اليونان مقترض بارع... فهل أوروبا مقرض محترف؟

نشر في 07-02-2015 | 00:04
آخر تحديث 07-02-2015 | 00:04
No Image Caption
قال وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس الأسبوع الماضي، إنه يريد التراجع عن التخلف عن سداد قروض إنقاذ بلاده المثقلة بالديون، وبدلاً من ذلك فقد اقترح مقايضة الديون القديمة بسندات جديدة يتم تسديدها إذا حقق الاقتصاد اليوناني نمواً.

هذه الخطوة ليست أخلاقية فقط، بل بارعة من وجهة تجارية أيضاً، وهي أسلوب معقول يتعين على مقرضيها النظر في مسألة قبوله.

اليونان دولة مفلسة، وكما يعلم أي مقرض محترف فإن شركة ما عندما تتعرض لإفلاس فإن أسلوب العمل الأفضل ليس في إجبارها على أخذ المزيد من الديون، بل عبر إعادة هيكلة القرض الحالي بحيث تصبح عملية السداد ممكنة.

كما أن خفض التكلفة ضروري أيضاً، ولكن شريطة ألا يعرقل ذلك العمل التجاري الى درجة تفقد الشركة مقومات الاستمرار. وإذا حدث ذلك فالكل سيخسر. وينسحب ذلك على الدول ولكن يبدو أن مقرضي اليونان قد عزموا على دفع أثينا نحو مزيد من الانزلاق الى الإفلاس لا الى الخروج من الأزمة.

وفي التركيبة الحالية، وبغية إرضاء مدينيها الذين يتكونون من البنك المركزي الأوروبي واللجنة الأوروبية، وصندوق النقد الدولي –والمعروفة باسم الترويكا- فقد طلب من اليونان اقتراض المزيد من المال لتسديد ديونها الراهنة وتبني إجراءات توفير يمكن أن تولد فوائض ميزانية تبلغ 7.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الـ15 سنة المقبلة. والهدف من ذلك هو خفض ديون اليونان من 175 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي الى 60 في المئة فقط.

ولننظر الى هذا الوضع: طلب من اليونان أن تحصل على ديون جديدة، بينما طلب منها أيضاً خفض ديونها القديمة عن طريق خفض الإنفاق.

وتكمن المشكلة في أن إجراءات التقشف المشددة قد لا توثر فقط على العائلات بل على الشركات أيضاً وبدرجة كبيرة تماماً. ومن دون الحفاظ على الخدمات الحكومية والبنية التحتية الوطنية التي تمكن من المضي في النشاط التجاري، فإن من المؤكد أن اقتصاد اليونان سينكمش بقدر أكبر، وسيعني ذلك أن نسبة أعباء ديونها من الناتج المحلي الإجمالي لن تنخفض بمرور الوقت بل سترتفع خصوصا مع هبوط الناتج المحلي الإجمالي فيها بنسبة 40 في المئة منذ سنة 2009. ومن شأن ذلك أن يبقي اليونان مفلسة لعقود مقبلة ويدفعها الى مستوى دولة فاشلة.

وسيمكن اقتراح وزير المالية اليوناني حول استبدال ديون بلاده بسندات دائمة ترتبط بالنمو الاقتصادي، وتستهدف تحقيق فائض بنسبة 1.5 في المئة اليونان من تسديد ديونها بطريقة أكثر واقعية.

وبالنسبة الى الترويكا، فهي مهتمة بوضع سابقة سيئة عبر إنقاذ اليونان من سلوكها غير المسؤول، وعانى الاقتصاد اليوناني التنظيم المفرط واللامبالاة البيروقراطية، وخلل النظام الضريبي، وشبكات السلامة الاجتماعية غير الفعالة، اضافة إلى مشاكل اخرى فترة طويلة من الزمن. ومن المنطقي أن نتوقع قيام اليونان بمعالجة هذه القضايا كشرط من أجل إعادة التفاوض حول ديونها.  

(مجلة فورتشن)

back to top