قرارات العمير «عشوائية»... والتعيينات الجديدة «ضريبة انتخابية»

نشر في 16-05-2015 | 00:09
آخر تحديث 16-05-2015 | 00:09
تغييرات مجلس إدارة مؤسسة البترول «زعزعت» القطاع وأفقدته العديد من الكفاءات
توالت ردود الأفعال «المستنكرة» على الصعد كافة لقرارات وزير النفط وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة علي العمير بشأن تغييرات أعضاء مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية، والذي لم يكمل مدته، لاسيما وسط حجم الضرر الذي ألحقه العمير بالقطاع.

ولفتت أوساط القطاع الاقتصادي بصفة عامة، والنفطي خاصة إلى أن تلك القرارات اتخذت عشوائياً، ولم تستند إلى الطريقة والأسلوب المتبع في القطاع النفطي، وتشكل زعزعة وعدم استقرار في القطاع النفطي من خلال تعيين المقربين من الوزير على حساب الأكفاء.

ورأت تلك الأوساط أن القرار جاء «ضريبة انتخابية»، مشيرة إلى أن التعيينات الجديدة لا تستند إلى تاريخ أو خبرة في القطاع النفطي مقارنة بالقيادات التي تم اقصاؤها.

وذكرت أن القطاع النفطي تاريخياً، خسر العديد من الكفاءات والقيادات الغنية بخبراتها، والتي تتسم بأمانة ومهنية عالية بسبب آليات التغيير التي تأتي غالباً لأسباب وأهداف سياسية، وأن مؤسسة البترول تعتبر من الأموال العامة للدولة وهي ملك الشعب الكويتي وأحد مكتسباته وأمانة في عنق مجلس ادارة مؤسسة البترول.

وشددت الأوساط على أنه لا يجوز أن يشغل منصب وزير النفط شخص من أعضاء مجلس الأمة المنتخبين كما هو حاصل مع الوزير العمير لأنه صاحب أجندة سياسية بعيداً عن المصالح الوطنية، على حد تعبيرها.

وأضافت في هذا الشأن أن القرارات ستكون أيضاً تحت ضغط الناخبين للواسطة وتخطي القانون وغياب العدالة، مطالبة بوضع حد للتدخلات «السافرة» والعلنية للسياسة في القطاع النفطي رافضة أن يتحول القطاع إلى دائرة انتخابية لمصلحة الوزير.

وشددت على وجوب إبعاد القطاع النفطي عن المحاصصة والتجاذبات السياسية، باعتباره ليس المكان المناسب لمثل هذه الأمور.

قال النائب والوزير الأسبق عبدالوهاب الهارون، إن «ما يتعرض له القطاع النفطي، الذي يعد شريانا استراتيجيا للدولة، عبث وتخريب بمعنى الكلمة ويجب إبعاده عن الوزراء والسياسيين»، لافتا إلى انه كلما تدرب جهاز أو فريق نفطي، واستقر الجهاز والفريق المشرف على النفط، «نجد من يأتي ويكون شغله الشاغل التغيير والتعديل، وما نأسف له أن التغير يكون للأسوأ».

وأضاف الهارون انه «من الأفضل وإزاء ما يحدث بشكل مستمر، حيث لن تكون الأولى أو الأخيرة هذه المحاولات والمساعي، ألا يترك أمر التغيير للوزراء والسياسيين، لأنهم لهم نوازعهم الشخصية والحزبية والانتخابية، وهذا قطاع مهم للدولة».

وتابع «يفترض أن تكون الآلية واضحة، بحيث تكون مدة الخدمة عدد معين من السنوات، وان يحل بعد القيادي من يليه بالمسؤولية الذي تشرب الخبرة والذي تدرب وبات جاهزا للقيادة، محذرا من الزج بمن هم خارج القطاع ولا يعرفون أي شيء عن طريقة عمله، «فليس كل اسم من الخارج يمكنه ادارة قطاع مهم بهذه الحيوية».

من جانب، قال رئيس شركة الناقلات الكويتية الأسبق، عبدالله الرومي، إن الوضع حاليا صعب جدا بسبب ندرة القيادات ذات الخبرة والمعرفة في المؤسسة، لأن الوزراء تخلصوا من أغلبها بإحالتهم إلى التقاعد، وأصبحت هناك فجوة بين الصفين الأول والثاني، مشيرا إلى أنه يجب عدم تغيير المجلس الحالي، والعمل على ترميم ما أفسده الزمان من معاول الهدم.

وطالب الرومي بضرورة حسن اختيار مجلس إدارة المؤسسة، بعيدا عن المصالح الانتخابية والحزبية، وأن يكونوا من ذوي الخبرة، ولا تكون لهم مصالح مع شركات القطاع النفطي، وأن يتحلوا بالنزاهة، وألا يلجأ الوزير للانتقام منهم إن لم يلبوا طلباته.

وتمنى كذلك ألا يشغل منصب وزير النفط أحد أعضاء مجلس الأمة المنتخبين، كما هو حاصل مع الوزير علي العمير، لأنه ومن التجارب المريرة التي مرت على القطاع ليست لديه خبرة في مجال النفط، وله أجندة سياسية بعيدا عن المصالح الوطنية، كما أن القرارات ستكون تحت ضغط الناخبين للواسطة وتخطي القانون وعدم العدالة.

تدخلات سياسية

من جهتها، قالت رئيسة مجلس إدارة شركة صناعة الكيماويات البترولية السابقة مها ملا حسين إن التدخلات السياسية أربكت القطاع النفطي، وهوقطاع مهم وحيوي وحساس يجب إبعاده عن المحاصصة والتجاذبات السياسية.

وقالت ملا حسين: ليس خافياً على أحد التداعيات والتبعات التي تعرض لها القطاع النفطي نتيجة التدخلات السياسية، متسائلة: لماذا نمشي بالعكس في الكويت؟ ولماذا لا نتبع نهج أرامكو والمملكة العربية السعودية في شأن الاستقلالية الكاملة التي يتم اتباعها وتنعكس على إنجازات ونجاحات القطاع؟

وأضافت أن هناك معايير واضحة للقياديين الذين يتم اختيارهم لتقلد المناصب التنفيذية والقيادية لكن البعض قد يعطلها، مشددة على أنه خلال فترة عملها كانت هناك معايير ثابتة ومستقرة تتبعها مؤسسة البترول وتكون عمليات الاختيار قائمة على أساسها.

ولفتت ملا حسين إلى أن القطاع النفطي فيه كفاءات وطنية وقيادات فنية على أعلى مستوى «يجب أن نحافظ عليها وأن تليها الكفاءات التي تشربت الخبرة والتدريب».

وجددت التأكيد على ضرورة إبعاد القطاع النفطي عن المحاصصة والتجاذبات السياسية، «فهو ليس المكان المناسب لمثل هذه الأمور».

تجاذبات ومحاصصة

من جهته، قال الرئيس التنفيذي في شركة إيكاروس، القيادي الأسبق في القطاع النفطي، سهيل بوقريص، إن القطاع النفطي خسر، تاريخيا، العديد من الكفاءات والقيادات الغنية بخبراتها، التي تتسم بأمانة ومهنية عالية بسبب آليات التغيير التي تأتي في الغالب لأسباب وأهداف سياسية.

وشخص بوقريص العلة في أن النظام المتبع سياسيا من البداية هو أن يأتي الوزير إرضاء لتيارات معينة او وفق محاصصة أو لأسباب قبلية ومذهبية وغيرها من الاعتبارات.

بعدها يأتي الوزير بأجندته الخاصة، وهذا نتاج طبيعي وتسلسل للبداية التي تم البدء فيها من نقطة التشكيل السياسي.

لكن من وجهة نظري الفنية أن الاعتبارات المتعلقة بالخبرة والتخصص والكفاءة والمتمرسين في العمل النفطي من البداية ومن تشربوا الخبرات هم من يجب التمسك بهم وإسناد المهام القيادية إليهم، لأن ذلك سينعكس على الأداء ويحمي القطاع المهم للدولة اقتصاديا.

وقال بوقريص: أعتقد ان القطاع النفطي كقطاع مهم للدولة والاقتصاد يجب إبعاده كليا عن أي تجاذبات أو تيارات سياسية أو حزبية أو الملفات الطائفية والقبلية.

خربان من زمان!

بدوره، قال الخبير النفطي كامل الحرمي، إن القطاع النفطي «خربان من عمر»، والوزير العمير انتهج نفس نهج الوزراء السابقين، فكلهم مارسوا نفس الإجراء.

وأضاف الحرمي أن كثيرا من الكفاءات في القطاع النفطي خرجت منه، معتبرا ان «هذا الأمر ترضى عنه الحكومة، وهو توجه عام، فكل من تبلغ خدمته 25 عاما يقولون له تفضل بغض النظر عن خبرته او كفاءته».

وتابع «لنكن جادين في اصلاح النظام المعمول به في الحفاظ على الكفاءات والتعيين وحق كل مسؤول وقيادي في ذلك»، مضيفا «ان كنا جادين فلنبدأ في اصلاح المطار وتعديله لأنه واجهة البلد».

وأشار الحرمي إلى أن «كل وزير يقوم بتعيين المقربين منه، كما هو الحال السائد في قطاعات كثيرة، فرؤساء إدارات يعينون 3 و4 أفراد من المقربين لهم».

 الكفاءة والخبرة

 من ناحيته، قال عضو غرفة التجارة والصناعة خالد الخالد، إن التغيير شيء جيد، ولكن يجب ان يكون للأفضل، موضحاً أنه من الجيد أن يتم تصعيد قيادات جديدة في قطاع مهم مثل القطاع النفطي، ولكن يجب أولاً تقييم أداء القيادات القديمة والجديدة بمقياس واحد وبآلية تقييم الكفاءة والخبرة والقدرة على الانتاج.

وتساءل الخالد عن آلية التقييم التي تم اتباعها في اختيار القيادات الجديدة، وهل تسير على القواعد المعمول بها في القطاع النفطي أم تم الاختيار بشكل عشوائي بدون دراسة حقيقية لملفات المعينين الجدد؟، مؤكداً أن سوء الاختيار في قيادات هذا القطاع الحيوي سيظهر تأثيره السلبي ليس على القطاع فقط ولكن على الاقتصاد الكويتي كله.

وطالب بضرورة وضع آليات وقواعد ثابتة يتم عن طريقها الاختيار والتقييم لاداء هذا القطاع، «حتى لا نقع في فخ العشوائية والاختيارات المتخبطة التي سيكون لها نتائج وخيمة».

زعزعة وعدم استقرار

بدوره، قال عضو المجلس الأعلى للبترول سابقاً موسى معرفي، إن «ما حدث من تغيرات في مجلس مؤسسة البترول الكويت يشكل زعزعة وعدم استقرار في القطاع النفطي بتعيين المقربين من الوزير على حساب الأكفاء»، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيصيب المجتهدين والمخلصين بالإحباط.

 وأكد أن هناك شبهة لمصالح انتخابية في الترشيحات النفطية على حساب مصلحه الوطن.

وأشاد معرفي بالرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول نزار العدساني، واصفاً إياه بأنه رجل ذو كفاءة عالية وحريص على مصلحة وطنه، منوها انه «كان الأجدر من مجلس الوزراء الاستماع لرأيه والتشاور معه».

وأوضح أن بعض الأسماء المطروحة لعضوية مجلس مؤسسة البترول تخالف مبادئ الحوكمة بحكم مناصبها، لكونها جهات رقابية، مضيفا ان  مؤسسه البترول تعتبر العاشرة ترتيباً بين شركات البترول العالمية من حيث الإنتاج والاحتياطيات، حيث لا يجوز أن يتولى مجلس إدارتها اشخاص ليست لديهم كفاءة وخبرة.

وحذر من مغبة النتائج التي ستولدها قرارات تمس أخطر مرفق في الدولة لم يوضع فيها اعتبارات لمصلحة الكويت ومستقبلها.

قرار عشوائي

من جانبه، أكد عضو غرفة التجارة والصناعة طارق المطوع أن قرار تغيير القيادات النفطية الذي تم اتخاذه بطريقة عشوائية لم يستند إلى الطريقة والأسلوب المتبع في القطاع النفطي، مشيراً إلى أنه قرار جاء كـ»ضريبة انتخابية»، فالتعيينات الجديدة لا تستند إلى تاريخ أو خبرة مقارنة بالقيادات التي تم إقصاؤها.

وأضاف المطوع أن منصب وزير النفط يتغير دائماً، فلا يمكن أن يقوم الوزير الذي قد يذهب في أي وقت، بتغيير قيادات لها خبرة تتجاوز الثلاثين والأربعين عاماً في مجال النفط، مبيناً أن هذه القيادات استطاعت فرض حالة من الاستقرار على القطاع خلال فترة خدمتها.

وأوضح أن القطاع النفطي هو الشريان الحقيقي والوحيد للكويت، لذا يجب أن يتم اختيار قياداته بشكل مدروس، مطالباً بضرورة التريث في اعتماد القيادات الجديدة، وألا يتم الامر بشكل متسرع وبدون دراسة حقيقية لملفات الذين سيشغلون هذه المناصب.

واستعان المطوع بالمثل الشعبي القائل «أعطِ الخبز لخبازه»، محذراً من أن توسيد الأمر لغير أهله سيؤدي إلى مشاكل في القطاع ستلقي بظلالها على الانتاجية والكفاءات الموجودة به، «فتعيين كوادر لا تفهم في النفط في مثل هذه المناصب الحساسة كسائق السيارة بدون (ليسن) أو رخصة قيادة».

طريقة العزل غير لائقة

من ناحيته، قال رئيس مجلس ادارة شركة ارزاق كابيتال القابضة صلاح السلطان انه يجب على الحكومة عدم التفريط في الخبرات الموجودة في مؤسسة البترول الكويتية، لأن تلك القيادات تملك الدراية الكافية بأعمال القطاع النفطي الذي يعتبر بلا شك عصب الحياة في الدولة.

وأضاف السلطان: «أنا مع تجديد الدماء في أي مؤسسة أو أي جهة اخرى، ولكن الطريقة التي تم فيها عزل بعض قيادات المؤسسة جاءت بشكل متسرع  وغير لائق بمكانتهم وخبرتهم الطويلة»، مشيرا الى انه اذا كان الهدف من هذا القرار هو تجديد الدماء فإن من المفترض ان يجعلوا القيادات النفطية مستشارين في مجلس الادارة ليستفيد الشباب من خبرتهم.

وأوضح السلطان أنه يجب ابعاد القطاع النفطي والقطاعات الاقتصادية الاخرى عن الحسابات السياسية والاهداف الشخصية، وأنه يجب وضع استراتيجية طويلة المدى لتجنيب القطاع النفطي أي أزمات محتملة في المستقبل على نطاق التعيينات أو عمل المؤسسة كلها.

تدخلات سافرة

من جانبه، طالب رئيس مجلس إدارة نقابة العاملين في شركة ناقلات النفط الكويتية يوسف الشايجي بوضع حد للتدخلات السافرة والعلنية للسياسة في القطاع النفطي، رافضا أن يتحول القطاع إلى دائرة انتخابية لمصلحة وزير النفط علي العمير.

وأضاف الشايجي أن «الوزير يكرس كل وقته لانهيار القطاع النفطي، وهو ما تم رصده بعد توليه المنصب، حيث قام بالتعاون مع بعض أعضاء مجلس الأمة لطرد الخبرات الكويتية من القطاع مع الإبقاء على العنصر الأجنبي»، بالإضافة إلى أنه «كان شغله الشاغل تغيير مجلس إدارة المؤسسة، حتى لو كلف هذا التغيير هدم القطاع حتى ينتصر ويطبق ما تحتويه أجندته وهو ما تم قبل أيام».

قيادي نفطي: مجلس المؤسسة هو المؤتمن لا الوزير... والقطاع يعيش أسوأ فتراته

أكد قيادي نفطي بارز، فضل عدم ذكر اسمه، ان مؤسسة البترول من الأموال العامة للدولة، وهي ملك ومكتسب من مكتسبات الشعب الكويتي، وهي أمانة في عنق مجلس إدارتها، لذا يجب على الشرفاء من نواب الأمة عدم السكوت عما يحدث من عمليات تنفيع وتغيير لمصالح انتخابية.

وكشف القيادي السابق أن أحد الأسماء التي طرحها الوزير هو شخصية تحمل الثانوية العامة، وكان موظفا برتبة رئيس نوبة، اي مشرف عمال، الا ان جواز المرور القوي له هو أن اثنين من ابنائه من المفاتيح الانتخابية للوزير المشرف حاليا على القطاع النفطي، وهذا امر معلوم للجميع.

وتابع «المؤتمن على التعيينات بالتخصص ووفق القانون هو مجلس ادارة مؤسسة البترول، وبالتالي الوزير لا حق له في فرض اي اسماء».

وذكر أنه «بعد تيقن الوزير من صعوبة تمرير بعض الأسماء اتجه الى تغيير مجلس ادارة المؤسسة للسيطرة على القرار واتى بخمسة موظفين من موظفي الحكومة السابقين لتعيينهم في المجلس، ومع صوته يصبح 6 أصوات من اصل 9، فيمكنه تمرير أي اسماء يريدها»، مشيرا الى أن «تجربة الموظف الحكومي عندما يعينه وزير في أي منصب لا يقول لا، ولا يعارض».

وأوضح ان مجلس ادارة المؤسسة معين بمرسوم أميري من صاحب السمو ويحظى بالثقة السامية، وبالتالي موقفه الفني والمهني يحتم عليه التصدي للمحاولات السياسية العبثية التي تهدم القطاع.

وأشار القيادي النفطي إلى أن «القطاع يعيش أسوأ فتراته حاليا نتيجة عدم الاستقرار والتجاذبات غير المهنية التي تؤثر على نفسيات كل العاملين به».

back to top