مفاجأة لم تكتمل
منذ شهرين كتبت مقالا "مفاجأة...ولكن"، وذكرت أن إقالة محمد إبراهيم وزير الداخلية تعتبر مفاجأة من العيار الثقيل فالرجل هو الشريك الأساسي في الحكم منذ 30-6-2013 ولولا دوره وما قامت به وزارة الداخلية ما استقر الحكم للنظام الحالي، وفي نهاية المقال تساءلت هل ستكتمل المفاجأة أم لا؟ وقلت إن اكتمال المفاجأة يكون من خلال محاسبة الوزير المقال (سلبا وإيجابا) على ما قام به خلال سنتين تولى فيهما الوزارة، وأيضا تغيير سياسة عمل وزارة الداخلية وأسلوبها.وللأسف حدث ما لم أكن أتمناه، ولم تكتمل المفاجأة، فلم تتم محاسبة الوزير المقال، واستمرت الوزارة في سياستها كما هي بلا تغيير ولا تبديل... استمرت على ذات النهج القديم وتطبيق شعار "الشعب والقانون في خدمة الشرطة"، بدلا من الشعارين المفترضين "الشرطة في خدمة الشعب" و"الشرطة في خدمة القانون"، واستمر أسلوب رجالها في التعامل مع المواطنين تطبيقا لما قاله السيد مدير أمن البحيرة في 25-2-2011 (كما نذكر جميعا) "احنا أسيادهم واللي تتمد إيده على سيده لازم نقطعها"، هذه هي حال الوزارة، وهذا أسلوبها ونهجها وسياستها، قبل الإقالة وبعدها (لم يتغير التعالي والكبر على المواطنين، ولم يتغير البطش والاستبداد واستمر إرهاب المواطنين وتعذيب المحبوسين والتنكيل بأسر المطلوبين) وأصبح لسان حال المواطن فيم كانت الإقالة إذاً؟ ولماذا؟هل صحيح (كما يشاع) أنها تمت بناء على طلب بعض قيادات الوزارة ذاتها؟ أم أن الأمر يتعلق بتصفية حسابات بين الكبار؟ وما دور الشعب والمواطن في ذلك؟ أم أنه كالعادة لا دور له ولا قيمة في حسابات النظام؟يبدو أن المفاجآت في مصر لا تكتمل شأنها شأن الجرائم، فكما هو معروف "لا توجد جريمة كاملة" ولا توجد أيضا مفاجأة في مصر كاملة، بدءا من محاكمة رموز نظام ما قبل يناير 2011 وبراءتهم إلى إقالة وزير الداخلية، وما سيتبع ذلك من مفاجآت. ***آخر الكلام: انشغل الشارع المصري في الأسبوعين الماضيين بمناظرة تلفزيونية، وبعيدا عن موضوع المناظرة وشخصيات المتناظرين، واستنادا إلى مبررات المناظرة (حق الاختلاف... حرية الفكر... الشك بداية الحقيقة... أنا أفكر إذاً، أنا موجود...إلخ) يدور في البال: هل "ممكن" أن نرى مناظرة أخرى بين مؤيد للنظام ومعارض له؟ وهل "ممكن" أن تسمح ذات المبررات بعقد مثل هذه المناظرة؟ وهل "ممكن" ألا يكون النظام أعلى قدسية من الدين والعقيدة؟سؤال تصعب الإجابة عنه... على الأقل في الوقت الحالي.