هل يفقد جهاز الرقابة في مصر سلطته؟

نشر في 08-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 08-12-2014 | 00:01
في الحكم الصادر أخيراً بشأن عرض فيلم {حلاوة الروح}، جاء الفيصل في حرية التعبير كما نصّ منطوق الحكم، مشيراً إلى أن إخضاع الأعمال الفكرية والأدبية والفنية للحجب بمعرفة جهة الإدارة يترتب عليه أن ما يظهر علناً من أفكار أو آراء أو إبداع أدبي أو فني سيقتصر على ما ترضى عنه جهة الإدارة أو تسمح به، وأن من لم ترض عن أفكارهم، سيتردد حقهم في التعبير بين التقييد أو المنع أو التسامح بحسب تقدير جهة الإدارة.
والسؤال الذي يفرض نفسه الآن هل يعني هذا أن الرقابة لم يعد لها حق الرفض أو القبول؟
ربما كانت قضية فيلم «حلاوة روح» المحرك في ما يخصّ سلطات الرقابة على الإبداع في مصر، فالحكم الذي يراه البعض تاريخياً في ما يتعلَّق بحرية الإبداع عموماً، وليس قضية الفيلم فحسب، انتصر لحرية الفكر الأدبي والفني، وذلك بغض النظر عن محتوى العمل ومدى اتفاقنا أو اختلافنا حوله.

في البداية يقول الرئيس السابق لجهاز الرقابة على المصنفات الفنية المخرج أحمد عواض إن هذا الحكم انتصار {بين} لحرية الإبداع، حيث لا يعطي لأي جهة الحق في مصادرة أي عمل إبداعي، مشيراً إلى أن هذا ما كان يطالب به ويسعى إلى تحقيقه أثناء فترة رئاسته جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، حيث كان حريصاً على نصرة حرية الإبداع التي نص عليها الدستور صراحة، وكان يسعى إلى تطبيق التصنيف العمري، الذي تعمل به الدول المتحضرة كافة، إذ لم يعد هناك أي معنى للرقابة في ظل التطور التكنولوجي الرهيب.

وأشار عواض إلى المادة 92  من الدستور، والتي تنص على أن الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصاً، كما حظر على المشرع تنظيم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدهما بما يمس أصلها وجوهرها، وأن هذا النص حظر على المشرع عند تنظيم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدهما بما لا يمس أصلها وجوهرها.

في حين قال الرئيس الحالي لجهاز الرقابة عبد الستار فتحي إن لا مجال لإلغاء الرقابة على المصنفات الفنية في ظل الظروف التي تمر بها مصر، مؤكداً مرونة الرقابة بشكل كبير، وأوضح أن لجنة إعادة هيكلة الرقابة تعيد ترتيب أمور كثيرة خاصة بالرقابة بما يتيح حرية أكبر، مشيراً إلى أن القانون يسمح لجهاز الرقابة بالموافقة أو الرفض، ولن يتأثر بحكم المحكمة.

يتَّفق المخرج سمير سيف مع عبد الستار في أن الوقت الحالي غير ملائم لتطبيق التصنيف العمري، نظراً إلى عدم وصول الشعب المصري إلى درجة من الوعي والثقافة تمكّنه من التعامل مع هذا الأمر، على عكس دول أخرى وصلت إلى درجة كبيرة من الوعي والثقافة تتفهم معها هذا الأمر، إضافة إلى أن هذا القانون لو صدر فلن يطبق حرفياً في مصر، حيث سيسمح بدخول الأطفال عن طريق المجاملات وغيرها، مشيراً إلى أن الحل الأمثل هو وجود لجنة الإبداع التي كانت موجودة منذ فترة، وكانت وظيفتها حماية المبدعين وأعمالهم عندما ترفضها هيئة الرقابة على المصنفات الفنية، وكانت دائماً تنتصر للمبدع وبما يتلائم مع ظروف المجتمع والوعي الثقافي.

المخرج محمد أبو سيف من جانبه رفض دعاوى عدم ملائمة التوقيت لتطبيق التصنيف العمري كافة، بحجة أن الشعب المصري غير مؤهل لذلك، مؤكداً على ضرورة البدء في إلغاء الرقابة وتحويلها إلى تصنيف عمري مع التشديد على تطبيق نظام التصنيف العمري، مؤكداً على أن فكرة الرقابة أصبحت غير مناسبة للأجيال الجديدة التي أصبحت تطلع على كل ما تري، والدليل، في رأيه، هو فيلم {نوح}، الذي منع الأزهر عرضه في دور العرض المصرية، فتمكَّن الشباب من مشاهدته مترجماً وبجودة عالية على شبكة الإنترنت.   

وأشار أبو سيف إلى أن مواد الدستور الجديدة كفلت حرية الرأي، كما كفلت حق كل إنسان في التعبير عن رأيه بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر، وأفردت حرية الإبداع الأدبي والفني بنص خاص هو نص المادة 67 الذي كفل حرية الإبداع الأدبي والفني، وألزم الدولة بحماية الإبداع وحظر رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الأدبية والفكرية والفنية، إلا عن طريق النيابة العامة، ولم يتضمن النص ما يجيز لجهة الإدارة وقف الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو مصادرتها.

back to top