بنوك دولية تحجم عن صفقات مع إيران بسبب العقوبات
قال مسؤول مصرفي إيراني كبير إن البنوك الدولية تحجم عن إجراء صفقات لتجارة المواد الإنسانية مع إيران خوفا من تعرضها لغرامات جراء انتهاك العقوبات الغربية رغم الخطوات الرامية لتسهيل التجارة.ويسمح نظام العقوبات - الذي فرضته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على طهران بسبب برنامجها النووي - بتجارة المواد الإنسانية مثل الأغذية والأدوية.
ولاتزال بنوك كثيرة تحجم تماما عن التعامل مع إيران بسبب الغرامات الكبيرة التي فرضتها السلطات الأميركية على إجراء صفقات مع دول تقع تحت طائلة العقوبات، من بينها الجمهورية الإسلامية، مثل غرامة قدرها 8.9 مليارات دولار فرضت على بنك بي إن بي باريبا الفرنسي.صعوبة إجراء الصفقاتوبدأ بنك الشرق الأوسط، الذي يتخذ من طهران مقرا له، يركز على تجارة المواد الإنسانية في الأول من نوفمبر 2012، مع تركيز على التجارة الإنسانية. ورغم ذلك فإن الرئيس التنفيذي للبنك برويز أجيلي قال إن البنك مازال يجد صعوبة في إجراء صفقات.وبنك الشرق الأوسط بنك خاص مملوك لمستثمرين من بينهم شركات إيرانية صغيرة ومتوسطة يمكن لكل منهم تملك حصة لا تزيد على 5 في المئة.وقال أجيلي لـ»رويترز» في مقابلة: «أصبح مجرد بدء إجراءات عملية بسيطة مثل فتح خطابات ائتمان لاستيراد مواد -حتى لو كانت مواد إنسانية- أكثر صعوبة وعناء».وأضاف أجيلي: «لا تريد البنوك (الدولية) المخاطرة. إنها تتفهم الأمر وتقول لنا إن هناك قواعد، لكنها تقول إن العائد المتوقع ليس كافيا لتحمل المخاطرة. إنها تقول إنه إذا حدث خطأ فستواجه غرامات ضخمة، وهذا ما يحدث في 99 في المئة من النظام المصرفي خارج إيران».«قنوات إنسانية»وتحاول إيران إقناع بنك إتش إس بي سي بإجراء صفقات إنسانية كان جمدها بسبب المخاوف من انتهاك محتمل للعقوبات.ويؤكد مسؤولون أميركيون أنهم وسعوا نطاق التراخيص المصدرة بشأن الأغذية والسلع الزراعية والأدوية والأجهزة الطبية لإيران.وأنشأوا أيضا ما يسمى «قنوات إنسانية» في أوروبا وآسيا لتسهيل التجارة المشروعة مع إيران، وهو نظام يتضمن قائمة من شركات دولية تمت الموافقة عليها والتي تستطيع القيام بأنشطة هناك، إضافة إلى بضعة بنوك تجارية.ومنذ فرضت عقوبات مشددة تتعلق ببرنامج إيران النووي في 2006 اتخذت الحكومات الغربية سلسلة من الإجراءات ضد شركات إيرانية، من بينها تجميد أصول وعرقلة تجارة ومنعها من إجراء تعاملات مع البنوك الغربية في محاولة لتقليص البرنامج النووي الذي يعتقد الغرب أنه يهدف لإنتاج أسلحة نووية وهو ما تنفيه طهران.وتعكف ايران على زيادة صادراتها من الصلب وتسعى لخطب ود المستثمرين الأجانب في مسعى طموح لمضاعفة انتاجها من الصلب إلى أربعة أمثاله خلال عقد واحد وتعويض ولو جزء يسير من الإيرادات الهائلة التي تخسرها طهران بسبب العقوبات الغربية على مبيعاتها النفطية. ووفقا لعرض توضيحي أعده «مجمع فولاذ مباركة»، أكبر منتج للصلب في ايران، فقد صدرت الجمهورية الإسلامية -التي يعتمد اقتصادها بشدة على قطاع التشييد- متوسط 1.35 مليون طن من الصلب في عامي 2011 و2012.وعلى النقيض من ذلك صدرت ايران 1.26 مليون طن من الصلب خلال أول سبعة أشهر من العام الحالي وفقا لبيانات رابطة منتجي الصلب في ايران.وقال عضو مجلس إدارة رابطة منتجي الصلب، بهادر اهراميان: «بفضل التوسع السريع في الانتاج المحلي في السنوات الأخيرة أصبح لدى ايران فائض من حديد التسليح ومكورات الحديد وحديد الكمرات وقطاعات أخرى مماثلة».ويذهب الجزء الأكبر من صادرات الصلب الايرانية للشرق الأوسط وشمال افريقيا ويتضمن أحيانا صفقات مقايضة أو إيداع الثمن في بنوك غير غربية لتفادي العقوبات.ولا تحظر العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على ايران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل تصدير الصلب. لكن تجارة الصلب أصبحت صعبة بسبب القيود المالية التي تمنع البنوك من تحويل مدفوعات دولارية مقابل الصفقات الايرانية.وتقول طهران إن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية وإن العقوبات الغربية تسببت في إضعاف عملتها وتقليص اقتصادها. ويتضاءل قطاع الصلب الإيراني أمام قطاع النفط أحد أعمدة الاقتصاد التي تستهدفها العقوبات الغربية.وتقدر قيمة ما تخسره ايران شهريا من مبيعات النفط جراء العقوبات نحو أربعة مليارات دولار.وعلى النقيض من ذلك تصل قيمة صادرات ايران من الصلب في أول سبعة شهور من العام إلى حوالي 6.3 مليارات دولار بالأسعار الحالية.اكتفاء ذاتيلكن جواد اردلان، مدير ايران للتجارة والاستثمار، وهي مؤسسة استشارية مقرها لندن، ولها مكتب في طهرن يرى أن الايرادات الاضافية ذات أهمية نظرا لأنها تمنح قطاع الصلب اكتفاء ذاتيا مما يحميه من تأثير العقوبات.ويقول اردلان: «الصلب والحديد الخام صناعة استراتيجية لايران. إذا لم يتوفر الصلب بشكل كاف في البلاد فستتوقف صناعة التشييد وستتضرر حوالي 50 صناعة أخرى مرتبطة بها وسيؤدي هذا بدوره إلى بطالة هائلة».وانتجت ايران 10.64 ملايين طن من الصلب الخام في أول ثمانية شهور من العام بارتفاع 6.9 في المئة عن الفترة المقابلة من العام الماضي وبزيادة نحو ثلاثة أمثال متوسط النمو العالمي البالغ 2.4 في المئة حسبما تظهر بيانات رابطة الصلب العالمية.ورغم هذه الزيادة فان ايران لاتزال بعيدة عن هدفها بالوصول بانتاج الصلب إلى 55 مليون طن سنويا بحلول عام 2025 تخصص منها عشرة ملايين طن للتصدير.وقال اهراميان: «الخطة تخضع الآن لمراجعة استراتيجية وسيتعين على الأرجح تعديلها بسبب التسويق والبنية التحتية وعوامل أخرى كثيرة».ولم تفلح مساعي «رويترز» للاتصال بالسلطات الايرانية للحصول على تعليق.ويقول خبراء في الصناعة إن المستوى المستهدف عند 55 مليون طن سيصبح في مهب الريح إذا باءت مفاوضات طهران مع القوى العالمية لانهاء أزمة البرنامج النووي بالفشل وظل اقتصاد البلاد مشلولا بفعل العقوبات.ومع ذلك يرى الخبراء أنه حتى في ظل أسوأ الاحتمالات ستواصل صناعة الصلب في ايران النمو وستساهم صادراتها في تفاقم تخمة المعروض العالمي وبالتالي دفع أسعار الصلب نحو مزيد من الهبوط.