{السلام منتظراً}... نقاء جبال لبنان وسحر الصحراء

نشر في 06-11-2014 | 00:02
آخر تحديث 06-11-2014 | 00:02
No Image Caption
في معرضه الجديد {السلام منتظراً} في غاليري مارك هاشم في بيروت (30 أكتوبر -15 نوفمبر) الذي يضم 30 لوحة أكريليك، يستلهم الرسام التشكيلي اللبناني شوقي شمعون مواضيعه من الطبيعة، من بياض الثلج ومن مساحات الصحراء المترامية الأطراف برمالها الصفراء، وذلك بحثاً عن السلام، عن النقاء، عن زمن طفولي ولى وأخذ معه البراءة والجمال والعفوية والسلام.
 لا تخلو لوحات الرسام التشكيلي اللبناني شوقي شمعون من الوجود الإنساني، إلا أنه يبدو مثل ذرّة وسط المشهد الضخم الذي تجسده الطبيعة التي أسرت ريشة شمعون، وما زالت تنهل منها لغة تعبيرية رمزية تعكس التوق إلى  التحرر من الواقع والسفر إلى جماليات فقدت من الذات الإنسانية التي اعتادت الممارسات العنفية والتخريب.

لوحة شوقي شمعون غير محددة بمكان وزمان، فضاؤها رحب، وعوالمها خاصة تتفاعل مع الرائي، وتأخذه بعيداً إلى واقع لا يشبه واقعه، وإلى أمكنة تغوص في عمق فلسفة الوجود.

المسافات في لوحات شوقي شمعون طويلة لا نهاية لها، لذا يبدو الناس في أسفلها كأنهم يسيرون إلى هدف لا يمكن بلوغه وأن مشوارهم في الحياة قد ينتهي من دون أن يصلوا إلى الخلاص والراحة... وقد يكون ذلك لقناعة الرسام بأن لا نهاية للحلم وبأن الإنسان كائن صغير يحركه هذا الحلم لمتابعة الطريق نحو هدفه، وهو مدرك ألا مجال لبلوغه... في الأحوال كافة تعكس لوحاته لغة تشكيلية ديناميكية حددت هويته الفنية، ومنحته دعماً فكرياً لإكمال مسيرته التشكيلية.

تجريب معاصر

أحد أبرز الوجوه في الفن اللبناني المعاصر، تعتبر أعمال شوقي شمعون  (ميكس ميديا، وأكريليك) في طليعة التجريب المعاصر في الشرق الأوسط.  يتضمن معرضه الجديد مجموعات من اللوحات، تتميّز بمفردات جمالية خاصة به، وتكتشف أبعاد جبل صنين الذي تكلل هامته الثلوج، وسحر مزاج الصحراء المتقلب، وتعود إلى مسرح طفولته، إلى ذكرياته، في سعي مستمرّ  نحو السلام لنفسه وشعبه ووطنه، وهو يعبر عن ذلك في المساحات البيضاء في بعض لوحاته، وفي مشاهد الجبال الثلجية القاحلة النقية والكريمة، والكثبان الرملية الذهبية.

تعتمد فرادة شمعون في إيقاع الألوان والخطوط ضمن أبجدية بيانية محددة وخاصة به، ولغة تشكيلية نابضة بالحياة. البعد الإنساني وضعه أفقياً في أسفل هذا العالم الذي صنعه بنفسه، والأرقام المنمنمة ترمز إلى  المناظر الخلابة التي تنتظر السلام.

يتابع شمعون استكشاف تعبيرات جديدة في فنه، لقناعة منه ألا موضوع أو مسألة سيكون قادراً على التعبير عن حاجاته الجمالية. فهو في بحث دائم عن مصدر جديد للرسم  واكتشاف الطبيعة... مقاربته هذه ميزت تطوره كفنان، وشكلت مصدر إلهام له، وقدمت له الدعم الفكري والعملي الثابت وعززت قناعاته الفنية ومعتقداته.

ثقافة الصحراء

حفلت مسيرة شوقي شمعون الفنية بتجارب بعضها كان صرخة في وجه العنف وأخرى غوص في أعماق الطبيعة. الصحراء وثقافتها، في الماضي والحاضر، أثرت  فيه  إلى حدّ كبير، وأكسبته طاقة لكتابة فنية خاصة محورها النقاء وإعادة اكتشاف القيم الجمالية، والحنين إلى أرض الأرز، صنين، وادي البقاع، مسرح طفولته، خصوصاً عندما يغطيه الثلج… ورغبة ملحة للرسم بالتناغم مع ماضيه وحاضره ومستقبله وذاته.

ليست الصحراء رمالاً ينثرها على لوحته، بل تاريخ غني خطه رجالها في الماضي وهو مستمر في الحاضر ويتوق إلى المستقبل. تجاربه في لوحات تعبيرية (في التسعينيات) ذهبت أبعد من كتابة المشهد إلى معنى الخط في البحث عن جمالية الأبجدية الجديدة، ذلك كله بهدف تحرير الخط وبحثاً عن غرائبية روحية، مغنياً تجربته هذه بالتراكم الثقافي الذي حققه منذ بداياته لدى تردده على مراسم كبار الفنانين واحتكاكه بالمثقفين من التيارات الفنية والفكرية المختلفة.

يؤمن شوقي شمعون بأن للفنان الحرية في  التحرر من ماضيه ومن قيود الحاضر وابتكار لوحات تتعمق في السعي الإبداعي نحو كمال الشخصية إلى حد ما من دون الارتباط بشكل أو بآخر بهذا التيار وهذا الفنان أو ذاك.

back to top