال بعض الدول للغة الضاد، والآن بعدما بعدت اللغة العربية عن المواطنين العرب نجد أن من يحافظون على اللغة هم أبناء هذه المنطقة «الجزيرة العربية والعراق»، وكلما اقتربت من الجزيرة العربية دنوت من الفصيحة. وعندما يعتلي أبناء هذه المنطقة المنابر يتحدثون باللغة العربية الفصيحة بلسان سليم ولا يستعصي عليهم أي حرف من حروفها. وعلى النقيض من ذلك، نجد أن شعوباً أخرى لا تحافظ على سلامة اللغة وتلفظ الحروف العربية حسب لهجاتها. على سبيل المثال، بعض المراسلين في وسائل الإعلام يتحدث بلغة البسطاء، وهذا أمر مؤسف جداً.

وأذكر أننا حينما كنا طلاباً في جامعة الكويت تتلمذنا على يد عالم اللغة عبدالسلام هارون وكان يردد: «أنتم أفصح منا في لفظكم بعض الحروف». وقد استفدنا من أستاذ فقه اللغة عبدالعزيز مطر صاحب كتاب «ظواهر نادرة في اللهجة الكويتية»، وهو امتدح أيضاً محافظتنا على لغتنا الأم.

كيف تقرأ ترشح قائمة وحيدة في الانتخابات؟

تبدو ظاهرة صحية ونحن نشكر المجلس الحالي، لا سيما أن عملهم تطوعي من دون مقابل، بينما تجد آخرين لا يتفرغون لأي عمل إلا بشرط حصولهم على أجر مادي.

رفض وقبول

ينتقد البعض آلية قبول أعضاء جدد في رابطة الأدباء الكويتيين، ما رأيك؟

دأب بعض مجالس الإدارات السابقة التي جاءت عقب فترة إدارتي والدكتور خالد عبداللطيف رمضان والأديب حمد الحمد على التساهل في منح عضوية رابطة الأدباء. وأذكر أن ثمة كتباً كانت مكدسة لمؤلفين كثيرين يرغبون بالحصول على عضوية رابطة الأدباء، لكن ارتأت المجالس السابقة قبل عام 2009 عدم منح العضوية لهم لأن إصداراتهم فاقدة لشروط الإبداع الأدبي وتركز على نواح أخرى. وكنا نتبع في مجلس الإدارة آلية واضحة جداً في هذا الشأن، إذ نفحص الكتاب ونقرأه في مجلس الإدارة ثم نرصد الآراء حوله، وعلى ضوء ذلك يتحدد مصير المؤلف سواء كان بقبول عضويته أو رفضها. لكن المجالس الأخيرة يبدو أنها سلكت منهجاً آخر في منح العضوية.

أعتقد أن فتح الباب على مصراعيه وقبول كل متقدم للحصول على عضوية رابطة الأدباء لن يفيدا الرابطة أبداً، ونرجو أن يتبع مجلس الإدارة معايير ثابتة ومقاييس محددة تنظم عملية منح العضوية وتشترط أن يكون الإصدار أدبياً أو نقدياً، لأن بعض الذين حصلوا على عضوية الرابطة في الفترة الأخيرة ينتسبون إلى جمعيات أخرى ووجودهم في تلك الجمعيات أفضل لهم وللرابطة.

اتجاهات فكرية

هل تخشى على رابطة الأدباء من تحول مسارها وهل تشكل هذه الخطوة خطراً على الرابطة؟

لا يوجد خطر مرعب لكن يفضل ألا تكون لها أنشطة حزبية، لا سيما أن للرابطة منهجاً أدبياً وثقافياً، ناهيك بالأخذ باللغة الفصيحة. والأعضاء ليست لهم انتماءات حزبية وإن كانوا يؤيدون جماعات واتجاهات فكرية ويحترمون الجميع. ومن منظوري أن هذه الأنشطة الموجهة والتحزب السياسي سيجران الرابطة إلى مبتغى آخر، مع احترامنا للرأي والرأي الآخر.

هل ستطالب بإعادة النظر في عضوية المنتسبين حديثاً إلى رابطة الأدباء؟

ليست لدي فكرة واضحة عن عدد الذين قُبلت عضويتهم في الرابطة لكن ما يهمني الاستناد إلى الإبداع الفكري والأدبي في القصة والشعر والنقد أما الموضوعات الأخرى فلا أفضل أن تكون لها الأولوية في القبول.

ما رأيك بانتشار الكتابة بالعامية بين الكتاب الشباب؟

لا نشجع الكتابة باللهجة العامية ولو أنه حدث تغلغل ما. لكن القانون الأساسي للرابطة ينص على خدمتها اللغة العربية والارتقاء بها، وثمة جمعيات أخرى تتبنى العامية والشعر الشعبي، ومنها ديوانية شعراء النبط، وهذا نهجها.

مجلة «البيان»

استعاد الأديب عبدالله خلف ذكرياته مع مجلة «البيان»، مشيراً إلى أنها صدرت في عام 1966: «كنت حينها أدرس في جامعة الكويت مع الزملاء خليفة الوقيان وسليمان الشطي وخالد عبدالكريم جمعة، وكتبت في العددين الأول والثالث. ويُسجل للمجلة الحفاظ على استمرارها في النشر رغم إرهاقها ميزانية الرابطة لأنها تحتاج إلى مصاريف مالية كبيرة. تعاقب على إدارة «البيان» رؤساء تحرير كثر، وهي ربما تكون الوحيدة الصادرة عن روابط أو نادٍ أدبي وحافظت على استمرارها. صحيح أن لدى الدول العربية روابط أو نوادي أدبية ولها سمعة أدبية طيبة لكن مطبوعاتها لم تستطع الصمود لعقود من الزمن، لذلك نحن نعتز بهذه المطبوعة ونفتخر بها. كذلك ثمة دور يجب أن يشكر لوزارة الإعلام ممثلة بالوزير الشيخ سلمان الحمود، إذ تتكفل الوزارة بتقديم دعم مادي إضافة إلى طباعة المجلة في مطبعة وزارة الإعلام».

كانت المجلة بمثابة إحدى الشموع الثقافية الكويتية التنويرية التي توقفت قسراً أثناء فترة الغزو العراقي، وشعر القارئ العربي بمرارة هذا الغياب. لكن بعد عودة الكويت واصلت المطبوعات الكويتية رسالتها الثقافية متحدية الظروف الصعبة.

 تجديد الثقة بقائمة الأديب الكويتي

عن توقعاته للانتخابات المقبلة التي ستعقد في 15 من أبريل الجاري، أوضح خلف أن الشباب يقودون رابطة الأدباء راهناً وهذه المجموعة متضمنةً الزميل طلال الرميضي تستحق الاستمرار في عملها، لا سيما أن الرميضي أحد أنشط الشباب وأثبت مكانته من خلال تنظيم احتفالية 50 عاماً على تأسيس رابطة الأدباء.

ومتمنياً أن تشارك المرأة الأديبة مع المؤسسات الثقافية الأخرى، أمل أن تتسلم منصب الأمانة العامة لرابطة الأدباء خلال الدورات المقبلة، قائلاً: «أتمنى أن يكون للمرأة حضور فاعل ليس في الرابطة بل في مجمل الجمعيات الثقافية. ثمة مؤسسات تتبنى شعارات تدعم المرأة، وحينما ينطلق السباق الانتخابي تتبخر هذه الشعارات ويتقدم الرجال لتولي زمام الأمور متجاهلين مطالباتهم السابقة. وآمل أن يجدد أعضاء الجمعية العمومية في رابطة الأدباء ثقتهم بالمجلس الحالي أو بقائمة «الأديب الكويتي».

back to top