الكويت سجينة اختناقات المرور... والآتي أعظم!

نشر في 08-03-2015 | 00:14
آخر تحديث 08-03-2015 | 00:14
1.9 مليون سيارة تجوب طرقات مترهلة طاقتها القصوى لا تتجاوز 800 ألف مركبة
البلاد الرابعة عالمياً في الازدحام... وكلفة الأزمة تفوق 4 مليارات دولار سنوياً
تغرق شوارع الكويت في ازدحام شبه دائم بسبب التفاوت الكبير بين أعداد السيارات والطاقة الاستيعابية للطرقات، وثمة مخاوف من تزايد الأزمة وسط غياب الحلول الفعلية التي يحتاج تنفيذها إلى سنوات، مما ينذر بأن تصل البلاد إلى مرحلة تلامس حدود «انعدام الحركة» في الطرقات.

أكثر من 1.9 مليون سيارة تحوّل شوارع الكويت يومياً إلى مرآب كبير، وتجعل المرور أزمة فعلية تستعصي على الحلول، لتحتل الكويت بامتياز المرتبة الرابعة عالمياً في زحمة المرور. وفق دراسة أعدتها وزارة الداخلية عام 2013 بالتعاون مع جهات دولية متخصصة.

الأزمة ليست حديثة العهد، بل قديمة ومتجددة ومتنامية إلى درجة تحذر الجهات المعنية من بلوغها حد انعدام الحركة إذا ما لامست أعداد السيارات 2.4 مليون سيارة، وهو العدد المتوقع بلوغه خلال أقل من عقد.

اختناقات المرور لم تعد حالة عابرة تحدث خلال فترات محددة من النهار، لكنها باتت ظاهرة دائمة تجعل من كل ساعات النهار فترات ذروة، لا سيما أن أسطول السيارات في البلاد يتجاوز الطاقة الاستيعابية للطرقات، ففي مقابل أكثر من 1.9 مليون مركبة، فإن طاقة الطرقات في البلاد لا تتجاوز 800 ألف سيارة بحد أقصى.

وتشير دراسة وزارة الداخلية إلى أن كلفة ازدحام المرور تتجاوز 4 مليارات دولار سنوياً، وأن الأوقات التي يقضيها الشخص للانتقال من منطقة إلى أخرى، لاسيما في مناطق الاكتظاظ السكاني، تتجاوز 4 أضعاف الوقت الطبيعي، وترتفع هذه النسبة إلى 5 أضعاف في فترات الذروة والمناطق الصناعية والإدارات الحكومية.

أزمة متنامية

وتجمع الدراسات المرورية على أن أزمة الاختناقات آخذة في التنامي وسط غياب الحلول الجذرية، مشيرة إلى أن الاجراءات المتخذة منذ سنوات من قبل الجهات المعنية بالمرور، سواء وزارة الداخلية أو الاشغال أو البلدية، غير كافية لمعالجة هذه الأزمة، كونها لم تلامس جوهر المشكلة وتقتصر على معالجة نتائجها.

وتشير هذه الجهات إلى أن أوضاع الطرق في الكويت، على أهميتها، لا تبدو مؤهلة للتعامل مع ضعف قدرتها الاستيعابية من السيارات، وأن تفاقم الأزمة ناجم عن تزايد التمركز السكاني في المناطق العمرانية من دون التمدد إلى مناطق جديدة، وهذا يعني استطرادا المزيد من ضخ المركبات في مناطق مكتظة أصلا، فضلا عن ان تزايد الحالة العمرانية في مختلف مناطق الكويت ومنح تراخيص بناء دون اعتبار لمواقف السيارات باتا يؤثران على استيعاب الطرقات التي تحولت إلى مواقف للمركبات.

ويشكل تمركز المناطق الصناعية والمقرات الحكومية في المنطقة العمرانية أحد أسباب تفاقم الأزمة التي تتجه نحو التمدد إلى مناطق عمرانية جديدة، كما هو الحال في جنوب السرة وغيرها من المناطق التي تضم منشآت حكومية أو خدمية.

مشاكل التخطيط

وتعاني الطرقات وضعاً غير صحي ناجماً عن بعض المشاكل في التخطيط أو التنفيذ، ما يجعل كثيراً من الطرقات السريعة مفتوحة على مسارات فرعية ضيقة تتسبب في اختناقات مرور شبه دائمة، لا سيما الطرقات الدائرية الاساسية كالخامس والسادس، بالإضافة إلى الدائري الرابع الذي يمثل عنق زجاجة، رغم كونه يخدم كثافة سكانية ربما هي الأكبر في البلاد.

وإلى جانب هذه العوامل التي تشترك في مسؤوليتها وزارة الاشغال والبلدية تبقى مسؤولية وزارة الداخلية عنصراً أساسياً أيضاً، رغم تقاذف المسؤوليات بين الجهات السالفة.

وبحسب دراسات، فإن اجراءات «الداخلية»، المتعلقة بالمخالفات المرورية أو الضوابط المشددة لمنح رخص القيادة وتجديدها، لم تشكل رادعاً فعليا للأزمة القائمة، فرغم أن عدد المخالفات يتجاوز 18000 مخالفة يوميا، أي بمجموع 6.5 ملايين مخالفة سنويا حسب احصاءات العام 2014، مع تجاوز متوسط الوفيات السنوية في حوادث المرور 460 حالة تقريبا، فإن الأزمة قائمة ومتمادية.

ولعل أبرز ما يجعل «الداخلية» مسؤولة عن جزء من الأزمة، اضافة إلى الجهات الأخرى، عدم وجود رؤية مرورية واضحة، بدليل أن كثيراً من قرارات الجهات المرورية في الداخلية تتبدل بشكل تلقائي غير مدروس، ومن ذلك على سبيل المثال، منع استخدام حارة الامان ثم السماح بذلك في فترات معينة، وتقليص سرعة السيارات على الطرقات السريعة والداخلية، ثم التراجع عن القرار بعد يوم واحد من التنفيذ، وتحديد ضوابط مشددة لمنح رخص القيادة، ثم تجاوز ذلك باعتماد الواسطة والمحسوبيات في منح الرخص لغير مستحقيها.

حلول

وبعيداً عن تحديد المسؤوليات، تبقى الحلول هي الأساس والسبيل إلى معالجة الأزمة، علماً أن ذلك يبدو متعذرا في رأي الخبراء قبل سنتين على الأقل، لا سيما ان أي معالجة تحتاج إلى تطوير شبكة الطرق وتعزيز النقل العام والمترو والسكك الحديدية، والتوسع في المناطق السكنية خارج الحدود العمرانية الراهنة، واعتماد شبكة مرور حديثة في المناطق الجديدة تجنباً لتكرار الأزمة.

كما تتضمن الحلول أيضاً تعديل أوقات الدوام الوظيفي والدراسي بما يتيح توزيع عبء الذروة المرورية، ويقلص حالات الاختناق مع بداية الدوام ونهايته، فضلا عن وجوب إعادة النظر في اجزاء كثيرة من شبكة الطرقات القائمة لجهة شق مسارب جديدة وبناء جسور وتقاطعات تتيح انسيابية الحركة دون أي معوقات، فضلا عن اعادة النظر بنظام حارات الأمان المزدوجة في كثير من الطرقات.

ويخلص المعنيون بشؤون المرور إلى وجوب التشدد في منح رخص القيادة وكذلك في ضبط السيارات غير الصالحة للاستعمال، خصوصا أن وزارة الداخلية تشرِّع استخدام تلك السيارات بعد معاينتها سنويا، كما أنها تعمد إلى بيع مئات السيارات المتهالكة عن طريق المزادات العلنية على السيارات المحجوزة التي يكون أصحابها قد تخلوا عنها بسبب تقادمها وعدم صلاحيتها.

back to top