«الاتفاق النووي»... فرصة جديدة لتجاوز الكويت حالة الغرق في «النفط»

نشر في 09-04-2015 | 00:02
آخر تحديث 09-04-2015 | 00:02
No Image Caption
المطلوب إنجاز «الحرير» وتنويع الإيرادات والانطلاق إلى أسواق أوسع كشرق أوروبا ووسط آسيا
قبل 5 سنوات كانت الدراسات الخاصة بميناء مبارك الكبير في «بوبيان» تشير إلى أنه سيكون من أكبر الموانئ في الخليج، إذ سيحتوي على 24 مرسى، منها 4 مراس في مرحلته الأولى، بهدف استقبال 1.8 مليون حاوية سنوياً، اعتباراً من 2015. وها نحن اليوم في 2015 لا نعرف متى ستنتهي المرحلة الاولى!

بمجرد الإعلان عن الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى، والذي يترتب عليه تخفيف العقوبات الدولية على طهران تدريجيا إلى حين الغائها، دار الحديث محليا حول امكانية ان تؤدي الكويت دورا رئيسيا، وتكون محطة ترانزيت للبضائع من ايران واليها، وما يرتبط بها من اسواق مجاورة.

ولعل الاتفاق الذي سيكتب بشكل نهائي في شهر يونيو المقبل سيكون فعلا فرصة عالية الاحتمال لانتعاش الاقتصاد الايراني بعد سنوات من العقوبات الدولية، إلا ان هذا الانفتاح لن يكون بالضرورة في مصلحة الاقتصاد الكويتي، الذي يبدو أنه غير مستعد لأي عملية انفتاح او انفراج يمكن أن تحدث في المنطقة، نتيجة لضعف البنية التحتية وتهاوي اداء مؤشرات التنافسية الكويتية.

المنافسة على سوق كبير كإيران، خصوصا بعد دخول العراق أزماته السياسية وحروبه الداخلية، يمكن ان تكون انطلاقة الى اسواق اوسع كشرق اوروبا ووسط آسيا، وبداية لتنويع حقيقي للاقتصاد الكويتي الغارق في ايرادات النفط بنسبة هي الاعلى عالميا عند 93 في المئة.

وهنا نتحدث عن اعادة احياء المشروع الكويتي القديم «مدينة الحرير»، الذي طرح في الثمانينات من القرن الماضي، ولايزال مجرد فكرة لم تنفذ عمليا، لدرجة ان الجهاز الخاص بتطوير مدينة الحرير وجزيرة بوبيان لايزال الى اليوم بلا مجلس امناء ولا هيكل تنظيمي ولا حتى موظفين.

ما نحتاج اليه لنكون منافسين في مجال اعادة التصدير (الترانزيت)، هو بناء «دولة جديدة» بجوانبها الادارية والاقتصادية والسكانية، تعطي الكويت عوائد غير نفطية لذلك يعتبر مشروع مدينة الحرير المرتبطة بتطوير جزيرة بوبيان من المشاريع الطموحة جدا في الكويت إن صدقت النوايا ونجح التنفيذ، فمن ضمن الخطط توفير 400 ألف فرصة عمل فضلاً عن إضافتها إلى الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وفقا لدراسات حكومية، ما بين 70 و100 مليار دولار خلال 10 سنوات.

قبل 5 سنوات كانت الدراسات الخاصة بميناء مبارك الكبير في «بوبيان» تشير إلى أنه سيكون من أكبر الموانئ في الخليج، إذ سيحتوي على 24 مرسى، منها 4 مراس في مرحلته الأولى، بهدف استقبال 1.8 مليون حاوية سنوياً، اعتباراً من 2015.

وها نحن اليوم في 2015 لا نعرف متى ستنتهي المرحلة الاولى! واذا استمررنا وفقاً للآليات الحالية في تنفيذ المشاريع فلا أحد يعلم متى ستنتهي الاعمال الانشائية لتبدأ بعدها العمليات اللوجستية واستقطاب شركات التخزين والنقل والشحن والمناولة وغيرها. وهنا ربما يصح القول الشعبي «طارت الطيور برزاقها»، إذ ان هناك من لن ينتظر البطء الكويتي في المشاريع وسيأخذ حصته من السوق الإيراني باكرا.

ولعل مسألة الانفتاح الاقتصادي واقامة مشروع جديد ناجح في شمال الكويت لا تتعلق ببناء ميناء لم تنجز مرحلته الاولى منذ نحو11 عاما فحسب، بل تتعداه الى عدم وجود بيئة تنافس حقيقية تستطيع ان تستحوذ على حصة مهمة من الحصة التي يستحوذ عليها ميناء جبل علي في دبي مثلا.

وهنا نتحدث عن مؤشرات مخجلة بالنسبة الى دولة غنية كالكويت، التي تحتل المستوى الـ82 عالمياً في سهولة ممارسة الأعمال، والترتيب الـ60 في مستوى البنية التحتية، والـ63 في تطور الحكومة الإلكترونية، والـ98 في مؤشر كفاءة سوق العمل، والـ66 في مؤشر تمكين التجارة، والترتيب نفسه في الحرية الاقتصادية. وهذه مؤشرات غير مغرية بالمرة لأي مستثمر محلي او أجنبي لأن يبدأ استثماره من الكويت كون البيئة اصلا غير مشجعة.

بل إن اصدار لائحة تنفيذية لقانون اقتصادي او قطاع خدمي ربما يحتاج الى مدة لا تقل عن عام، وتصل الى نحو 5 سنوات، كما حدث مع اللائحة التنفيذية لقانون الخصخصة، وهي مدة طويلة جدا لا تتناسب مع طبيعة النمو المتوقع في المنطقة، بعد الاتفاق النووي، ومن ثم فإن الإدارة الحكومية إذا لم تكن جادة وحاسمة في التعامل مع المتغيرات الحالية فإن الفشل سيكون النتيجة النهائية.

الحديث عن ميناء حيوي للكويت لا يمكن فصله عن الحديث عن الأمن القومي للدولة، اذ ان وجود عمليات ومصالح لشركات عالمية في الكويت لا بد ان يكون درعاً منيعاً لاي خطر امني مستقبلي، كما انه سيثبت الحقوق والحدود تجاه اي ادعاءات تاريخية يمكن ان تنشأ في المستقبل، فضلا عن جدواها الاقتصادية كإيراد غير نفطي للدولة يعيد اليها جانبا من الدور الريادي للكويت القديمة، عندما كانت مركز ترانزيت تجاريا يربط الهند بشرق إفريقيا.

المفيد فعلا في موضوع العمل بالميناء ان الكويت لديها شركات متخصصة بعمليات الموانئ والنشاط اللوجستي، بل ان بعضها فاز بعقود اقليمية وعالمية تتخصص في عمليات الشحن والنقل والتخزين والمناولة والعديد من العمليات اللوجستية مما يوفر للميناء مجموعة من العملاء المتخصصين في ادارة انشطة كهذه تتطلب السرعة والانجاز في العمل.

لقد فات الكويت خلال السنوات الماضية الكثير من الفرص، ولم نعرف كيف نستغل الفوائض في معالجة اختلالات الاقتصاد، لا من حيث إصلاح سوق العمل عبر توفير مناخات وبيئات استثمارية مختلفة عن العمل الحكومي، ولا من ناحية تقليل هيمنة الدولة على الاقتصاد، ولا في طرح مشاريع وفرص ترفع نسبة الإيرادات غير النفطية مقابل نظيراتها النفطية، فكانت الكويت كلما سجلت فائضا قياسيا في إيراداتها سجلت معه تراجعا في تنافسية اقتصادها. واليوم نحن امام فرصة جديدة تتمثل بتحول إقليمي ربما يكون فرصة حقيقية لصناعة امر مختلف في الاقتصاد الكويتي... فهل نمتلك القدرة وقبلها الرغبة؟

back to top