تراجع أسعار النفط مصدر سعادة لدعاة «لعنة الموارد»
قد تمضي دول نفطية، مثل روسيا وايران نحو مزيد من الديمقراطية، بسبب تراجع أسعار النفط، ولكن الفكرة القائلة إن عوائد النفط الأدنى ستمهد السبيل نحو تطور ديمقراطي مستدام ونمو أقوى في أنظمة الموارد الغنية الدكتاتورية هو مجرد تفكير غبي.
تم تداول الأسعار الآجلة لخام برنت في نهاية الأسبوع الماضي عند نحو 49 دولاراً للبرميل أي بانخفاض بلغ 40 في المئة عن مستويات الذروة في السنة الماضية. ومن المحتمل أن يفضي ذلك الى انكماش اقتصادي وزيادة في عجز ميزانيات الدول الرئيسية المنتجة للنفط.وقد لا تكون هذه أنباء سيئة جداً إذا كنت تشارك في نظرية "لعنة الموارد" التي تقول إن امتلاك موارد طبيعية وافرة ليس نعمة بل لعنة، وهو أساس العديد من المشاكل التي تصيب الدول النامية. وبحسب هذا الخط من التفكير فإن هبوط أسعار النفط يمكن أن يسهل أيضاً حوكمة أفضل، وأن يفضي الى نمو اقتصادي أقوى في الأجل الطويل، وحتى الى خفض احتمال اندلاع حرب.
وإذا صحت هذه النظرية فإنها سوف تشكل سبباً كافياً يدفع صناع السياسة في الغرب الى الترحيب بانهيار أسواق النفط العالمية. ولكن لسوء الحظ، فرص حدوث موجة من التغيرات الديمقراطية في الدول النامية نتيجة هبوط أسعار النفط تعتبر ضئيلة في أحسن الأحوال.ومما لا شك فيه أن الدول الغنية بالموارد الطبيعية سوف تتعرض الى سنة صعبة وقاسية، ويرجع ذلك، الى أن النفط والغاز يشكلان ثلثي صادرات روسيا، على سبيل المثال، وتوفر عوائد النفط حوالي 45 في المئة من الدخل الحكومي. كما أن أي هبوط لأسعار النفط دون ما يقارب المئة دولار للبرميل سوف يفضي الى حدوث عجز مالي لدى الحكومة. ويشير صندوق النقد الدولي الى تشابه سعر "التعادل المالي" بالنسبة الى السعودية والعراق مع روسيا، كما أن الدول المنتجة للنفط، مثل نيجيريا والجزائر وايران وليبيا، تواجه أزمات ميزانية أكثر حدة وحالات ركود محتملة.الناتج المحلي الإجمالييكاد يكون في حكم المؤكد أن يفضي الانهيار في أسعار النفط الى خفض حصة الناتج المحلي الإجمالي والصادرات الناجمة عن النفط لدى منتجيه الرئيسيين. وهذه هي السمة التي يظن أتباع "لعنة الموارد" أنها أساسية للنمو الطويل الأجل في العالم النامي. يوجد العديد من النظريات حول سوء الاعتماد على الموارد. وخلال طفرات الموارد تصبح القطاعات الاخرى في الاقتصاد أقل تنافسية وبالتالي فهي تخفق في التطور. وقد ابتليت شريحة واسعة من الثروة الناجمة عن الموارد الطبيعية الوفيرة في افريقيا بالفساد والحروب الأهلية. كما أن عوائد النفط تدعم أنظمة الحكم المطلقة التي تستطيع سرقة الثروة وتجاهل الرأي العام بسبب غياب "العقد الاجتماعي" بين القادة السياسيين ودافعي الضرائب. ويعتبر هذا العقد الاجتماعي في صلب الحكومة ذات الكفاءة، ويقول أنصار نظرية لعنة الموارد إن غياب ذلك العقد يجعل الدول غير قادرة على الخروج من بؤس ما قبل التطور الصناعي. زيادة الضرائبوقد يدفع هبوط الأسعار الحكومات التي تعول على مبيعات النفط الى تمويل نفسها عن طريق الاعتماد بقدر أكبر على عوائد الضرائب من الشركات والمواطنين. ويقول أنصار نظرية لعنة الموارد إن التأثير الطويل الأجل سوف يتمثل في قيام حكومات أكثر كفاءة واستجابة ومزيد من التطوير السريع من لاغوس الى الرياض.ويشير بحث حديث العهد الى لعنة الموارد قد لا تكون لعنة بالمعنى الدقيق. وهي جزئية ومحددة السياق وأقل أهمية مما كان يعتقد في السابق. ويطرح فريدريك فان در بلوغ من جامعة أكسفورد وستيفن بولهيك من بنك دي نيدرلاندش أدلة على أن تقلبات أسعار الموارد قد تنطوي على تأثيرات طفيفة وغير مباشرة على معدلات النمو في الأجل الطويل في الدول، ولكن المؤسسات الضعيفة في تلك الدول تعتبر أكثر أهمية بقدر أكبر.وتبين للاقتصادي في جامعة آلاسكا الكسندر جيمس أن الدول التي تعتمد على الموارد ليست عرضة لنمو أبطأ من الدول الاخرى في قطاعات خارج الموارد، وأن المشكلة تكمن في كون قطاع الموارد ذاته يميل الى النمو بصورة بطيئة. ويخلص الى القول إن الدول التي تعتمد على الموارد لا تنمو ببطء لأن استخراج تلك الموارد قد أفسد المؤسسات الوطنية أو جعل القطاعات الاخرى أقل فعالية – بل "انها تميل الى النمو ببطء عندما تهبط الأسعار الدولية للموارد".وفيما قد تساعد الثروة النفطية بصورة هامشية على إسناد الأنظمة المطلقة فإن من الصعب العثور على تأثير متساوق على معظم الاجراءات الاخرى في جودة المؤسسات الحكومية. ويشير ماركوس براكنر من جامعة أديليد الى أن أسعار النفط الأعلى –وليس الأدنى– قد تساعد في بعض الأحيان في دفع أنظمة النفط الأوتوقراطية على التوجه نحو الديمقراطية.ويستمر الجدال حول لعنة الموارد، ويقول الاقتصادي كيفن تسوي من جامعة كليمسون إن الاكتشافات النفطية الكبيرة في الدول الأوتوقراطية تفضي الى مستويات أدنى من الديمقراطية بعد مرور ثلاثة عقود. ويشير أيضاً الى أن " التأثير يكون أقل حجماً مما كان يفترض في الأدبيات الاقتصادية ".وقد تمضي دول مثل روسيا وايران نحو مزيد من الديمقراطية – ولكن الفكرة القائلة إن عوائد النفط الأدنى سوف تمهد السبيل نحو تطور ديمقراطي مستدام ونمو أقوى في أنظمة الموارد الغنية الدكتاتورية هو مجرد تفكير غبي. (بزنس ويك)