التشكيلية عقيلة رياض: المرأة هي الكائن الأجمل على مر الزمان

نشر في 20-01-2015 | 00:02
آخر تحديث 20-01-2015 | 00:02
أقامت الفنانة التشكيلية الدكتورة عقيلة رياض معرضاً بعنوان «من السبعينيات» تعود من خلاله إلى البدايات وكيفية تشكل أفكارها وارتباطها الوثيق بالتاريخ والحضارة القديمة، والتي تجلَّت ملامحها كخط أساسي منذ أعمالها الأولى، من دون الوقوع في فخ التقليد. عقيلة عاشقة التاريخ والحضارة الفرعونية ترى أن التاريخ يعيد نفسه بصور متعددة، وتشدد على تقديم فن له خصوصية وانتماء.
حول معرضها الأخير ولوحاتها وأعمالها التقتها «الجريدة» في هذا الحوار.
ضمّ معرضك {من السبعينيات} مراحل مختلفة عبر تجربتك الفنية. كيف ترين تطور هذه التجربة؟

قدَّمت خمس لوحات من تجربة مشروع التخرج، والذي كان البداية في فكرة التجربة الفنية الخاصة بي، وقد دفعني عشقي للفن المصري القديم كي أبدأ ببقايا موتيفات لها علاقة به، فضلاً عن المومياوات والمعابد والمقابر، وبعد ذلك نضجت التجربة واخذت أشكالاً حديثة كما دخلت على التشخيص، وفي الوقت نفسه كانت هذه البداية مؤثرة. ورغم أن أعمالي الأخيرة فيها نوع من الحداثة وخروج عن الشكل المعتاد، لكني تأثرت بمشروع التخرج وفضلت عرضه في قصر الحرية بالإسكندرية، حيث أعرض للمرة الأولى في مدينتي. بالتالي، كان يهمني عرض تجربتي من البداية حتى آخر معرض قدمته في متحف الفن الحديث العام الماضي.

يؤدي الشكل الفرعوني دوراً كبيراً في أعمالك، ما سر ذلك؟

يستحوذ الشكل الفرعوني عليّ منذ كنت في الجامعة، حيث كنا نقوم غالباً برحلات إلى الأقصر وأسوان سنوياً، وكان أساتذتنا في ذلك الوقت يهتمون بالتاريخ ويعشقون الفن المصري الفرعوني ويشرحون ذلك لنا مما يجذبنا إليه. وعندما جاء مشروع التخرج فضلت العمل على تلك الثيمة.

وهل تنحازين إلى أشكال آخرى لتقديمها فنياً في الحياة؟

أنحاز إلى المرأة، ذلك الكائن الجميل. بالتالي، عندما نعمل على التشخيص أو الشكل الإنساني تكون المرأة أهم عنصر. هذا لا يعني أن لا مكان للرجل في اللوحة، بل على العكس. ولكن للمرأة الحيز الأكبر.

دافعت في معرضك {مصرية على مر العصور} عن الفكر الرجعي تجاه المرأة، فكيف كان ذلك؟

المرأة هي الكائن الأجمل على مر العصور وقد حاولت استرجاع التاريخ من خلال لوحاتي لمحاربة الأفكار التي لا تخصنا، تلك المعادية للطبيعة. أردت أن أظهر جمال المرأة وكيف أنها كانت على مر العصور تتسم بالجمال والرقي.

ماذا عن مجموعتك الأثيرة {العازفات}؟

{العازفات} موجودة لديّ باستمرار، بمعنى أنني دائماً عندما أعد لمعرض جديد أبدأ بالعازفات، وأعتبرها أحياناً عنصراً أساسياً في جميع معارضي. أمر جميل ارتباط التاريخ بالعزف مع المرأة، وربما يعود ذلك أيضاً إلى حبي الشديد للموسيقى.

بما أنك تعشقين التاريخ، فهل ترين أنه يعيد نفسه؟

يؤدي التاريخ دوراً مهماً في حياتي وأرى فعلاً أنه يعيد نفسه، لذا لا بد من قراءته حتى نتعظ ونرى كيف تسير الحياة. أفضل قراءته جيداً، ليس كفن فحسب بل أيضاً كأحداث.

هل تشعرين بأن اللوحة التي تقدمينها تعبر عنك؟

لا أقدم لوحة أو عملاً لا يعبران عني. أرسم كثيراً ولكن في النهاية إذا لم أشعر بأن هذا العمل خرج بإحساسي الذي أريده وفيه العمق المطلوب ألغيه فوراً، حتى إن أشاد به الجميع. اللوحة ليست رسما فحسب ولكنها رسم ولون وتعبير بإحساس صادق، لذا تجدين عملي أقل مما هو منتظر.

ما هي خطوط اللون الأساسية التي تنطلقين منها، وهل تلتزمين بعادات أو وقت معين للإبداع؟

أفضل الألوان الساخنة الدافئة لأنها تشعرني بالحياة، وما دمنا نرسم أشخاصاً نريد أن نشعر بالدفء والروح. بالنسبة إلى عادات الرسم لديّ، فعندما يكون ذهني مشغولاً بأمر معين لا أستطيع التركيز في أي أمر سواه. خلال إعدادي لمعرض أفقد صلتي بالعالم وتكون لديّ شحنة أريد تفريغها على سطح اللوحة. أفضل الرسم صباحاً للاستمتاع بالإضاءة الطبيعية والطاقة المتجددة، فأستيقظ واللوحة أمامي، وأنام وانا أحلم بالعمل. يحدث ذلك خلال فترة الإعداد للمعرض لأني لا أستطيع الاستمرار على هذا الوضع، لأن الرسم مجهود ذهني وبدني على عكس ما يتخيله كثيرون. كذلك أحرص على سماع الموسيقى الهادئة أثناء الرسم.

أثناء تخطيطك لرسم معين هل يمكنك تغيير الفكرة؟

كثيراً ما يحدث هذا الأمر، ليس تغييراً للفكرة ولكن الأفكار التي أضعها تخرج بأفكار أخرى وإحساس معين. وليس من الذكاء أن يتمسك الفنان بأمور معينة في ذهنه ويفقد أموراً تلقائية جميلة، لا سيما أن أفكارنا لا تُترجم دائماً طبق الأصل في الأعمال.

كيف تصفين علاقتك باللوحة واللون اليوم؟

الرسم أمر جميل، أشعر بأنه قوة تسري في دمي ولا أستطيع أن أحيا من دونها. أحلم باللوحة قبل تقديمها، فتأخذ حيزاً كبيراً من تفكيري. أحقق ما أحلم به من خلال اللون، وأحلم بالعازفات التي أقدمهن.

يرى البعض أن فنون الحداثة وما بعدها ربما تؤثر على الكلاسيكية القديمة، فماذا عنك؟

يبحث بعض الفنانين عن المختلف لإرضاء الجمهور. لا يجوز أن نشبه الفنان الذي يقدم فيديو آرت مثلاً بالمصور أو النحات. على المتخصصين أن يجدوا كلمة حديثة غير كلمة الفن التشكيلي لأنها لا تنطبق علينا كمصورين ونحاتين ورسامين. كذلك لا يجوز أن نضم الطرفين معاً. ليس معنى هذا أنني أعترض على الفنون الحديثة فجميعها فنون، ولكل فنان طريقته في إيصال ما يريد من خلال الوسيط الذي يختاره، ولكن لا مجال للمقارنة بين الطرفين.

تجولت في كثير من الدول حيث تابعت الحركة التشكيلية، فكيف ترين المشهد الراهن؟

ما زلنا لم نتخط البحر المتوسط، بمعنى أننا لم نخترق المجال ليكون لنا ثقل في العالم كحركة تشكيلية. أولاً الحركة الفنية ليست قديمة، وفي تصوري أنه كانت لدينا نظرة خاطئة، إذ نظرنا إلى الخارج التشكيلي، ولأننا نريد أن نواكب الحركة بسرعة قمنا بأمور لا تخصنا. أتحدث هنا عن الانتماء والاختلاف. لا بد أن نتنبه إلى تقديم فن له خصوصية وانتماء، والفن التشكيلي مجال مفتوح نستطيع أن نطرح من خلاله جميع الأفكار.

back to top