ألواح المطالعة تؤثر سلباً في النوم
من الممكن لاستخدام جهاز إلكتروني مشعّ للضوء (كتاب إلكتروني) قبل ساعات من الخلود إلى الفراش، أن يؤثر سلباً في الصحة عموماً، واليقظة، والساعة اليومية التي تضبط نمط النوم اليومي وفق إشارات الوقت الخارجية، حسبما يؤكد باحثون في مستشفى Brigham and Women’s قارنوا التأثيرات البيولوجية لمطالعة كتاب إلكتروني بتأثيرات قراءة كتاب مطبوع. نُشرت النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة في مجلة Proceedings of National Academy of Sciences.
تقول آن ماري تشانغ، باحثة بارزة تحمل شهادة دكتوراه وعالمة أعصاب مساعدة في قسم النوم واضطرابات النظم اليوماوية في هذا المستشفى: {لاحظنا أن النظم اليوماوية الطبيعية في الجسم تختلّ بسبب الضوء الغني بالموجات القصيرة، الذي يُعرف بالضوء الأزرق، وينبعث من أجهزة إلكترونية مماثلة. فقد احتاج المشاركون الذين طالعوا كتاباً إلكترونياً إلى وقت أطول للاستغراق في النوم وقصرت فترة نومهم ليلاً. كذلك تراجع إفراز الميلاتونين في جسمهم وتأخرت الساعة اليوماوية، فيما تراجعت اليقظة في الصباح التالي، بخلاف مَن طالعوا كتاباً مطبوعاً}.أظهرت الأبحاث السابقة أن الضوء الأزرق يكبح إنتاج الميلاتونين، يؤثر في الساعة اليوماوية، ويزيد اليقظة، إلا أننا لا نعرف الكثير عن تأثيرات هذه التكنولوجيا الواسعة الانتشار في النوم. لا شك في أن استخدام أجهزة تشع ضوءاً قبل النوم، مباشرة، يشكل مصدر قلق بسبب تأثيرات قوية يتركها الضوء في نمط الجسم الطبيعي للنوم/اليقظة. نتيجة لذلك، قد يؤدي دوراً في تعزيز نقص النوم.
خلال دراستين على مدى أسبوعين تناولتا مرضى داخل المستشفى، طالع 12 مشاركاً كتباً إلكترونية على أجهزة iPad طوال أربع ساعات قبل النوم كل ليلة، خلال خمس ليالٍ متعاقبة. ثم كرروا العملية ذاتها مستخدمين كتاباً مطبوعاً. جاء التسلسل عشوائياً، مع مطالعة البعض الكتاب الإلكتروني أولاً أو قراءة الكتاب المطبوع أولاً. فتبين أن مَن استخدموا جهاز الـiPad احتاجوا إلى وقت أطول ليناموا، شعروا بنعاس أقل مساء، وأمضوا فترة أقصر في مرحلة النوم العميق. كذلك عانى مطالعو الكتاب الإلكتروني تراجعاً في إفراز السيروتونين، هرمون يرتفع معدله ليلاً عادةً ويؤدي دوراً في تحفيز النوم. بالإضافة إلى ذلك، واجه مستخدمو الـiPad تأخراً في النظام اليوماوي الذي تحدده معدلات الميلاتونين، بنحو ساعة على الأقل. كذلك شعر المشاركون الذين طالعوا الكتاب الإلكتروني بنعاس أقل قبل النوم، إلا أنهم كانوا أكثر نعاساً وأقل تيقظاً في الصباح التالي بعد ثماني ساعات من النوم. صحيح أن هذه الدراسة اعتمدت على أجهزة iPad، إلا أن الباحثين تناولوا، أيضاً، أجهزة قراءة إلكترونية أخرى، كمبيوترات محمولة، شاشات LED، وغيرها من الأجهزة الإلكترونية التي تولد الضوء الأزرق.يذكر تشارلز تشيسلر، طبيب حامل شهادة دكتوراه ورئيس قسم النوم واضطرابات النظم اليوماوية في مستشفى Brigham and Women’s: {خلال السنوات الخمسين الماضية، شهدنا تراجعاً في فترة النوم عموماً ونوعيته. وبما أن عدداً أكبر من الناس يختارون الأجهزة الإلكترونية كوسيلة للمطالعة، التواصل، والتسلية، خصوصاً الأولاد والمراهقين الذين يعانون، أساساً، نقصاً كبيراً في النوم، تنشأ حاجة ملحة إلى إجراء أبحاث وبائية لتقييم التأثيرات الطويلة الأمد لهذه الأجهزة في الصحة والسلامة}.يشدد الباحثون على أهمية هذه الاكتشافات، خصوصاً بعد التوصل أخيراً إلى أدلة تبرهن الرابط بين الكبح المزمن لإفراز الميلاتونين بسبب التعرض للأضواء غير الليلية وارتفاع خطر الإصابة بسرطان الثدي، سرطان البروستات، وسرطان القولون.